طباعة هذه الصفحة

دفعت بقوة نحو انسحاب ترامب من الاتفاق الايراني

إسرائيل تسعى لتبقى الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط

فضيلة دفوس

نقف في الفترة الأخيرة على جولات مكّوكية يقوم بها رئيس وزراء إسرائيل إلى دول أوروبية، هدفها الأساسي التعبئة ضد إيران وبرنامجها النووي، حيث لم يعد نتنياهو يدّخر مناسبة أو فرصة، إلا ويطلق فيها حملته الشرسة ضد الجمهورية الإسلامية، مدعيا بأنها تخدع العالم وتلتف على الاتفاق النووي الذي وقّعته مع الغرب في 2015، وتطوّر قدراتها في هذا المجال بشكل سري، وقد شهدنا الخرائط والإيضاحات التي عرضها رئيس وزراء إسرائيل عبر شاشات العالم في الفترة الأخيرة والتي تروّج إلى فكرة أن إيران تخدع العالم، وتواصل تسلحها النووي.
والمفارقة، أن الحملة الإسرائيلية حققت جزءا كبيرا من هدفها إلى حد الآن، حيث وجهّت ضربة قاصمة للاتفاق النووي الإيراني بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية الانسحاب منه، لتبقى أوروبا وحدها «تناضل» لأجل الحفاظ عليه بعد أن أكدت بأن مزاعم إسرائيل واهية وبأن طهران ملتزمة بجميع بنوده بشهادة وكالة الطاقة الذرية.
وفي انتظار ما تحمله الأيام حول حظوظ الاتفاق النووي الإيراني في الصمود، دعنا نقول بأن جميع المحللين السياسيين يجزمون بأن إسرائيل هي التي تؤلّب أمريكا ضد ايران من خلال ورقة النووي، وذلك لتبقى وحدها من يمتلك السلاح الرادع الذي تستقوي به على العرب.
ويؤكد هؤلاء المحللين بأن إسرائيل ورغم سياسة الغموض التي تنتهجها حيث لم تؤكد ولم تنف امتلاكها للسلاح النووي، فهي تملك بالفعل العديد من الرؤوس النووية، ويقولون بأنها بدأت برنامجها النووي في نهاية الخمسينيات بمساعدة فرنسا وبأموال ألمانيا في إطار التعويض عن المحرقة، حيث بنت مفاعل «ديمونة» في صحراء النقب وأبقت نشاطها طيّ الكتمان، فحرّرتها سياسة الغموض والسرية من الرضوخ لرقابة وتفتيش وكالة الطاقة الذرية وواصلت تطوير ترسانتها بعيدا عن أعين العالم.
وقد ساعدت الدول النووية الكبرى إسرائيل على إبقاء مسألة سلاحها النووي سرّا، ولم تحرجها يوما بطلب عرضها على التفتيش أوالرقابة كما لم تلزمها بتوقيع اتفاقية منع الانتشار النووي التي ترفض التوقيع عليها إلى اليوم.
لقد ظلّ ولا زال الكتمان والسرية جدارا يحول دون اكتشاف ما بلغته إسرائيل في مجال التسلح النووي، كما أن سياسة الغموض جعلتها في موقع القادر على توجيه سهامها للآخرين دون أن تتعرض لأي رد ّخاصة وأن الغرب كله وعلى رأسه أمريكا يحمي ظهرها.
يبقى أن نشير في الأخير، الى أن إقرار السلام في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر اكثر مناطق العالم توترا، ينبغي أن يمرّ عبر سياسة عادلة لنزع السلاح المحظور، لأن إبقاءه عند دولة دون أخرى سيدفع على العكس الى مزيد من سباق التسلّح، وبالتالي إلى مزيد من التوتر والمآسي.