طباعة هذه الصفحة

الدكتور حوسين بلخيرات لـ«الشعب» :

إنقاذ الإتفاق النووي الايراني مرهون بإرادة أوروبية قويّة

إيمان كافي

 ماذا بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، وهل بإمكان باقي الدول الموّقعة عليه ضمان استمراريته في ظلّ العقوبات التي يلوّح بها ترامب،أم أن رصاصة الرحمة التي اطلقها الرئيس الأمريكي أجهزت على كلّ أمل بحياة الاتفاق؟
هذه الأسئلة وأخرى توجّهت بها «الشعب» إلى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجلفة الدكتور حوسين بلخيرات، فكانت الأجوبة التالية؟

«الشعب»: الأطراف الموقّعة على الاتفاق النووي الإيراني جميعها أكدت التزام طهران به، وحتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية شهدت بذلك، لكن ترامب وحده رأى غير ذلك وانسحب منه، لما هذا الموقف ؟
حوسين بلخيرات: انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الايراني يقع في سياق أعم وهو نظرة الإدارة الأمريكية الجديدة للجمهورية الإسلامية، هذه النظرة المبنية على ضرورة احتواء السياسة الإقليمية لإيران، والتي عبر عنها وزير الخارجية الأمريكي من خلال وثيقة مرجعية تتضمن 12 شرطا مقدما لطهران من أجل الالتزام بها وهي شروط تتعلّق في معظمها بالسياسة الإيرانية في المنطقة وليس فقط بالملف النووي الإيراني، ففي تصور الإدارة الأمريكية الجديدة، الاتفاق النووي ساهم في تحفيز إيران لتمدد إقليمي أكبر بعد رفع العقوبات.
أي مخرج تتصوّرونه للمأزق الذي أوقعه الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، وهل سيناضل الأوروبيون للإبقاء عليه؟
  الإدارة الأمريكية الجديدة انسحبت بشكل فردي من الاتفاق النووي عكس وجهات نظر باقي الأطراف الموقعة عليه، حتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تسجل أي اختلالات في الالتزامات الإيرانية منذ توقيع الاتفاق، لكن الإدارة الأمريكية الحالية مصرة على إعادة التفاوض حول مضمونه، لأنه لا يوفر بالنسبة إليها ضمانات كافية تحد من الطموحات النووية لإيران، إلا أن وجهة النظر هذه تتصادم مع رؤية ومصالح بقيه الأطراف، خاصة الطرف الأوروبي الذي تملك شركاته مصالح مباشرة فيه، والسجال الحاصل الآن بين الولايات المتحدة والدول الأوربية هو حول قيمه الضمانات التي تحدّ من الطموح النووي الإيراني، لكن بالمحصلة يجب الإقرار بأن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق أحدث توترا واضحا في العلاقات الأوروبية الأمريكية وإن كان ذلك مرتبط بجوانب عديدة وليس بالملف النووي الإيراني لوحده.
ومع أنه من المرجّح أن تستمر المساعي الأوربية لإنقاذ مضمون الاتفاق مع محاولة التنسيق مع الطرف الأمريكي حول الضمانات الكافية، إلا أن مشكلة الإدارة الأمريكية الحالية لا تتعلّق فقط بمضمون الاتفاق، لذلك فإن المسألة قد تخضع لمنطق المساومة بين الطرفين.
لاشك أن إسرائيل كان لها دور كبير في الانسحاب الأمريكي من الاتفاق الإيراني، وقد وقفنا على الحملة التي شنها نتنياهو في هذا الاتجاه، ما تعليقكم؟
 نستطيع القول، بأن هناك ما يشبه التطابق في موقف الإدارة الأمريكية الحالية والموقف الإسرائيلي اتجاه موضوع الملف النووي الإيراني، فكليهما يرى أن الاتفاق النووي كان خطأ استراتيجيا، سمح لطهران بالتحفز أكثر في ممارسة سياساتها الإقليمية، كما أن كليهما يعتبر أن الاتفاق لم يوفر الضمانات الكافية للحدّ من الطموح النووي الإيراني، بل أن هناك اتهامات مباشرة بأن إيران تطور برنامج نووي سري واستغلت بالنسبة، لكلا الموقفين ثقة المجتمع الدولي للتغطية على ذلك.
 أيّ مآل للاتفاق وهل من الممكن إنقاذه؟
 بالنسبة لمستقبل الاتفاق، فإنه من المستبعد أن يتمّ إلغاؤه لأن الأطراف الأخرى الموقعة عليه لم تبد أي اعتراض على نتائجه تطبيقاته وهو ما يتوافق مع رؤية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالإضافة إلى التداعيات المتوقعة للالغاء، حيث كانت هناك تهديدات إيرانية صريحة بالعودة إلى مسار تخصيب اليورانيوم بنسب عالية، هذا بالإضافة إلى التداعيات السلبية والمباشرة على مصالح الشركات الأوربية، كل هذه المعطيات تؤكد أن السجال بين الطرفين الأمريكي والأوربي حول هذه المسألة سيظل مستمرا إلى غاية الوصول إلى حل.