طباعة هذه الصفحة

ملامح تقارب بين “محور الشر” و”الشيطان الأكبر”

توفيق يوسفي

بدأت نسمات التفاؤل تهب في سماء العلاقات المتأزمة بين طهران والبلدان الغربية منذ تمكن التيار الإصلاحي من السلطة من خلال الرئيس حسن روحاني الذي يوحي بأنه يتبنى سياسة معتدلة ويحمل إرادة حقيقية لإزالة الخلافات مع الغرب والتوصل إلى حل للنزاع النووي.

من الواضح، أن الحكومة الإيرانية الجديدة تظهر منذ وصول الرئيس روحاني إلى سدة الحكم توجها مغايرا تماما لتوجه سلفه أحمدي نجاد، وأبرز مؤشر على ذلك نقله للملف النووي من يد المجلس الأعلى للأمن القومي الذي يسيطر عليه المحافظون إلى وزارة الخارجية التي يشرف عليها ظريف المحسوب على التيار المعتدل، فهو خريج الجامعات الأمريكية، كما شغل من قبل منصب مندوب إيران لدى الأمم المتحدة.
فقد بدأت ترتسم ملامح سياسة جديدة لإيران تمكنت لحد الآن من أن تبث بعض الدفء في أوصال العلاقات الإيرانية الغربية المتجمدة رغم أن أكثر المحللين تفاؤلا كانوا يجزمون في عهد نجاد بأن كسر الجليد في العلاقات الإيرانية الأمريكية خصوصا ليس صعبا فحسب وإنما مستحيلا، فمشاعر العداء وانعدام الثقة سادت على مدار أكثر من ثلاثة عقود بين “محور الشر” وفق النظرة الأمريكية و«الشيطان الأكبر” حسب الوصف الإيراني.
وحاليا نفس هؤلاء المحللين وإن أصبحوا يقرون بأن هناك بوادر حقيقة وآمال ممكنة فعلا، إلا أنهم لا يزالون يتخوفون من جملة من التحديات المعقدة التي قد تنسف هذه الآفاق في نهاية المفاوضات رغم ما توفره من بيئة جيدة للمحادثات ولمستقبل حلحلة القضية.
فهم يكادوا يجزمون بأنه من الصعب أن تتمخض المحادثات المقبلة المقررة يوم 7 نوفمبر القادم عن نتائج ملموسة، ويستندون في ذلك إلى أن الموقف المبدئي لطهران لم يتغير لحد الآن رغم الإشارات الإيجابية لحكومة روحاني. إن التعقيدات المتشابكة للملف النووي الإيراني ووجود تحديات أمام كافة الأطراف المتفاوضة وفق هذا الطرح تجعل الاعتقاد يسود بأن نتائج المحادثات المقبلة ستكون محدودة.
ما يخشاه الجميع هو ثقل المشكلة الرئيسية التي تتمثل في كيفية معالجة أنشطة تخصيب اليورانيوم، وخاصة التخصيب بنسبة 20 بالمائة، لأنها قريبة جدا من الوصول إلى مادة إنتاج الأسلحة النووية، حيث ترفض إيران تماما نقل اليورانيوم المخصب إلى الخارج ووقف هذه الأنشطة وتؤكد على حقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، غير أنها وافقت مؤخرا على مبدأ التفاوض بشأن مستوى أو كمية التخصيب فقط.
وفي ظل كل ذلك تتزايد حاجة إيران بشدة لرفع العقوبات خصوصا تلك المفروضة على البنك المركزي لأنها تؤثر مباشرة على عائدات تصدير النفط لارتباط هذه التجارة بالدولار الأمريكي، لذلك فإن توقف هذه العائدات يشكل ضربة قاصمة للاقتصاد الإيراني.
المعطيات الجديدة المتعلقة بالملف تعطي الانطباع بأن الإدارة الأمريكية ماضية فعلا على طريق إرساء تقارب مع طهران، حيث طلبت من الكونغرس، أياما قبل انطلاق الجولة المفاوضات المقررة نهاية الأسبوع الأول من الشهر القادم، التريث في فرض عقوبات جديدة على إيران بغية ترك الباب مفتوحا أمام المرونة في المفاوضات.