طباعة هذه الصفحة

12 حاملا لمشروع “تيبازة ولاية نموذجية خضراء”

صناعة «الكومبوست» رهينة ندرة الأوعية العقارية

تيبازة: علي ملزي

لا يزال حاملو مشاريع صناعة الكومبوست المستفيدون من تكوين نوعي ومتخصّص بالمعهد المتخصّص لحجوط في إطار مبادرة تيبازة ولاية نموذجية خضراء يترقّبون دورهم في الاستفادة من أوعية عقارية على مستوى مناطق النشاطات تتيح لهم تحقيق تطلعاتهم.
ضمن مسعى اختيار تيبازة ولاية نموذجية في الاقتصاد الأخضر، تمّ إطلاق حملة ترويجية واعلامية واسعة سنة 2014 لانتقاء مجموعة من الشباب المهتمين بهذا المجال ليتم الاتفاق أخيرا على اعتماد مشروع رسكلة نفايات الخضر والفواكه بسوق الجملة للحطاطبة، وتحويلها الى أسمدة طبيعية في بادرة هي الأولى من نوعها بالجزائر، وخلصت اللجنة الولائية المتعددة القطاعات والمعنية بتجسيد مشروع الاقتصاد الأخضر الى اقتراح تكوين المهتمين، الذين تمّ انتقاؤهم بالمعهد الوطني للتكوين المهني بحجوط قبل مرافقتهم من طرف أجهزة دعم التشغيل لتشكيل مؤسسات مصغّرة تمكّنهم من تجسيد المشروع على أرض الواقع، بحيث أسفرت الدراسة المتأنية للمشروع عن تسجيل جملة من السلبيات التي بوسعها الوقوف حجر عثرة دون بلوغ المبتغى، وهي تتمثل أساسا في توفر عامل المخاطرة لنقص المعلومة وصعوبة التمويل وتفشي البيروقراطية، غير أنّ الرغبة الملحة في توفير أسمدة عضوية بديلة للأسمدة الكيميائية التي يصعب الحصول عليها لأسباب امنية ووفرة المادة الأولية وبالمجان، إضافة إلى المزايا البيئية شكّلت جميعها جملة من العوامل الايجابية التي ساهمت في تبلور المشروع وتطوره، بحيث استعان القائمون على المبادرة بمنشأة متخصصة في رسكلة النفايات على مستوى حديقة التجارب بالحامة لضمان تكوين تطبيقي شامل للراغبين في الاستثمار في المشروع، الذي يعتمد على تحويل المادة الأولية الى أسمدة طبيعية تستعمل من طرف الفلاحين عوضا عن الأسمدة الكيميائية المستعملة حاليا، وقد يتعلق الأمر في مرحلة أولى بتخفيض وتيرة استهلاك الأسمدة الكيميائية حفاظا على الصحة البشرية، مع الاشارة الى إمكانية استعمال مجمل نفايات أسواق الخضر والفواكه التي يستغنى عنها بمراكز الردم التقني، وكذا بقايا أوراق الأشجار المتساقطة كمادة أولية قابلة للتحويل الى مادة قابلة للاستغلال مباشرة، الامر الذي بوسعه فتح مجالات واسعة لتحقيق الرفاهية وتنظيف المحيط والحفاظ على الصحة البشرية، إضافة الى توفير مناصب شغل عديدة.
تتمّة للمشروع تلقّت المجموعة المختارة تكوينا نظريا وتطبيقيا بتأطير من خبراء ألمان ممثلين لمجموعة GIZ وأساتذة من المعهد، بحيث تمّت إضافة مادتين هامّتين لبرنامج التكوين تعنيان بالاطار القانوني لرسكلة النفايات بالجزائر، مع المشاركة في تحضير محتوى البرنامج التكويني الذي شمل مواد كيفية إجراء عملية الكومبوست وتأمين ومراقبة النوعية وتثمين الخبرة التطبيقية، إضافة الى المعلومات العامة المتعلقة بهذا الموضوع.
وعلمنا من مدير معهد حجوط المتخصص، بأنّ بداية التكوين التي شرع فيها في 8 نوفمبر 2015 شهدت إقبال 21 شابا مهتما بالموضوع، إلا أنّ عوامل مختلفة حالت دون استمرار العديد منهم في العملية، بحيث لم يتحصّل على الشهادة سوى 12 شابا دون غيرهم لمثابرتهم وإتمامهم لتكوينهم الشامل على مستوى المعهد، والذي تمّ على مدار 5 أشهر بمعدل أسبوع واحد في كلّ شهر.

 استراتيجية واعدة

ولأنّ المشروع يعتبر استراتيجيا وواعدا وذي صلة بالصحة البشرية والمنتوج الفلاحي للجودة العالية، فقد بادر المتخرّجون من عملية التكوين الى تكوين ملفات الاستثمار في المجال على الجهات المعنية بالولاية بخلفية الحصول على قطع أرضية عبر مناطق النشاطات المنتشرة بالولاية، إلا أنّه لا أحد من هؤلاء تمكّن من الاستفادة من الأرضية المناسبة لتجسيد مشروعه، ولا يزال مجمل المعنيّين يصارعون الزمن ويتحسّرون على ضياع فرصة الاستثمار في اطار برنامج الاقتصاد الأخضر. وأكّد ممثل المجموعة علي زهراوي على أنّ مديرية الصناعة والمناجم الوصية على الاستثمار بالولاية لم تعد متحمّسة أصلا لهذه المبادرة، كما تخلّى العديد من الشّركاء من قطاع الفلاحة عن التزاماتهم بالمتابعة والمرافقة وفقا لمبادرة تيبازة ولاية نموذجية للاقتصاد الأخضر، ومن ثمّ فقد تراجع مؤشر صناعة الكومبوست خطوات عديدة الى الوراء بعدما تعرّض المبادرون لتجسيده لجملة من العراقيل والصعاب التي عجزت جميع الجهات المعنية عن النظر فيها وتذليلها.
وأكّد ممثل المجموعة علي زهراوي بأنّه انخرط بمعية زملائه عن طواعية وعن حب وقناعة بمشروع «تيبازة ولاية نموذجية في الاقتصاد الأخضر» عن منطقة الوسط على غرار ولاية وهران بالغرب وولاية عنابة بالشرق، إلا أنّ حاجة المشروع لعقار صناعي واسع نسبيا أرغم العدد الأكبر من المجموعة على تقديم طلبات فردية للحصول على العقار للجنة الولائية المختصة خلال سنة 2016، إلا أنّهم لم يتلقّوا الردود على ذلك الى حد الساعة، ولا يزال الاشكال قائما بهذه الصفة الى اشعار آخر، إلا أنّ ذلك لم يمنع حاملي مشاريع من ذات المجموعة من طرق أبواب الوكالة الولائية لدعم تشغيل الشباب التي منحتهم الفرصة للاستفادة من مرافقة شاملة لانشاء مؤسسة مصغرة، بحيث شرع كل منهما في العمل بصفة جزئية على مستوى فضاءات عقارية تمّ استئجارها من خواص، مع الاشارة الى أنّ احدهما مهندسة دولة متخصصة والآخر مستثمر في المجال سبق له خوض تجربة انتاجية متواضعة في مجال الكومبوست في مرحلة سابقة.
ولأنّ المادة الأولية لصناعة الكومبوست تعتمد بالدرجة الأولى على بقايا المواد العضوية، والتي تندرج ضمنها الخضر والفواكه المتخلى عنها بسوق الحطاطبة، فقد علمنا من إدارة السوق بأنّ مصالحها تدفع ما قيمته 7 ملايين دج سنويا للتخلّص من مختلف النفايات الناجمة عن عدم تسويق كميات كبيرة من الخضر والفواكه، بحيث يتمّ تصريف ما معدّله 300 طن شهريا وعلى مدار السنة الامر الذي يتطلب نقلها الى مركز الردم التقني للنفايات الكائن بنفس البلدية، ولولا إقدام بعض مربّي المواشي على التزوّد بكميات هامّة من ذات النفايات دوريا لغرض تغذية مواشيهم لكانت الكارثة أكبر، إلا أنّ الاشكال يبقى قائما ومطروحا بحدّة، الأمر الذي يستلزم التفكير مليا في طريقة جادة لتحويل النفايات عوضا عن تصريفها بمركز الردم التقني.
وبتوفّر المادة الأولية وحاملي المشاريع والتقنيات أبضا، يبقى عائق العقار الصناعي الذي لم يستغّل وفق نظرة استراتيجية بعيدة المدى مشكلا حقيقيا يؤرق المستثمرين والراغبين في إنشاء مؤسسات إنتاجية واعدة في الاقتصاد الأخضر، إلا أنّ الأمل يبقى مع ذلك قائما في مدى جدية التغيير المرتقب في توجيه الاقتصاد الوطني من طرف الحكومة الجديدة.