طباعة هذه الصفحة

17 نقطة سوداء بطرق تيبازة العام المنصرم

العنصر البشري هو المسؤول المباشر

تيبازة: علاء ملزي

أحصت لجنة ولائية مختصة 17 نقطة سوداء حصدت العديد من الأرواح وسبّبت الكثير من المتاعب الصحية لمستعملي الطريق خلال العام المنصرم واقترحت خلالها عدّة حلول تقنية للقضاء عليها والتصدي لتداعياتها السلبية، الا أنّ تزامن الفترة مع مرحلة ترشيد النفقات حال دون اتخاذ إجراءات عملية كفيلة بإرجاع الامور الى نصابها من طرف مصالح الأشغال العمومية، لاسيما وأنّ معظم تلك النقاط عبارة عن منعرجات خطيرة واكتفت ذات المصالح بوضع ممهلات واشارات عمودية وأخرى أفقية للتقليل من هول الحوادث المميتة التي أضحت تشكّل عنوانا دائما لتلك النقاط ومن ثمّ فإنّ الخطر لا يزال داهما ولا تزال الحوادث تسجّل هناك دوريا بالرغم من الانخفاض المحسوس في وتيرتها، ويبقى الحل المستعجل والأمثل حسب المكلف بالاعلام بمديرية الحماية المدنية الملازم الأول محمد مشاليخ، يكمن في التوعية والتحسيس لفائدة مستعملي الطريق وسائقي المركبات من حيث خطورة تلك النقاط وضرورة توخي الحيطة والحذر عند العبور عبرها.

غير أنّ ما يشاع عند عامة الناس ببعض هذه المسالك الخطرة كون بعضها يقطنها عالم الجن الذي يتسبّب في إلحاق الأذى للانسان في ظروف لا تكون عادية في الكثير من الحالات ولاسيما حينما يكون السائق يسير بسرعة منخفضة فيحصل له مكروه وتتعرض مركبته للانحراف كما قد يصل الامر الى تسجيل جرحى وموتى في حوادث اخرى كما يعتقد بعض السائقين بأنّ أسباب الحوادث لا ترتبط بهم اطلاقا، وأنّها خارجة عن نطاقهم بحيث أنّهم لا يؤمنون اطلاقا بالتقارير التي تشير الى كون النسبة الكبيرة من الحوادث ترجع الى العنصر البشري وأنّ نسبا ضئيلة أخرى لها علاقة بحالة الطريق وحالة المركبة، ومن ثمّ فإنّ السائق كثيرا ما يلجأ لربط ما يحصل له بالطريق بأذى الجن الذين يقطنون بعض المناطق لأسباب مختلفة كما تنزف دماء بها بغير وجه حق وذلك ما حصل خلال العشرية السوداء التي مرّت بالجزائر وقد ترتبط هذه الفكرة باسباب اخرى لا يدركها الا أهل الاختصاص.
وتعليقا حول هذا الاعتقاد الشائع في الوسط الشعبي لاسيما حينما يتعلّق الأمر ببعض المسالك، فقد أشار إمام مسجد تيزي لعزيب محمد شرفاوي الى أنّ الجنّ خلق لوظيفة تماثل تلك التي خلق من أجلها الانسان وأنّ الجنّ ليس مكلفا وليس مخولا بالتسبب في أذى الانسان وليس له سلطان على العبد، وبالتالي تبقى هذه الأماكن التي تكثر بها حوادث المرور غير معنية بأذى الجن وإنما تعود أسباب حوادث المرور الى العنصر البشري بالدرجة الأولى، لاسيما وأنّ الانسان مكرّم بالعقل لتمييز الأمور التي تهلكه من غيرها، كما انّ الله تعالى حرّم الاعتداء على النفس بالقتل والتنكيل، ومما جاء عن موضوع الطريق في شرعنا كونه فضاء يتساوى فيه الناس في الحقوق ويمنع فيها التسبب في أذى الآخرين ويمكن تلخيص ذلك في أربع نقاط تعنى أولاها بالحق في استعمال المركبات لسلك الطريق في آمان وبدون تكبّر ولا تجبّر وتعنى الثانية بتطبيق أحكام الجنايات عما تحدثه المركبات من أضرار ولا يعي من هذه المسؤولية الا الحالات الخاصة وتتعلّق النقطة الثالثة بضرورة احترام القوانين المتعلقة بالمرور من منطلق العمل بالمصالح المرسلة وتعنى النقطة الرابعة في متابعة المتسبب في الضرر دون غيره وهي نقاط تجمع على مراعاة المصلحة العامة عند حصول حوادث مرورية على مستوى الطرقات وكون المصلحة المرسلة هي الالتزام بالمسؤولية الملقاة على عاتق العابر للطريق، ويمكن ربط حركة المرور عبر الطرقات بالقاعدة الشرعية الشهيرة التي تؤكّد على أنّه لا ضرر ولا ضرار وتجبر كلّ مستعمل للطريق على تحمّل قدر كبير من المسؤولية وعدم إلقاء اللوم على الآخرين سواء تعلّق الأمر بعالم الإنس او حتى عالم الجنّ مع تثبيت الاعتقاد بأن الجن لا يسيطر على الانسان الا في حالات نادرة ومحدودة لاعلاقة لها بمواقع اقامة الجن التي طردت من الأرض نحوالبحار والمحيطات قبل أن يلج البشر على الأرض اليابسة، ومن ثمّ فإنّه بقدر اعتقاد مستعمل الطريق بأنّ الجنّ لا دخل له في هذه القضية بقدر ما تجنّب حوادث المرور لأنّه سيصبح في هذه الحالة أكثر قدرة على تحمّل مسؤولياته في احترام القواعد والضوابط المتعلقة بالمرور دون التسبب في إزهاق الأرواح والتسبّب في الحاق الأذى بالآخرين، وتبقى الأسباب المباشرة في تلك الحوادث تتعلّق أساسا بعدم احترام الاشارات المرورية والسرعة المفرطة وتعمّد الحاق الأذى بالغير بعيدا عن واقع احترام السنن الكونية من جهة واحترام الغير من جهة ثانية وهوالاحتمال الأقوى لحصول الحوادث.