طباعة هذه الصفحة

الالتزامات في مهب الرّيح بعين الدفلى والشلف

الرّبح يطغى على مفهوم الخدمة

عين الدفلى / الشلف: و - ي - أعرايبي

يعرف قطاع النقل للخواص بولايتي عين الدفلى والشلف تراجعا مخيفا على مستوى الخدمات والتنظيم الذي صار يحدث تذمرا من طرفي مستعملي المركبات والحافلات وسيارات الأجرة على مستوى الخطوط بين البلديات والولايات، رغم التعليمات التي أسدتها وزارة القطاع للمديريتين الولائيتين لتحسين الوضعية واحترام القوانين ضمن هذا القطاع الإستثماري الحساس بهاتين الولايتين.

الوضعية التي عاينّاها أصبحت لا تطاق في ظل حالة الإهمال والتسيب من طرف أصحاب المركبات وسيارات الأجرة وحافلات النقل بين الأرياف والتجمعات السكانية الكبرى والبلديات والولايات. يحدث هذا رغم التعليمات الصارمة من وزارة القطاع للمديريتين الولائيتين لتنظيم العملية والتحكم في أصحاب هذه الوسائل الخاصة، التي سبق لها إمضاء عقود نشاط واستغلال الخطوط المحلية بإقليم كل بلدية وولاية وبين المدن، يلتزم فيها هؤلاء بتطبيق القانون والتعليمات التي تنص على واجب القيام بالخدمة العمومية للزبائن، والتحلي بالمهنية والشروط المتفق عليها بين المستثمر الخاص والمصالح المعنية بالمديرية الولائية للنقل. غير أنّ أغلبية المتعاملين الخواص وضعوا وراء ظهورها هذه التعهدات والإلتزامات دون أدنى اعتبار لتلك الإجراءات الممضاة من طرف هؤلاء، يقول بعض الناقلين من خطوط الخميس ومليانة وبومدفع ووجندل والشلف وتنس وبوقادير وواد الفضة، وغيرها من مستعملي النقل الخاص ممّن اعترفوا بالنقائص المسجلة والتي أحصاها البعض في كون أن أغلب الناقلين لا يتوفرون على هندام مميز لسائقي هذه المركبات، والأغرب حسب هؤلاء أن كسوتهم تثير الحرج ولا تراعي أخلاقيات «الحشمة» والإحترام، حيث عهدنا أن البعض يلجأ إلى الألبسة الرياضية مثل التبان الصيفي وبدون حذاء خاص بالسياقة رغم الإجراءات الردعية للمصالح الأمنية على قلتها، يقول أحد العاملين بالخطوط الساحلية بولاية الشلف، ناهيك عن وضع كاتم الصوت في أذن السائقين، غير مبالين بالأخطار المحدقة أثناء أداء مهمة السياقة، يقول خالد وتوفيق الذين التقينا بهم في محطة تنس.
ولم تتوقّف هذه الخروقات المهنية لدى سائقي النقل الحضري والريفي عند هذا الحد بل تجاوزت بنظر مستعملي هذه المركبات، حيث يلجأ السائقون إلى استعمال الأشرطة الغنائية من الأغاني الشبابية وسط عائلات لم تجد وسيلة لمنع هؤلاء من هذا السلوك المخل بأخلاق الحشمة والحياء، الأمر الذي يدفع البعض إلى الإحتجاج أو الدخول في مناوشات تنتهي عادة بعراك وسب وشتم، تجبر بعض الأحيان على نزول الزبون ومغادرة مقعده دون اكتمال الرحلة، ودون أن يستفيد من مبلغ في غياب التذكرة التي توزع على المسافرين يقول «فاتح» وزميله «لخضر»، اللذان كانا في رحلة نحو منطقة واد الشرفة للتنزه بسد غريب الرابط بين ولايتي عين الدفلى والمدية. وبحسب محدّثينا فإن السن يؤدي دوره بالنسبة للسائق، حيث أكّدا أنّ السن الخاص بأداء هذه المهنة ينبغي أن يكون ما فوق 45 سنة، لأن المغامرة بأرواح مسافرين يقودهم شاب لا يتجاوز 27 من عمرة مهمة محفوفة بالمخاطر، يقول محدثينا ممّن كانا لهما مناوشات مع أحد السائقين بمحطة خميس مليانة.
من جانب آخر، فإن هيئة وسيلة النقل الخاصة من الداخل لا تبعث على الإرتياح، فالأوساخ والأتربة منتشرة بشكل فظيع، مما يخلف روائح كريهة، ناهيك عن حالة الكراسي المتدهورة، البعض منها عبارة عن متكآت حديدية ضيقة لا توفر الجلسة المريحة، مما يخلق حالة من الأزيز المثير للإزعاج حسب ما صرح لنا به الشيخ «قويدر - ع»، 72 سنة الذي طالب الجهات المعنية بالتدخل لإصلاح الوضع وتنظيم هذه المهنة التي صارت محل قلق من طرف مستعملي النقل الخاص.
أما الكارثة الكبرى والتدهور المشين وجدناه في النقل الريفي للخواص التي يعبثون يوميا بهذه المهنة، يفرضون سلطتهم ولا يجدون مقاومة من طرف البعض لأن رغبة هؤلاء المسافرين هي نقلهم إلى مناطقهم رغم المعاناة والمعاملات السيئة التي تصدر من هؤلاء الناقلين، الذين وجدوا أنفسهم بدون مراقب ولا حسيب، تقول الحاجة «خيرة» من تبركانين بعين الدفلى.
ولدى استفسارنا من هؤلاء السائقين، اعتبر البعض أن ظروفهم متدهورة وتراجع نشاطهم صار مثار للقلق، لذا يلجأون إلى هذه الممارسات التي قال عنها أنها تلقى رضا البعض وهذا كاف للإستمرار في تطبيق منطقهم، غير أن هذا الإعتقاد لا يلق قبولا لدى البعض، وهو ما جعل هؤلاء يطالبون بتكثيف المراقبة والتفتيش اليومي والمفاجئ لردع هذه التجاوزات التي تتنافى وأخلقيات المهنة، حسب هؤلاء السائقين.
من جانب آخر، قلق هؤلاء من الظاهرة لدى سيارات الأجرة الذين يحافظون على المعاملات مع تنظيف سيارتهم بالنظر إلى طبيعة المركبة ومستوى صاحبها من الناحية الأخلاقية والسن، رغم غياب الهندام الخاص بسائقي سيارات الأجرة الذين أبدوا عدم إكتراثهم بذلك.
وبخصوص تحسين هذه الخدمة والتحلي بضوابطها، أشار الزبائن وبعض المهنيين أن حل هذه المشكلة يتوقف على اتخاذ إجراءات صارمة من طرف مصالح مديريتي النقل على مستوى الولايتين، واللجوء إلى الردع ووضع المركبات في المحشر، وهذا بالتنسيق مع المصالح الأمنية، مع تنظيم المحطات وترميمها وخلق فضاءات للراحة والإنتظار الخاصة بالزبائن وأصحاب المركبات والحافلات، وإنشاء مؤسسات شبانية خاصة بالتنظيف على مستوى المحطات لإزالة المظاهر الكارثية للحافلات والسيارات ومركبات النقل الريفي، التي عادة ما تجد عباراة على محيطها الخارجي «أغسلوني من فضلكم»، وهو نداء صارح لعله يحرّك هؤلاء لتفعيل هذا القطاع.