طباعة هذه الصفحة

فقدان بوصلة التّحكّم في النّشاط ببومرداس

95 ٪ من شبكة النّقل يحتكرها أناس غير محترفين

بومرداس: ز ــ كمال

يشكّل قطاع النقل شريان الحياة العصرية في أي بلد، ولا يمكن تحقيق التنمية الشّاملة وتطوير باقي القطاعات في حال وجود خلل في مجال النقل سواء بتدني مستوى الخدمات أو غياب مخطّطات واضحة لتنظيم الخطوط وضبط دقيق لأوقات الرحلات، وهي الحالة التي يمكن إسقاطها اليوم على ولاية بومرداس التي فقدت البوصلة في النّشاط، ولم تستطع منذ سنوات الخروج من النفق سواء في ميدان الممارسة أو من حيث التسيير الإداري نتيجة عدم الاستقرار الذي ظل يلازم المديرية التي تسير اليوم بمدير مكلف.
 
كل المحاولات المحتشمة لإصلاح قطاع النقل البري للمسافرين بولاية بومرداس ووضع مخطّط جديد لتنظيم الخطوط، وكبح جماح الناقلين الخواص الذين أحكموا قبضتهم بسبب احتكارهم لأزيد من 95 بالمائة من شبكة النقل داخل الولاية باءت بالفشل، كما لم تفلح مؤسسة النقل الحضري في التوسع والرفع من حظيرتها من الحافلات مثلما كان مخطط له لمعالجة الخلل شيئا فشيئا بتخفيف الضغط على بعض الخطوط وفرض منافسة حقيقية خاصة من حيث الانضباط ونوعية الخدمات المقدمة للزبائن لأسباب عديدة، وبقيت محصورة في مثلث صغير لا يتجاوز بلديات زموري، تيجلابين وبودواو في أحسن الأحوال.
أمام هذه الوضعية التي انعكست سلبا على الحيوية التنموية التي تعرفها الولاية بفضل المشاريع الاستثمارية الهامة في العديد من القطاعات خاصة السياحي منه بسبب موقعها الاستراتيجي، أصبح من الضروري الإسراع في تحيين قانون النقل البري رقم 13 - 01 لسنة 2001 لمعالجة الاختلالات التي يعرفها قطاع النقل على المستوى الوطني، ومنها ولاية بومرداس التي تشهد فوضى كبيرة في سير المركبات وضعف التغطية والمتابعة من قبل مفتشي المديرية لمجمل الخطوط التي تتعدى 660 خط، وهي نفس القناعة لمسناها لدى مدير النقل المكلف عبد الناصر بعزيز في لقاء مع «الشعب» حينما عبّر صراحة عن هذه الرغبة من قبل القائمين على القطاع، مشيرا في هذا الصدد إلى «أنّ الاتجاه الغالب حاليا لإعادة تنظيم القطاع والنهوض بمستوى الخدمات المتدنية، وغياب الاحترافية والثقافة المهنية لدى الكثير من الناقلين هو التوجه نحو فتح خطوط النقل أمام المستثمرين عن طريق حق الاستغلال وفق دفتر شروط جديد وواضح يراعي كافة متطلبات هذه المهنة كشرط القدرات من حيث عدد المركبات ونوعيتها، توظيف المراقبين والمفتشين لتنظيم أوقات الرحلات وفرض الانضباط والاحترام اللازمين للمسافرين من قبل العاملين خاصة بالنسبة لعدد من الخطوط الطويلة على غرار دلس بومرداس، الذي يعتبر من أسوء الخطوط وأكثرها ضغطا نتيجة افتقاد الخط لحافلات كبيرة وارتفاع عدد المسافرين في هذا الاتجاه الذي يشمل أزيد من 7 بلديات، إضافة إلى خط برج منايل وبعض الخطوط في الناحية الغربية من الولاية.
هذا وتبقى مسألة تجسيد هذه الإصلاحات وإعادة النظر في دفاتر الشروط وطريقة استغلال الخطوط من قبل الخواص حتمية لترقية القطاع حتى يواكب التطورات ووتيرة التنمية الشاملة التي تعرفها الجزائر في شتى القطاعات، ومنها قطاع النقل في حد ذاته الذي شهد نقلة نوعية في مجال تهيئة وتوسيع شبكة الطرقات وعصرنة خطوط السكك الحديدية، ومنها الخط المكهرب الرابط بين العاصمة وتيزي وزو المار عبر بومرداس، لكن مع الأسف فإنّ ميدان النقل البري للمسافرين لا يعرف هذه الحركية محليا بسبب المشاكل المذكورة لاحقا، واستمرار عملية الترقيع وضعف آليات الردع القانوني ضد أصحاب المركبات من الخواص، الذين استفادوا من رخص استغلال في فترات سابقة دون شروط تذكر. وعليه حان الوقت لتحرك الوصاية والسلطات الولائية من أجل سحب البساط تحت أرجل المتلاعبين، وفتح النشاط أمام المحترفين حفاظا على كرامة المسافرين وانتشال القطاع من حالة الفوضى والتسيب اليومي.