طباعة هذه الصفحة

ربعية قويدري مكلفة بالأبحاث بمعهد العلوم الغابية بالمدية:

كرست نفسي لخدمة العلم والوطن والحدّ من ظاهرة انجراف التربة

المدية: علي ملياني

تعدّ الباحثة ربعية قويدري مكلفة بالأبحاث بمعهد العلوم الغابية بولاية المدية إحدى الكفاءات اللواتي كرسن أنفسهن لخدمة العلم والوطن، لكونها أبدت استماتة كبيرة في الإهتمام بمجال التحولات الطبيعة والمناخية.

أكدت ربعية تزامنا مع إحياء الولاية لليوم العالمي للمرأة بأنه ومن منطلق تكليفيها بالأبحاث في علم جيومورفولوجيا وديناميكية الوسط الفزيائي وعملها بهذا المعهد من سنة 1982، إلى يومنا هذا ارتبطت اهتمامتها منذ سنوات بمحاولات البحث النظري والميداني لإيجاد الحلول الواقعية لظاهرة انجراف التربة التي باتت تهدّد العديد من ولايات الوطن على غرار ولاية المدية، وقد شجعتها هذه الإهتمامات في إثراء مجلات وطنية ودولية وكما ألقت العديد من المحاضرات بالجزائر وبالخارج.
وترى الباحثة بأن هذه الظاهرة الطبيعية «انجراف التربة» التي تدخل ضمن الكوارث التي شملها هذا الشعار الذي سطرته المديرية العامة للحماية المدنية لم تسلم منها ولاية المدية، باعتبارها تقع بحوض نيوجين بمتوسط الشلف، وهذا الحوض يتطور بهذه المنطقة إلى أعلى هضبة ما بين 1000 و1200 متر، كما أن هذا الموقع الجغرافي هو الذي حتمها على دارسة دينامكية السيول المتدفقة من الجبال في الزمان والمكان من سنة 1988 إلى يومنا هذا، موضحة بأن ظاهرة الإنجراف الناجمة من المياه في الجزائرهي ظاهرة خطيرة وتستدعي القيام بتجارب وبحوث في الميدان  والمخابر على حدّ سواء، فضلا على أنه ومن أجل التقليل من مشكلة امتلاء السدود بالطمي يجب التصدي للرمال والأتربة المنجرفة التي تؤثر على وضعية وخدمات هذه السدود، وقد تبين ـ حسبها ـ بأن الدراسات الأولى تؤكد بأن الجبال المرتفعة، حيث يوجد الغطاء النباتي المتنوع فإن ذلك يمنع من انجراف التربة بنسبة 80 بالمائة، بينما تعمل السيول الناجمة عن المياه الغزيرة على نقل الأتربة إلى السدود والأحواض عن طريق انجراف التربة في شكل خطوط وكذا انزلاق التربة ف وقت الفيضانات الكبيرة.
 تناولت المهتمة بميدان جيومورفولوجيا وديناميكية الوسط الفزيائي بعضا من أعمالها قائلة «لقد قمت بتجارب في مسألة انجراف التربة بمنطقة كاف بوخليل بالسيوخ لحمربوزرة الشبه رطبة وبمنطقة عين عزرو بالسواقي شبه الجافة، واتضح بأنه هناك انجراف التربة ملحوظ بهاتين المنطقتين لكونهما تحتويان  على مادة الطين بنوعيها الزرقاء والحمراء»، داعية في هذات الصدد إلى وجوب  التذكير بأن السيوخ لحمر كانت في القرون السابقة في شكل هضبة وبعد حدوث الزلازل لقرون تولدّت لدينا أراضي غير صالحة للزراعة وتسبب هذا الوضع في حدوث تكسرات طويلة بهذه المنطقة والمناطق المجاورة، إذ استنادا للدكتور جوغومون مختص في الجيولوجيا 1973، فإن  الميوسن» ظهر متعارضا للكريتاسي بمنطقة المدية، كما أنه لما غادر بحر الميوسن المدية حدثت العديد من الأحداث التكوتونكية وتشكلت ما يسمى باعوجاج وانكسار في الطبقات، ويمكن لنا مشاهدة ذلك حسب نوعية الصخور، ووفق الدكتور بلطرش عبد القادر مختص في الجيومورفولوجيا 1987، فتواجد بمنطقة وزرة تشققات مسّت الطبقات الصخرية «الصفاح» بكل من كاف الرمل وكاف بوخليل وكاف زمبا، وهذه التشققات ساعدت على ظهور واد وزرة العالي المسار والمخطط على  اليمين والشمال، علاوة على أن هذه التشققات ساعدت وكذا نزول المياه بكاف بوخليل على ظهور عدة منابع مائية وآبار تعطينا مياه حلوة وعذبة ويمكن استغلاها في الشرب والسقي الفلاحي.
 أشارت محدثتنا بأن الإستراتجية الواجب اتباعها مستقبلا في الحدّ من التبعية للخارج في مجال الغذاء تتمّ بالإعتماد على مواردنا الطبيعية بالعودة إلى الإقتصاد الأخضر، لأن مناطق المدية وبخاصة وزرة كانت مشهورة بغراسة أشجار الكروم «العنب» في العهد الإستعماري وبعده، وتمّ الإستغناء عن هذه المساحات الفلاحية الخصبة وتشييد بدلا عنها قرى فلاحية، غير أنه حاليا نلاحظ بأن سياسة الدولة الرشيدة أعادت بعث هذه الغراسة، بما في ذلك أشجار كل من التفاح والزيتون لتثبيت الأرض والتقليل من هذه الظاهرة، إلا أن هذه  الحركية يجب أن تقابلها عملية انجاز المحاجر المائية والسدود وعدم التفريط  في مياه الأمطار الثلوج لسقى هذه الفواكه، كما أنه يكمن القول ـ حبسها ـ في هذا الصدد بأن مثل هذه الغراسة هي آلية من آليات التقليل من مشكلة انجراف التربة خصوصا في المناطق الطينية.
 واصلت هذه الباحثة إفادتها بالقول «لقد سمحت لي أبحاثي من التعرف على  مدى صدق ما تناولته جريدة الوطن بالفرنسية بتاريخ 18 / 03 / 2012، في قولها بأن انزلاق التربة أخذ بعدا وهالة كبيرين بشأن هلاك الآلاف من الهكتارات من الأراضي الفلاحية بهذه الولاية وتدهور الإقتصاد الريفي، لكون أن مثل هذه الطبقات من الأراضي الصالحة للزراعة تستغرق عدة ملايين من السنوات من أجل إعادة تكوينها واستغلالها.. وقد لاحظت أيضا في الميدان بطريق شيخ بن عيسى، حيث هوت الأعمدة الكهربائية وفساد أسوار الحجارة المصففة بالطريق الوطني رقم 01، كما أنني لا حظت أيضا مدى صدق سقوط « الكورنيشة « بطول 3 كم بين وزرة وقرية بن حدو، مناشدة السلطات العليا والمحلية للإستعانة بأمثالها قبل الشروع في انجاز هياكل ومنشآت كبيرة والسماح للمرأة الريفية بالمشاركة في العملية التنموية مثل ما حدث في محافظة الغابات في مجال التشجير وتثبيت السكان بالريف، مثمنة عبر هذه السانحة مجهود هذه المحافظة في التقليل من بعض المشاكل التي تهدّد المحيط.