طباعة هذه الصفحة

صعوبة في تطبيق مخطّطات التّهيئة العمرانية ببومرداس

النّسق الهندسي يفقد معالمه الحضرية

بومرداس: ز ــ كمال

أدّى غياب مخطّطات التّهيئة والتّعمير أو صعوبة تطبيقها وعدم احترام شروط البناء والتوسعة العمرانية في الكثير من مدن ولاية بومرداس، إلى بروز التجمعات والأحياء السكنية شبه الفوضوية المنجزة من قبل الخواص التي تفتقد لمخطّط عمراني عصري واضح المعالم، وهو ما أفقدها معالمها الحضرية وعقّد من عملية ربطها بمختلف شبكات التموين وفتح الطرق وتجسيد بعض المرافق العمومية.

عوائق كثيرة واجهت عملية تطبيق مخطّطات التهيئة والتعمير للعديد من بلديات بومرداس، التي تمّت مناقشتها على مستوى المجلس الولائي بما فيها قضية الاقتطاع من الأراضي الفلاحية لتجسيد عدد من المشاريع العمومية نتيجة أزمة العقار وتحديات التوسعة وإنشاء أحياء ومدن جديدة كإمتداد طبيعي لهذه الأقطاب الحضرية استجابة لمتطلبات التنمية، وارتفاع نسبة السكان مع الحاجة إلى مزيد من المشاريع السكنية والمرافق العمومية الأساسية المرافقة، خاصة في المجالات الصحية، التربوية والرياضية وغيرها من الهياكل القاعدية الأخرى، وكل هذا بسبب وضعية البناءات الفوضوية التي تمثل في بعض البلديات أحياء كاملة تكاثرت ونمت في ظل ظروف صعبة مرت بها الولاية، خاصة بعد زلزال 2003 وفترة العشرية السوداء التي عرفت هجرة داخلية واسعة، وبعض الفراغ القانوني والتراخي في مراقبة الأملاك العمومية والمراقبة الصارمة لصيرورة العمران وسوق العقار الذي وقع في أنياب السماسرة والمرقين العقاريين، الذين ساهموا هم كذلك في تعقيد الوضعية بإنتاج أحياء جديدة تفتقد للمعايير الهندسية ومتطلبات التهيئة الحضرية المطلوب.
وقد حاول القانون 08 / 15 الصادر في 20 جويلية سنة 2008 المجمّد معالجة جانب من هذا الخلل المتعلق بإكمال وتسوية السكنات المنجزة من قبل الخواص في الكثير من هذه الأحياء، والتجمعات السكنية التي توسّعت في أطراف المدن وحتى في القرى والأرياف بطريقة فوضوية تغيب عنها مخططات الإنجاز، وحتى رخص البناء التي كان من المفروض أن تسلّم من طرف البلديات، لكنه لم يفلح كثيرا بسبب غياب التجاوب من طرف المواطنين لأسباب متعددة، وكلّها ظروف صعّبت من مهام السلطات العمومية في تجسيد مخططات وبرامج التهيئة، ومد شبكات المياه والغاز وفتح الطرق داخل هذه التجمعات العمرانية، التي أنجز البعض منها في أماكن خطيرة قد تهدد سلامة القاطنين بها سواء على ضفاف الوديان أو في الأماكن المعروفة بانزلاقات التربة وحواف الطرقات الوطنية، والأمثلة على ذلك كثيرة بولاية بومرداس، حيث بدأت تظهر نتائجها الكارثية من خلال ظاهرة الاعتراضات التي طالت أغلب المشاريع العمومية وتسبّبت في تأخير تسليم المشاريع في وقتها للمطالبة بالتعويض عن الممتلكات، وأحيانا لقاطني البيوت القصديرية الفوضوية الذين استفادوا من سكنات اجتماعية على حساب المستحقّين الفعليّين، من أهمها مشروع عصرنة وكهربة خط السكة الحديدية في شقه الرابط بين الثنية وبرج منايل في اتجاه تيزي وزو، وصعوبة إيجاد حل لاستكمال الشطر الثاني من ازدواجية الطريق الوطني رقم 24 في شقه الرابط بين زموري ورأس جنات، حيث تضرب فوضى العمران أطنابها باستغلال حواف الطريق العمومي والشريط الساحلي في تعد صارخ على القانون، الذي يمنع البناء في مسافة لا تقل عن 300 متر عن الشاطئ، وغيرها من الأمثلة التي تعكس غياب الدور الفعلي للسلطات المحلية والجهات الوصية بحماية البيئة ومراقبة سير العمران لتجنب مثل هذه الكوارث، وكذا الردع القانوني وتحديد المسؤوليات عمّن أوصل المناطق الحضرية بولاية بومرداس إلى هذه الدرجة من التقهقر والتراجع والتشويه، وبالتالي لم يبق لبعض المدن العريقة بالولاية كسرفيل، مينرفيل، برج منايل، ألما (بودواو) وروشي نوار إلا صورها التاريخية المعلقة في المقاهي أو يتم نشرها وتبادلها على شبكات التواصل الاجتماعي كحنين للماضي القريب.