طباعة هذه الصفحة

وقفت في وجه التدخل الأجنبي في شؤونا

المصالحة الوطنية أرضية للإقرار الأممي للعيش معا بسلام

خالدة بن تركي

 

نحن نحتفل بالذكرى 13 لإستفتاء السلم و المصالحة الوطنية الذي قادته الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفلقية يقتضي الوقوف عند كثير المحطات والانجازات التي سمحت بوضع حد لمأساة حقيقة أزهقت الكثير من الأرواح وتعالت فيها آهات اليتامى والأرامل و عم فيها الخراب بشكل جعل الجزائريين يعيشون ظروفا صعبة لعشرية من الزمن ، إلا أن جاءت التحديات الكبرى بوقف نار الفتنة والسير نحو ما يسمى بقوانين الرحمة ،الوئام المدني والمصالحة الوطنية .

أكد أستاذ القانون و العضو السابق بمجلس الأمة بوجمعة صويلح، أمس ، خلال نزوله ضيفا على يومية “الشعب “أن الحديث عن المصالحة الوطنية يقتضي الرجوع والتأكيد على عديد النقاط في الذكرى ال13 خاصة ما يتعلق بمرحلة بداية التسعينات والإصلاحات التي عرفتها تلك الفترة  والدخول في التعددية الحزبية والسياسية والانفتاح على البعد السياسي أين جرت العديد من الاستحقاقات المحلية والإقبال نحو البرلمانية وتوقف المسار الإنتخابي وهي المرحلة  التي أدخلت الجزائر في دوامة من الانتقال .
وأوضح الخبير في القانون الدستوري ،بوجمعة صويلح،  “ انه ورغم العنف وأساليب القوة الممارسة في تلك العشرية إلا أن الجزائريين وقفوا في وجه أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي للبلاد وهو ما طالبت به جبهة التحرير عندما نادت بحل الأزمة متعددة  الجوانب بالنظر إلى الخسائر التي ترتبت عن العنف الذي كلف ما يقارب 200 ألف قتيل و 30 مليار دولار من خسارة بنى وهياكل قاعدية  ومليون ونصف من اليتامى والأرامل بالإضافة إلى أوضاع اجتماعية وثقافية جعلت الجزائر تعيش أزمة حقيقية .
وابرز صويلح الجهد الجمعي للرجال والسلطات العمومية لتجاوز الجرح وبأساليب سياسية لتتحول من نظرة أمن وقوة إلى حوار ، حيث كانت الانطلاقة من قوانين الرحمة ، الوئام المدني ، لتنتهي بالمصالحة الوطنية ، مشيرا في ذات السياق إلى تظافر الجهود لنقل نظرة الإقتتال إلى الحوار واستعمال أسلوب الرحمة والتلاحم والسلطة مهما كانت قوتها فهي تستعمل أساليب الحوار التي كانت قاعدة أساسية لتسطير ميثاق المصالحة الذي تمر عليه 13 سنة .
وأشاد صويلح إلى ترسانة القوانين التي أدت لجبر الأضرار وامتصاص الغضب وحقن الدماء أكثر من أي حقوق أخرى يمكن الحديث عنها ، بالإضافة إلى مساهمتها في خلق المصالحة مع الذات قبل الحديث عن الأمور التعويضية الأخرى والجهد المبذول الذي سمح باعتراف الأمم المتحدة باقرار العيش في سلام  هذا الجهد إذا ما تم ربطه بالمصالحة فإنها حققت الكثير من الايجابيات غير أنها تحتاج لتفعيل- يقول ذات المتحدث -.
وأضاف بشأن التفعيل أن الشعب ليس بحاجة ان يشعر بالمصالحة في الجانب السياسي والأمني فقط وإنما في الحياة الاجتماعية  والمساواة في القوانين وتكافؤ الفرص في مبادئ يجب تجسيدها على ارض الواقع للقول أن الشعب متصالح مع نفسه ومع غيره ، وهذا لا يمكن تجسيده إلا من خلال الحفاظ على كرامته وضمان حقوقه وواجباته .
أكد الخبير بوجمعة صويلح أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية أعطى للجزائر الكثير من القوانين لكن بحاجة لتفعيلها ومعالجة الملفات حالة بحالة للابتعاد عن  الغضب والحقد  الناجم عن الحالة التي عاشتها البلاد آنذاك ، وهو ما يلزم السلطات العمومية بذل المزيد من الجهد لتحقيق النتائج المرجوة من تلاحم الشعب الذي لا يكون الا بشعوره “أن حقوقه مصانة دستوريا” في جميع القضايا .
وأكد بوجمعة صويلح أن ملف المفقودين عولج بطريقة لم تتبع عدالة انتقالية أو أساليب دول أخرى وإنما استخدم فيه الأسلوب الجزائري في إطار المصالحة وجبر الضرر بتعويضهم من خلال تهيئة الملفات ، لكن رفض بعض العائلات بداعي إظهار الحقيقة سيتم النظر فيه من خلال إيجاد حل ناجع للمعالجة ووضع خاص بالجزائر ، مستدلا بقضايا الفقدان في دول العالم  في البرلمان الدولي الذي أخد من التشريع الجزائري في نقاط عديدة ،مشيرا أن اعتماد الغفران والرحمة والتلاحم والخروج من القوة ليس إضعاف من هيبة الدولة التي تقوى لما ترفق بالقضايا الإنسانية .