طباعة هذه الصفحة

أساتذة ودكاترة في التاريخ من سكيكدة لـ «الشعب»:

ضرورة تثمين الشّهادات الحيّة حول الثّورة التّحريرية

سكيكدة: خالد العيفة

حماية الذّاكرة الوطنية وتسويقها للأجيال القادمة

أوضح الأستاذ توفيق صالح من جامعة سكيكدة لـ «الشعب»، أن «الذاكرة الوطنية الجزائرية غنيّة بأحداثها وتفاعلاتها، لذا يتطلّب الحفاظ عليها باستخدام كل الوسائل والطرق، حتى يكون تواصل دائم بين الأجيال، بين جيل الكفاح، الجيل الحالي، وجيل المستقبل»، وأضاف الدكتور أن ذلك يتحقّق «بتنظيم تظاهرات تاريخية بشكل مستمر، والعمل على إقامة تفاعل دائم بين صنّاع الذاكرة ومحيطهم الطبيعي، وبرمجة دراسات للتنقيب على متأثر هذه الذاكرة لتدوينها وتسجيلها، باستغلال وسائل التكنولوجيا المتاحة».
وأشار صالحي إلى أنّ مؤسّسات الذاكرة الموجودة بالجزائر من الأرشيف والمتاحف وغيرها، من الضروري أن تقوم بتقديم المطلوب، من خلال دراسة ما تمت تسجيله من شهادات بالاعتماد على المختصين من المؤرخين والباحثين الدارسين، مع التواصل مع طبقة الشباب، خاصة الجامعيين، وتلاميذ المؤسسات التربوية لتحقيق التواصل الضروري».
 وأضاف أستاذ التاريخ بجامعة 20 أوت 55، أن «الذاكرة التاريخية مسألة تهم الجميع، ويجب أن يخدمها الجميع، ولا ننكر أنّه هناك جهد كبير تقوم به مؤسسات المحافظة على هذا الإرث التاريخي، للحفاظ على التواصل من خلال الشهادات، ولكن يبقى العمل ضروري لتثمين هذا الجعد، بدراسات أكاديمية وتسويقها للأجيال القادمة بكيفية مناسبة».
من جانبه أكّد الدكتور محمود ايت مدور من جامعة بجاية أنه «في ظل تناقص المجاهدين، والكثير أصبح في عداد الموتى، يشكل عقبة في كتابة التاريخ والمحافظة على الذاكرة التاريخية، لأنه في الأساس كتابة تاريخ الثورة التحريرية يعتمد على شهادات المجاهدين صناع الثورة، إضافة إلى أن الكثير من المجاهدين الأحياء غير مثقّفين، وهذا الجانب كذلك عائق كبير لا يمكنهم من تقديم الأفكار والاطروحات، إضافة إلى طول المدة من سنة 1962 وقبله، إلى غاية اليوم».
 وحتى أن المجاهد وإن كان في كامل قدراته العقلية، يكون قد نسي التفاصيل، ولاحظنا ذلك في كثير من الأحيان، عند طرح بعض الأسئلة، حيث تختلط عليهم ادق الأمور لطول المدة، ورغم ذلك فنحن ليس في غنى عن شهادات أولئك المجاهدين لاستغلال هذه الذاكرة الشفوية للمحافظة على الإرث التاريخي للثورة التحريرية المظفرة، لأنه فقدان مجاهد واحد، يعني بكل تأكيد مكتبة كاملة تذهب دون رجعة»، وأضاف الدكتور «أن للمؤرخ دورا كبيرا في حسن الاستماع للشهادات، مع قيامه بتمحيصها؟ ومقارنتها بالشهادات الأخرى، من اجل التدقيق حول بعض الاحداث في اطارها الزمني، والمكاني، ويبقى هذا المصدر أساسي، والتعامل معه بحذر».
أما الدكتور قويسم محمد من جامعة سكيكدة، فقد أجاب عن سؤال «الشعب» فيما يخص كيفية المحافظة على الذاكرة التاريخية في ظل التحاق الكثير من صناع الثورة التحريرية بالرفيق الأعلى، بقوله: «كما يقال في المثل، أن تلحق أحسن من أن لا تلحق ابدا، حقيقة أنه كل يوم نفقد الكثير من آبائنا المجاهدين، ولكن مع هذا مازال البعض ولو العدد قليل، وهنا يمكن نطرح إشكالية، نستطيع أن نكتب التاريخ من خلال هذه القلة القليلة التي ماتزال بيننا، وهي مصدر أساسي، واذا اضطررنا يكون الاعتماد على مصدر ثانوي، من أبناء ومحيط هذا المجاهد، وذلك عن طريق الرواية، فمن الموضوعية التاريخية واضحة الحادثة بالرواية، وهو جهد تاريخي».
 وبحسب الدكتور فإنّه «يمكن أن نجمع المعلومات والاحداث التاريخية، ومن ثم نستعمل «الغربال»، للفصل بين ما هو غث وما هو سمين»، والمؤرخ في نظر قويسم «له دور كبير في إظهار الحقيقة كما هي وفق آليات تاريخية من حيث النقد الداخلي والخارجي، وأن يكون الباحث مطّلع على باقي العلوم في شتى المجالات، حتى يتمكن من الوصول الى الحقيقية التاريخية المنشودة».