طباعة هذه الصفحة

الأخصائية في علم النفس أوفلة نادية لـ”الشعب”:

الهروب بحثا عن حياة أفضل وراء تصاعد الظاهرة

خالدة بن تركي

 

صدمـــــات نفسيـــــة وأمراض عصبيـــــة ترافــــــــق أوليــــــــــاء الضحايا مدى الحياة

مأساة حقيقية تعيشها العائلات الجزائرية بعد انتشار ظاهرة الحرقة ولجوء الشباب نحو قوارب الموت بحثا عن حياة أفضل، متناسين ما يحمله البحر من مخاطر والمعاناة التي يسببونها للأهالي المفجوعين اليوم في فلذات كبدهم بين من ماتوا غرقا ومن فقدوهم على أمل لقائهم يوما، هي مشاعر ممزوجة بين الأمل والصدمة تترك أثرها مدى الحياة.

أكدت الأخصائية النفسية نادية أوفلا، أمس، في تصريح خاص لـ “الشعب” أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع مؤشر الحرقة في الجزائر هو الهروب من الواقع، بحثا عن الحياة أفضل حتى وان كانت في قوارب الموت ودون مبالاة أو وعي بالضرر الذي يسببونه لعائلاتهم التي تعيش الندم وتأنيب الضمير  وتحت صدمة نفسية مدى الحياة.
 أوضحت أوفلا أن أسباب ارتفاع ظاهرة الحرقة تنقسم إلى 4 عوامل الفردي والعائلي واجتماعي اقتصادي، وكذا اللاعدالة التي تجعل الكثيرين يستنجدون بقوارب الموت هروبا من الظلم والتهميش بحثا عن الاستقرار والمساواة، هي عوامل بدورها تتضمن العديد من الفروع المتعلقة أساسا بالفشل في الحياة والتأثر بالغير وحب الإكتشاف وكذا البحث عن حياة جديدة أفضل، بالإضافة إلى مريض يفقد الأمل في العلاج في وطنه والبحث عن فرص عمل أخرى، هي الأسباب التي جاءت بعد فقدان الأمل وغلق  جميع الأبواب - تقول الدكتورة - .
بالنسبة للعامل العائلي يرجع بالدرجة الأولى، بحسب الأخصائية النفسية في غالب الأحيان إلى الطلاق  وما يصاحبه من مشاكل اجتماعية عادة ما تكون نتائجها وخيمة على نفسية الأطفال إلى جانب الصراع العائلي بين الأم والأب في حال إدمان الأب، وكذا الصراع على الميراث وإهمال الأبوين للشباب وانشغالاتهم ودفعهم أحيانا إلى “الحرقة “بمعتقد وجود مستقبل أحسن في أوروبا .
أولياء حبيسو الندم وتأنيب الضمير مدى الحياة
 بخصوص النتائج المترتبة عن الظاهرة، قالت الأخصائية النفسية أن للحرقة نتائج وخيمة من الناحية النفسية سواء ما تعلق بالندم أو تأنيب الضمير اللذان يرافقان العائلة مدى الحياة إلى جانب الحزن العميق الذي يدخلهم في دوامة العزلة والابتعاد عن الوسط الاجتماعي غير ان الصدمة بدورها لها تأثير من الجانب الفيزيولوجي والنفسي.
 قالت على الصعيد الفيزيولوجي، إن الصدمة تخلف الكثير من  الضغوط النفسية والأمراض العصبية بما فيها الشلل، السكري، وأمراض القلب التي قد تؤدي أحيانا إلى الوفاة إلى جانب فقدان النطق والأزمات العاطفية والأمراض العقلية المزمنة التي تجعل صاحبها يخضع للعلاج والمراقبة الطبية مدى الحياة ، وكذا الحزن الشديد الذي عادة ما يؤدي إلى توجه الولي إما إلى التوبة والإقبال على المسجد أو نحو الإدمان، في حين تدخل الأم في حزن عميق قد يجعلها في عزلة عن العالم الخارجي وتفقد بدورها طعم الحياة .
 بخصوص الجانب النفسي لعائلات الضحايا، أكدت الدكتورة أوفلة، إنه بين المفقودين غرقا وبين من اختفوا في الشواطئ والمحبوسين تختلف الحالة النفسية التي يطبعها الأمل والشك ، خاصة وان من فقدوا أبنائهم موتا تخف حدة الحالة النفسية عمن يعيشون على آمل الانتظار يوما، هو انتظار ممزوج بالشك، إلا انه وفي الحالتين تكون النفسية مضطربة تعيش بين تأنيب الضمير والحزن الشديد الذي يدخل الاولياء في عزلة تصل حد الموت عند ضعيفي الشخصية .