طباعة هذه الصفحة

تشخيص خاطئ يودي بحياة امرأة وأخرى يلزمها الفراش

تسجيل ما بين 03 الى 05 حالات لأخطاء طبية سنويا بسكيكدة

سكيكدة: خالد العيفة

قضت محكمة الجنح بسكيكدة خلال شهر سبتمبر الماضي، بعقوبة الحبس النافذ لمدة سنة في حق طبيب عام بمستشفى عبد الرزاق بوحارة، بعد متابعته في قضية وفاة حامل ورضيعها بتهمة الإهمال المؤدي إلى الوفاة مع 50 ألف دج غرامة مالية وتعويض بقيمة 4 مليون دج لعائلة الضحية على عاتق المستشفى، وكان الطبيب المتهم في القضية قد نفى خلال المحاكمة التي حضرها باقي الطاقم  العامل يوم الحادثة كشهود ما نسب إليه، وصرح بأنه قام بواجبه وفقا لدوره في المصلحة وهي قضية من بين العديد من القضايا التي سجلتها أروقة المحاكم بسكيكدة، فيما يتعلق بالأخطاء الطبية.

عالجت الفرقة الجنائية بأمن سكيكدة، خلال شهر سبتمبر من سنة 2014 قضية استئصال أطباء لرحم سيدة عمرها 23 سنة بمستشفى عبد الرزاق بوحارة دون علمها أو اخبار زوجها وأهلها فضلا عن فقدانها لمولود دقائق قليلة بعد عملية الوضع، وقال الزوج حينها بأن الأطباء ارتكبوا أخطاء جسيمة لما استأصلوا رحم زوجته بدون علمها أو استشارته، واعتبر ذلك ضربة موجعة لهما الاثنين بعدما تحطم أملهما في الانجاب مجددا وحرما من نعمة الأولاد. الشكوى تقدم بها الزوج إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة سكيكدة، اتهم من خلالها الفريق الطبي الأول بالعيادة الخاصة أبوالقاسم الواقعة بعاصمة الولاية سكيكدة، والفريق الطبي الثاني بمستشفى عبد الرزاق بوحارة الذي قام بعملية ثانية لاستئصال الرحم، ونفس الامر تعرضت اليه السيدة «ل - سهيلة»، من مدينة الحروش، التي راحت ضحية خطا طبي ألزمها الفراش مند 2014 إلى يومنا هذا، ولان تكاليف العملية تكلف الكثير، شرعت مجموعة خيرية من الشباب بحملة واسعة لجمع التبرعات لاعادة البسمة الى وجوه أفراد هذه العائلة.
واستمرارا لظاهرة الأخطاء الطبية والإهمال وسوء التشخيص تعرضت «ليليا. خ» الى تشخيص طبي خاطئ، خلال سنة 2017، حيث يقول زوجها انها دخلت مستشفى سكيكدة، بسبب ارتفاعات في ضغط الدم، وبعد التحاليل والأشعة شخصت حالتها على أنها قصور كلوي حاد من الدرجة الثالثة، يستدعي خضوعها لجلسات عملية تصفية الدم من خلال غسيل الكلى، ما حتم عليها الدخول في رحلة عذاب شاقة ولمدة سنتين، والخضوع لجلسات مرهقة في تصفية الدم لأربع ساعات كل يومين، لكن صحة ليليا لم تكن على ما يرام، وكانت تسوء اكثر، إلى أن أصيبت بالتهاب حاد على مستوى الرئتين، أدخلت جراءه قسم العناية المركزة بمستشفى سكيكدة، لتنتقل بعدها بأيام إلى مستشفى عنابة (الفارابي). وبعد إجراء تصوير الرنين المغناطيسي IRM كانت النتيجة إصابتها بميكروب خطير في الرئتين ليصطدم بمفاجأة في التقرير الطبي الصادر بمستشفى عنابة بأن كليتيْ زوجته سليمتان ولا تحتاجان إلى «الدياليز»، ليعود أدراجه إلى مستشفى سكيكدة متذمرا، بسبب استمرار معاناة المريضة وتعقد حالتها، وبعد إرسالها إلى مستشفى باتنة الجامعي، وبعد اجراء الفحوص والأشعة ليؤكد التقرير الطبي الذي صدر بمستشفى عنابة وتأييده بتقرير طبي مفصل آخر، يؤكد عدم إصابتها بقصور كلوي، ليتم توقيف غسيل الكلى، ومحاولة إنقاذها من الفيروس الخطير في الرئتين، لكن للأسف كانت حالتها متأخرة بعد تمكن مرض السرطان من رئتيها، لترحل «ليليا» عن عالمنا بعد سنتين، ضاعت في معالجة قصور كلوي وهمي سببه سوء تشخيص.
وفي سياق آخر، طالب الأطباء المشاركون في فعاليات اليوم الدراسي الجهوي في طبعته 17 لمجلس أخلاقيات الطب لناحية عنابة، المنظم ببلدية فلفلة شرق مدينة سكيكدة، من السلطات العليا، رفع التجريم عن الطبيب عند وقوع اي خطأ طبي لاإرادي وغير متعمد، كون العديد من الأطباء سيما في الجراحة يجدون أنفسهم وراء القضبان بمجرد متابعة قضائية بسيطة، مؤكدين في نفس الإطار، تداخل مسؤوليات العديد من القطاعات لتحسين المنظومة الصحية، كما الحوا على التكوين بالنسبة للطبيب للحد من الأخطاء الطبية.
وعن آخر الأرقام المسجلة على مستوى العمادة بناحية عنابة ، أوضح حينها البروفيسور عيادي عبد العزيز، رئيس مجلس أخلاقيات الطب بناحية عنابة، لـ «الشعب»، «أنها سجلت حوالي 40 قضية من القطاع العام والخاص، وأكثرها تتعلق بالجراحة، خصوصا الجراحة المتعلقة بطب النساء، وطلب في هذا الإطار، عدم التسرع في الحكم على الأطباء المتهمين بالإهمال، فالحكم المسبق يؤثر على مسار الطبيب، الذي يكون متهم وهو بريء، والكثير من الحالات التي وقعت وفي اخرها كانت بريئة، وأشار نفس المتحدث، «بأنه بمرور الوقت لابد من عدم تجريم الأخطاء الطبية، إلا بعد المرور على مجلس أخلاقيات الطب الذي يحدد إن كان الخطأ الطبي المرتكب يستحق العقاب فعلا». من جانبه ذكر عيساني محمد الطاهر عن مكتب سكيكدة للعمادة، «أنه تسجل كل سنة ما بين 03 الى 05 حالات بولاية سكيكدة»، مؤكدا على «إن الطبيب ليس مجرما، والاشهار بالأخطاء المهنية، يؤثر في أداء وفاعلية الأطباء، كما أن الطبيب غير ملزم بالنتيجة، بقدر التزامه باستعمال جميع الإمكانيات والوسائل للتكفل الأمثل بالمريض».