طباعة هذه الصفحة

رئيس جمعية مرضى السكري لبومرداس محمد مكري لـ «الشعب»:

عملية جراحية على مستوى الفخذ حوّلت حياته إلى كابوس

بومرداس: ز ــ كمال

قضيّتي لا تتقادم مع الزمن ولن أتنازل عن حقوقي المهضومة، هكذا علّق رئيس جمعية مرضى السكري لولاية بومرداس محمد مكري أحد ضحايا الأخطاء الطبية التي تعرض لها منذ حوالي عقدين، وهو الشعار والوعد الذي حمله على نفسه ويعيش لأجله ويناضل من أجل استرجاع حقوقه المهضومة المتمثلة في التعويض المعنوي قبل المادي من طرف المصحة الطبية التي سببت له عاهة كادت أن تؤدي إلى بتر رجله والهيئة المستخدمة التي تنكرت له عن حق التأمين والتغطية الاجتماعية.
بإرادة قوية وعزيمة يقود اليوم محمد موكري من مكتبه المتواضع بحي 800 مسكن جمعية مرضى السكري لولاية بومرداس بتعداد يتجاوز 7 آلاف منخرط، يستمع إليهم ويرفع انشغالاتهم إلى السلطات المختصة ويحاول التخفيف عنهم وتوفير الوسائل الضرورية كالأدوية وأجهزة قياس السكري والكراسي المتحركة بالتنسيق مع المحسنين والهيئات الخيرية رغم حالته الصحية المعقدة بسبب داء السكري والإعاقة الجزئية التي يعاني منها منذ سنوات وبقيت سرا للكثيرين، وهي القضية التي ربما كانت دافعا قويا وراء اختياره العمل الخيري والنضال من اجل الدفاع عن حقوق مرضى السكري الذين يشكلون فئات من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية اغلبها معدومة بحاجة إلى مساعدة ومرافقة لدق أبواب المصحات والمستشفيات للاستفادة من الحقوق المشروعة والمتابعة الصحية.
قصة حياة محمد مكري الذي اخترناه كعينة للأشخاص الذين يعانون من تبعات الأخطاء الطبية الناجمة عن سوء التقدير والمتابعة الدقيقة أثناء العمليات الجراحية، لم يكن يتوقع أن تنقلب حياته الصحية والمهنية بين عشية وضحاها إلى جحيم وهاجس أبدي ينغص يومياته وهوالموظف النشيط الذي كان يشتغل بكلية الهندسة الميكانيكية بجامعة بومرداس رغم إصابته بالسكري.
وعن تجربته يقول متحدثا لـ «الشعب»: «قصتي تعود إلى سنة 2002 حيث تعرضت إلى حادث كسر على مستوى الرجل بناحية الفخذ على اثر سقوط، فتوجهت مباشرة إلى عيادة خاصة ببومرداس لا داعي لذكر اسمها من أجل العلاج ووضع الجبس، لكن الفريق الطبي ألح على ضرورة إجراء عملية جراحية مستعجلة ودعم عظم الفخد بدعامة «بروش» مع تقديم وعود وتطمينات بأن المصحة ستقوم بكل ما يجب فعله من اجل التكفل التام والعودة الطبيعية للحياة العادية بعد 6 أشهر..».
وأضاف موكري مسترسلا في الحديث: «بعد يومين من العملية بدأت أحس بالآم شديدة ومضاعفات والتهابات خطيرة في مكان العملية، ما استدعى عودتي سريعا إلى العيادة لإجراء الكشوفات، حيث بقيت لمدة 19 يوما في محاولة لوقف الالتهاب الذي كاد أن يتسبب في بتر رجلي، لكن بعض الأصدقاء وحتى مسؤولين نصحوني بضرورة التوجه إلى مستشفى عمومي متخصص في العظام، وبالفعل دخلت مستشفى عين النعجة العسكري في رحلة علاج متواصلة استمرت 3 أشهر خضعت خلالها لعدة عمليات ناجحة ثم تابعت برنامج مراقبة طبية وفحص خارجي لمدة 4 سنوات..».

تلاعب بنتائج الخبرة الطبية وتنكّر الهيئة المستخدمة..

في سؤال عن مدى مطالبته باسترداد حقوقه واللجوء الى القضاء من أجل التعويض المادي والمعنوي من طرف الهيئة الصحية التي تسببت في كل هذه المعاناة المتواصلة، كشف رئيس جمعية مرضى السكري بالقول: «لقد قمت برفع دعوى قضائية ضد الادارة والهيئة الطبية للمصحة الخاصة من أجل تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والاعتراف بالخطأ الطبي الفادح المرتكب في حقي، لكن كل ما جرى في المحكمة هو تعيين خبير مختص لدراسة القضية ومعرفة أسباب الخطأ، حيث كانت نتائج الخبرة التي قام بها خبير معتمد بمستشفى الدويرة مخيبة بتبرئة ذمة الطبيب الجراح الذي قام بالعملية وربط القضية بمرض السكري، بعدما طالبت بإجراء خبرة ثانية لدى مصحة خاصة بالعاصمة فكانت بنفس النتيجة هي تثبيت الخبرة السابقة نتيجة تلاعبات مع المسؤولين والهيئة الطبية للمصحة تجنبا لدفع التعويضات المادية وحفاظا على السمعة الطبية لكن على حساب حياتي وصحتي.
كما قدّم الضحية تجربة ثانية تعرض لها بنفس الحادثة السابقة فندت كليا فرضية مضاعفات السكر»، يقول فيها موكري: «بعد فترة قصيرة تعرّضت لحادث سقوط وكسر أكبر وأعقد من الحادث السابق إلى درجة أن عظم الفخذ تفتت إلى أجزاء، لكن في هذه المرة لم أغامر بحياتي في العيادات الخاصة بل توجهت مباشرة إلى مصلحة استعجالات طب العظام العمومية ببومرداس، حيث قمت بعملية جراحية وتابعت العلاج اللازم لمدة 20 يوما».
وأضاف محدثنا: «من تلك الساعة إلى حد اليوم ورغم مرور أزيد من 10 سنوات على الحادثة، لم أشعر لحظة بالألم أوالمضاعفات والالتهابات الجرثومية كتلك التي عانيت منها سابقا، وهو دليل مادي كبير أن السبب ليس مرضى السكري كما روج له للتهرب من المسؤولية بل راجع إلى نقص المهنية والمتابعة وغياب النظافة بالمصلحة في تلك الفترة وعدم القيام بتعقيم الأجهزة الطبية بل همهم جمع المال فقط، لأنني أتذكر أن في ذلك اليوم تم إجراء ثلاثة عمليات جراحية متتالية كنت أنا من ختم البرنامج دون إعطاء وقت لتعقيم وسائل العمل لحماية المرضى من العدوى رغم تقييم العملية بحوالي 26 مليون سنتيم».