طباعة هذه الصفحة

الطّبيب عيساني محمد الطاهر مختص في تشريح الأمراض والخلايا:

الخطأ الطبي إنساني بحت لا يمكن تجاوزه

سكيكدة: خالد العيفة

يقول الدكتور محمد الطاهر عيساني، طبيب مختص في تشريح الأمراض والخلايا بسكيكدة، «أن الخطأ الطبي يمثل ثالث سبب الوفاة في الدول المتقدمة، وهو موضوع خطير بالنظر إلى التبعات الإنسانية الاجتماعية والاقتصادية المأساوية التي تنجر عنها، وهو موضوع مغيب على المستوى الوطني بل ويشكل شكلا من أشكال الطابوهات المسكوت عنها.

يشكّل الموضوع وجبة إعلامية دسمة على واجهة الإعلام ممّا يجعله تحديا بارزا للمجتمع والمنظومة الصحية ككل، والخطأ الطبي في رأي الدكتور «إنساني بحت لا يمكن تجاوزه، لكن الغاية المثلى المتوخاة تبقى بناء منظومة صحية وطنية أكثر قوة وأمنا»، ويضيف عيساني: «في تقرير نشره معهد الطب للولايات المتحدة الأمريكية سنة 1999 على ما أذكر، خلص إلى أن عدد الوفيات في تلك الحقبة يتراوح بين 44000 إلى 90000 وفاة سنويا بسبب الخطأ الطبي في المستشفى أو ما يسمى بطب المدينة، حيث شكّل هذا التقرير صدمة حقيقية لدى الرأي العام الأمريكي، وهي معطيات لا ترق إلى الواقع بدليل الدراسة التي قام بها كل من مارتن ماكاي وميكال دانيال، من جامعة جونس هوبكينس لبالتيمور شهر أفريل من سنة 2016، وهي دراسة امتدت على مدى خمسة عشرة سنة من 1999 الى غاية 2013، حيث توصلت الدراسة إلى العدد الرهيب من الوفيات الى أكثر من 255000 وفاة سنويا، وهو عدد بعيد عن الواقع لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار الوفيات خارج المستشفى».

ظاهرة عالمية تتقاسمها كل الدول بسبب التّشخيص أو الأدوية

وهي ظاهرة عالمية يقول عنها محدثنا «تتقاسمها كل الدول حيث تأكد وفاة المرضى نتيجة أخطاء في التشخيص، أو نتيجة لجرعات سامة من الأدوية، أو نقص في التمريض، أو نتيجة لقصور في التواصل، ناهيك عن الوفيات نتيجة لتفاقمات وتعقيدات مرضية كان يمكن تجاوزها والوقاية منها»، وفي تقديري يضيف الدكتور عيساني:
يتطلب الأمر أولا معرفة الظاهرة بالطرق العلمية الاحصائية من خلال المعطيات الخاصة بشهادة الوفاة من جهة، مع تثبيت قواعد علمية ثابتة لأسباب الوفاة، خاصة منها التعقيدات الخاصة بالتطبيب، ثم بعد ذلك تحريك لجان طبية تتحرك بسرعة للوقوف على أسباب وحيثيات الوفاة».
وهي منهجية كما يوضح الدكتور المختص في تشريح الأمراض والخلايا» تأخذ بعين الاعتبار الأخطاء المرتبطة بضعف الكفاءة أو قلة التكوين، أو قصور في أداء الفرق الطبية، ومنه الخلل المسجل في حلقات التكفل الطبي أو الجراحي، إضافة الى اخطاء في التشخيص، أو حتى في كتابة وصفات طبية غير واضحة، أو حتى في نقص الموارد البشرية والمختصين من السلك الطبي أو شبه الطبي». وبالنسبة لعيساني «يبقى الحل المؤسساتي للخطأ الطبي بينا وأساسيا، خاصة فيما يتعلق بالمنظومة الصحية ككل، ومنها الجانبين القانوني والتنظيمي، وما هو مرتبط بالوسائل التقنية والبشرية وكفاءتها وسياسة التكوين المتواصل وتقييم الأداء، وبالأساس ما هو مرتبط بإنشاء الوكالة الوطنية لمراقبة الأداء النوعي في ميدان التكفل الصحي، وإعطاء مؤسسة أخلاقيات الطب كل الوسائل، والترتيبات القانونية في أداء مهامها في أحسن الظروف».