طباعة هذه الصفحة

رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي

مجاعة كارثية والأطفال أول المستهدفين بالنيران

فضيلة بودريش

 

 الاحتلال يجسد خطة تغيير الخارطة الجغرافية والديموغرافية لغزّة

”الفـقــاعــات”.. خطة لمحاصرة الفلسطينيين للعيش بـ10 بالمائة من القطاع

نقل رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، الدكتور صلاح عبد العاطي صورة مؤلمة عن الوضع الكارثي في قطاع غزّة المحاصر بالموت والجوع والتنكيل، بسبب تمادي الاحتلال الصهيوني في عدوانه على الأطفال والنساء ومواصلة حرب إبادة شنيعة يتفنن من خلالها في تقتيل الفلسطينيين بمختلف الطرق، وأشار إلى أنه للشهر الثاني والعشرين على التوالي، يواصل المحتل حرب الإبادة على الفلسطينيين مقترفا كل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

حذر ضيف جريدة “الشعب”، الدكتور صلاح عبد العاطي، من الوضع الكارثي والمعقد في غزّة المحاصرة بالجوع والنار، في ظل تدمير مدن كاملة ومحوها من خارطة قطاع غزّة، وتأسف للصمت الدولي في وقت يرتكب الاحتلال الجريمة الأبشع في التاريخ الإنساني، والمتمثلة في الإبادة الجماعية، ليحول قطاع غزّة إلى منطقة غير صالحة للحياة، كهدف رئيسي لقتل الفلسطينيين، ثم دفعهم نحو الهجرة بقصد إفراغ القطاع من سكانه، تمهيدا لعودة الاحتلال أو الاستيطان وضم أجزاء من قطاع غزّة، كما يفعل في الضفة الغربية، بالإعلان عن ضم الضفة الغربية في تجسيد رؤية الحركة الصهيونية عن طريق طرد وإفراغ السكان من داخل فلسطين.
وأكد الدكتور عبد العاطي أن الاحتلال الغاشم يتبنى مقاربة حسم الصراع، وبسبب ذلك دفع المدنيين الفلسطينيين ثمنا باهظا جراء التواطؤ الغربي في جريمة الإبادة الجماعية التي تدعمها عدد من الدول الأوروبية ذات الخلفية الاستعمارية، في ظل حالة العجز الدولي عن وقف جرائم الإبادة الجماعية.
المحــتل يقتـــل الحقيقـــة والشهـــود
 وأرجع رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، أن كل هذه الظروف جعلت الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه وجريمة الإبادة الجماعية على مدار 22 شهرا، موضحا - في سياق متصل - أنه تم قتل ما يزيد عن 75 ألف شهيد ومفقود، علما أنه نحو 60 ألف منهم وصلوا المستشفيات وسجلت أسماؤهم، إضافة إلى 146 ألف جريح مسجلين، وما يزيد عن قرابة 14 ألف مفقود مازالوا تحت ركام المنازل.
وذكر رئيس “حشد” أن نحو 70 بالمائة من تركيبة الشهداء والجرحى، هم من الأطفال والنساء وكبار السن والفئات المحمية من أطباء وصحافيين وعاملين في المجال الإنساني، إلى جانب تسجيل 19 ألف طفل، بنسبة 47 بالمائة من تركيبة الشهداء، و13 ألف امرأة بنسبة لا تقل عن 18 بالمائة من تركيبة الشهداء، و7 بالمائة من كبار السن، وفيما جرى استهداف قرابة ألفي شهيد من الأطقم الطبية والممرضين والمسعفين ومصالح الدفاع المدني، وكذا قتل 233 صحافي شهيد. فيما لم يحتسب عدد الصحافيين الشهداء الذين يعملون بشكل حر، على غرار نشطاء التواصل الاجتماعي.
وأوضح “ضيف الشعب” في قراءته لهذا الواقع، أن الهدف من تكميم أفواه الصحافيين، يتمثل في قتل الحقيقة ومنع التغطية الإعلامية وقتل الشهود، أما استهداف الأطباء، فهو يعد جزءا من تدمير المنظومة الصحية، وإنهاء الخدمات الإنسانية، فيما قتل الاحتلال 542 من العاملين في المجال الإنساني، وتم تحديد أكبر عدد منهم من وكالة الغوث الدولية بواقع 392 شهيدا.
 وفي قطاع التعليم، استهدفت نيران الاحتلال 831 معلما و242 من الأكاديميين أساتذة الجامعات والعلماء، بالإضافة إلى أكثر من 700 من الرياضيين والفنانين، و264 من المحامين والنشطاء الحقوقيين، وهذه الإحصائيات - يقول المتحدث - تعكس إلى أي مدى يستهتر المحتل الصهيوني بحياة الفلسطينيين منذ أن أعلن جهارا نزع صفة “الإنسانية” عن الفلسطينيين.
90 بالمائـــة من ممتلكــــات المدنيـــين..مدمّرة
في عرض قدّم صورة عن واقع مرير وحياة صعبة لم يكتف فيها سارق الأرض باستعمال الرصاص والقنابل، قال الدكتور عبد العاطي إن الاحتلال الصهيوني يحرص على اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم واجتثاثهم من وطنهم منذ الحرب الأولى للإبادة الجماعية، خاصة بعد أن أغلق جميع معابر قطاع غزّة، وحوله إلى سجن كبير، قُطعت عنه إمدادات المياه والكهرباء، فبات بلا مياه صالحة للشرب تقريبا وبلا كهرباء لمدة 22 شهرا، كما منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية لفترات متباعدة، ونتيجة الضغط الدولي فقط، كان يسمح بدخول كميات متحكم فيها ومحدودة من المساعدات الإنسانية، بهدف فرض سياسة التجويع، بل استخدام الجوع كسلاح قاتل، إلى جانب عسكرة المساعدات الإنسانية.
 وفي أثناء سرده لصور عن بشاعة الجرائم المرتكبة من طرف الاحتلال، أشار الدكتور عبد العاطي، إلى أن الكيان الصهيوني دمر أزيد من 90 بالمائة من ممتلكات المدنيين، بعد أن صار يدمر مدنا كاملة، مثلما حدث في رفح، بعد احتلالها عقب إفراغها من سكانها، وكما حدث في شمال القطاع في مخيم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، وكل ما يجري في الوقت الراهن بخان يونس والناحية الشرقية من قطاع غزّة، وكذلك على مستوى المنطقة الشرقية والحدودية لقطاع غزّة بسبب عمليات تدمير ضخمة وخطيرة.
100 شهيــــد يوميــــا..بغــــــــزّة
ووجه رئيس حشد صرخة تحذير من خطورة ما يبيّته الاحتلال من نوايا خبيثة تستهدف تقطيع أواصر القطاع، عبر تقسيم القطاع وفرض مخططات خطة “الفقاعات” الإنسانية وخطة معسكرات الاعتقال، وتعد هذه الأخيرة جزءا من المخططات الهادفة إلى دفع المدنيين إلى مساحة يعيش فيها سكان القطاع أقل من 10 بالمائة من مساحة القطاع البالغ حجمه 365 كيلومتر مربع، عندما يعيش 2.3 مليون فلسطيني في أقل من 10 بالمائة، سيعيشون دون شك في اكتظاظ وضغط شديد، وفي ظل تدمير مراكز الإيواء من مدارس وجامعات ومستشفيات يقطن السكان في خيام بالية صيفا وشتاء وفي ظروف قاسية، علما أن هذه المناطق تفتقد إلى الخدمات، فيما أصبحت البنية التحتية لهذه المناطق غير قادرة على احتمال هذا العدد، وفي ذات الوقت، واصل الاحتلال عملية التدمير لآبار المياه، حيث دمرت 267 بئر مياه ومحطات التحلية، واستهدفت - بالموازاة مع ذلك - المدنيين الذين ينتظرون أمام عربات نقل المياه، أو محطات التحلية بالنار، كما استهدفت عمليات المساعدات الإنسانية من خلال إطلاق النار على منتظريها من مختلف الأعمار.
وأثار الدكتور عبد العاطي مسألة استهداف الاحتلال الصهيوني للعاملين في المنظمات الدولية، وعلى رأسها وكالة الغوث التي حظر الاحتلال عملها في قطاع غزّة، وأكد عبد العاطي أن الصهاينة استبدلوا بالمؤسسات الدولية ومنظومة توزيع المساعدات في أدق اللحظات الإنسانية صعوبة في داخل القطاع الذي يعيش كارثة إنسانية، مؤسسة إجرامية.
وفي هذا الإطار، روى رئيس “حشد” قصة مؤلمة تحكي الصمت الدولي الطويل عن المجازر والقتل البطيء للفلسطينيين من دون ضمير، وفضح خطورة هذه الشركة الصهيونية الأمريكية، لأنها تسمى “مؤسسة غزّة الإنسانية” وهي ليست إنسانية، وأشار إلى أنها أسست في جنيف، وحاول الفلسطينيون وقف ترخيصها، لأنهم كشفوا خطورة هذه المؤسسة والتي جاءت لعسكرة المساعدات، ومساعدة الاحتلال الصهيوني على إجراء التغيير الجغرافي والديمغرافي في القطاع، ومن أهدافها الخطيرة - يقول الدكتور عبد العاطي - ليس توزيع المساعدات لأنها استبدلت 400 نقطة توزع المساعدات إلى أربع نقاط أساسية تقدم أفضل نقطة 5000 طرد كرتوني، من أجل تجويع السكان وضمان الحد الأدنى الذي يبقي الفلسطينيين على قيد الحياة في ظروف مزرية، والأخطر أنه عبر 4 مراكز، قتل الاحتلال المدنيين الفلسطينيين المنتظرين والمجوعين أمام مراكزها، قدروا بنحو 1270 شهيدا فلسطينيا، أطلق الصهاينة عليهم النار بالدبابات والقذائف والطائرات المسيرة، رغم أن المدنيين المجوعين لا يشكلون خطرا، وأصيب أكثر من 7800 من المدنيين، واعتقل العشرات وفقد العشرات أمام هذه المراكز في جريمة كل يوم تتكرر في حق منتظري المساعدات، في ظل مجاعة كارثية تضرب أطنابها داخل القطاع.