الاستفــــادة مـن التكنولوجــيا لتوفـير قاعـدة بيانــات دقيقــة
تحديـد مناطـق التدهـور البيئـي ومواقـــع إعــادة التأهيـل
يؤكد الخبير في الغابات عبد الرحمان شيخاوي، وإطار سابق بمديرية الغابات والحزام الأخضر أن جرد الثروات الغابية الوطنية وتسييرها المستدام والتنمية الغابية، عملية إحصائية تكتسي أهمية كبيرة في إدارة الموارد الطبيعية وحمايتها، بداية بتحديد المساحة الغابية التي تتوفر عليها الجزائر، بالإضافة إلى أنواع الأشجار والنباتات والحيوانات التي تعيش فيها، وتحديد قيمتها الاقتصادية والبيئية.
أوضح الخبير شيخــاوي في تصريـح لـ«الشعب» أن جرد الثروات الغابية وإن كان يتم القيام به في السنوات السابقة، إلا أنه بموجب هذا المرسوم ستتم العملية في إطار تنظيمي وقانوني مؤطر يحدد آلياتها والوسائل المعتمدة، خاصة وأنه عملية تقنية بحتة، تتطلب تجنيد الكثير من الوسائل المادية والبشرية الكفأة من أجل تحقيق الهدف منها.
وشدّد الخبير على أن عملية جرد الثروات الغابية لا يقصد بها الخشب فقط، بل تتعداها إلى المساحات الغابية المستغلة وغير المستغلة، ناهيك عن المناطق الرطبة التي تعتبر ثروة حقيقة غير مستغلة ومثمنة، إلى جانب المناطق المحاذية والمحيطة بالشبكة الوطنية للسدود لحماية التربة من الانجراف بسبب الانحدارات الكبيرة نحو محيط السد بما تضمه من أشجار غابية ومثمرة، وكذا مختلف النباتات الزيتية والعطرية والطبية، والحيوانات بمختلف أنواعها، وكذا المنتوجات غير الغابية كالعسل.
وحول أهداف عملية جرد الثروات الغابية، أكد المتحدّث أنها تتلخص في هدف كبير يتعلق بضمان استدامة الغابات في الجزائر في إطار التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، غير أنها تضم أهداف استراتيجية ذات ارتباط وثيق بتقييم وحصر الموارد الغابية، بداية بتحديد المساحات الغابية بدقة، وتصنيفها حسب الأنواع النباتية السائدة، وتقدير الكميات المتاحة من الموارد الخشبية وغير الخشبية كالفلّين، النباتات الطبية، العسل…، مشيرا إلى أن الجزائر توجه منتوجها الوطني الخشبي للحرفيين كمادة أولية، أما الصناعة الخشبية فتعتمد على الاستيراد.
في المقابل، تسمح عملية الجرد بمتابعة تطور الغطاء الغابي بالجزائر من خلال رصد التغيرات التي تطرأ على الغابات مقارنة بالسنوات السابقة، خاصة بعد سلسلة الحرائق التي عرفتها بلادنا في السنوات الأخيرة، وبالتالي تحديد مناطق التدهور البيئي ومواقع إعادة التأهيل أو التشجير، واختيار أنواع الأشجار المناسبة الأكثر مقاومة للتغيرات المناخية سيما عامل الحرارة والجفاف واعتماد تقنيات أخرى لضمان توزيعها ما من شأنها إعادة الاعتبار للمساحات المتضررة وإعادتها للحياة.
من جهة أخرى، يشكل الاستغلال المستدام للموارد، تحديا كبيرا بالنسبة للجزائر ما يجعل منه محورا استراتيجيا يجب العمل عليه لتحقيقه مستقبلا، يتعين اليوم خاصة مع صدور المرسوم التنفيذي المحدّد لكيفيات إعداد جرد الثروات الغابية الوطنية وتسييرها المستدام والتنمية الغابية، التوجه نحو التطبيق في الميدان، من خلال وضع أسس علمية لإدارة واستغلال الغابات بشكل متوازن يحافظ على التوازن الإيكولوجي، يضيف شيخاوي.
وحسب الخبير في الغابات يجب الاستفادة من التقنيات والتكنولوجيات الحديثة في عملية الجرد وعملية الإدارة والتسيير، من خلال الرقمنة ما سيسمح مستقبلا بالحد من الاستغلال المفرط أو غير القانوني للموارد الطبيعية، وبالتالي حماية التنوع البيولوجي سيما بعد إحصاء ورصد الأنواع النباتية والحيوانية، خاصة المهددة بالانقراض، والمحافظة على النظم البيئية الغابية وحمايتها من التدهور.
وأشار المتحدّث إلى أن التكنولوجيات الحديثة من شأنها أن تدعم التخطيط البيئي واتخاذ القرار، خاصة إذا كان المكلفون بهذه المهام واعون بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم ومتحكمون في الأمر وهذا لن يكون إلا بتوفير قاعدة بيانات دقيقة وحديثة للجهات المعنية لتسهيل إعداد السياسات والبرامج، وتحديد الأولويات في مشاريع الحماية، والتشجير، ومكافحة التصحر، ووضع خطط وقائية وبرامج تدخل سريع للحد من الأضرار خاصة بعد الحرائق التي عرفتها الجزائر في السنوات الأخيرة.
بالمقابل، نوّه شيخاوي إلى أن عملية الجرد ستسلط الضوء على الإمكانات الغابية الموجودة ذات القيمة الاقتصادية على غرار أشجار الفلّين، وحمايتها من القطع العشوائي غير المحترف الذي يؤذي هذه الأشجار بسبب تعريتها وتركها عرضة للحشرات ومختلف العوامل البيئية التي قد تضر بها، وقس على ذلك، باقي بعض الأنواع.وحتى تتحقق الأهداف المرجوة من عملية الجرد الشاملة للثروات الغابية، أكد الإطار السابق بمديرية الغابات والحزام الأخضر، ضرورة تكوين الموارد البشرية من تقنيين، مهندسين ومتدخلين في عملية جرد الغابات لأنها عملية تقنية بحتة تتم باستخدام أساليب ميدانية وتقنيات حديثة كالاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية، مقترحا أيضا الاستفادة من خبرة مكاتب الدراسات بما فيها الخاصة لما لها من تنافسية واعتماد أكبر على العمل الميداني والتقنيات الحديثة.