الإعلام الجزائري والانتصار للقدس والأسرى والحقوق الفلسطينية

الأسير قتيبه مسلم – رئيس اللّجنة التّعليمية العليا لسجن جلبوع

 لا زال الشّعب الفلسطيني الصامد على أرضه والذي يعيش حالة الشتات والنفي القصري بالمخيمات الفلسطينية، كذلك يواجه أعتى آلية استعمارية استيطانية توسعية تسعى لفرض نظرتها الصهيونية ومشروعها التوسعي بالتهويد وتغيير الواقع لصالح أجندات سياسية عنصرية ورفض الانصياع لمنطق التاريخ والقانون والحقوق الفلسطينية وكافة القرارات الدولية.
وأمام هذا الخطر الاستعماري النازي الصهيوني نجد أنّ موقف الاعلام بشكل عام والاعلام الجزائري بشكل خاص يمثل نموذجاً وطنياً ثورياً إنسانياً وقومياً لصالح الحقوق الفلسطينية، ولصالح العدالة ولصالح الحرية والتحرير وخاصة ما يخص التغول الاستيطاني، وكشف كل أدواته التهويدية الصهيونية بالقدس وحاراتها وأزقتها وسعي المستعمرين لسحق الهوية الإسلامية العربية بالقدس، فالإعلام الجزائري المتنوع الأشكال يمثل إحدى روافع الدعم والاسناد والانتصار والاشتباك لصالح القدس برمتها وكافة تفاصيل الصراع داخل القدس كعنوان رئيسي في الصراع مع المستعمرين الصهاينة كونها لا تخص السيادة الفلسطينية والمستقبل الفلسطيني فقط وإنما تتعلق بكل عربيّ ومسلم ومسيحي وطني يرفض الاستعمار والظلم واستغلال الدين لصالح سياسات استعمارية توسعية تهويدية.
وهذا الإعلام الجزائري الحر والمناضل يمثل مدرسة إعلامية متقدمة في الجرأة والانشداد الواعي والقومي والعروبي والثوري والتحرري لصالح القضايا العادلة، وهو ضمير حي يعبر عن أصالة التجربة الجزائرية الثورية والرفض الجزائري الشعبي والرسمي الدائم لأي شكل استعماري ضد أي إنسان كان، فكيف إذا كان هذا الإنسان هو الإنسان الفلسطيني والشعب الفلسطيني الذي استلم راية الثورة والتحرير من المناضلين والقادة الجزائريين.
إنّ التّقصير الذي تعاني منه بعض السياسات الإعلامية في عالمنا العربي والإسلامي والدولي وعدم إعطاء الأولوية للقضايا الفلسطينية وعلى رأسها قضية القدس والأسرى الفلسطينيين ومحاولات تهويد الأغوار ومحاولات هدم المنازل والتهجير القصري، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من انتهاكات وحرب ميدانية يدلل على حجم التقصير والغربة والابتعاد عن الشعور الموحد لكل الأحرار والانتماء العربي الجذري والهم المشترك، لكنّ الجزائر رئاسة ودولة وشعباً ومؤسسات وبكل مستوياتها وعبر إعلامها الوطني والمؤسساتي والأهلي تجسد سياسة الوفاء والدعم الحقيقي لنضال وصمود أبناء شعبنا الفلسطينيين وخاصة المقدسيين أولاً وللأسرى وللأهداف الوطنية الفلسطينية والقيادة والكفاح التحرري الفلسطيني وكما ينتصر الاعلام الجزائري للقدس العاصمة الفلسطينية في كل معاركها وصمودها، فهو ينتصر كذلك وبكل التفاصيل لقضية الأسرى الفلسطينيين ولمعاناتهم ولجوعهم وآلامهم وتفاصيل كل ذلك، وما تمثله هذه القضية من جرح نازف ومعاناة إنسانية كبرى تتحدى كل حدود المنطق، حيث هناك من ينهي في قيود المستعمرين الصهاينة أكثر من أربعون عاماً ويخرج فارساً شامخاً لا ينحني لكل سياسات القمع ولا زال الآلاف يتحدون كل شروط الحياة الفاشية وقوانين الاجرام الصهيوني، ويضحون بسنوات عمرهم في ظروف لا إنسانية صعبة ولولا دور الاعلام الجزائري المتقدم وما يشابهه من إعلام آخر في بعض الدول هذا الاعلام الجزائري المقاوم لمى استطاع الأسرى والمقدسيين والمقاومين الفلسطينيين الصمود أمام كل آلات وأدوات الاعلام الصهيوني والفضائيات التابعة لثقافة الاستعلاء والعنصرية والاستعمار.
لقد كان من عوامل نجاح المقاومة الشعبية في الجالية الهندية جنوب افريقيا بزعامة غاندي لمدة تزيد عن عشرين عاماً توظيف وسائل الدعاية والاعلام لصالح قضية الجالية ممّا يساهم في زيادة التعاطف والدعم والاسناد والتضامن معها، فقد ركّز غاندي على كشف ما يتعرض له الهنود من قهر وظلم، وركّز على إعداد النشرات والكتيبات ونشرها، وجند الطلاب كمتطوعين لتوزيعها وكتابة المقالات والعرائض والتواصل مع رؤساء تحرير الصحف والمجلات لنشر القضية. وهنا نرى الإعلام الجزائري متقدماً في هذا السياق لصالح قضية النضال الفلسطيني بكل شموليتها، وكأنها قضية داخلية جزائرية وهذا يعطي دلالة على أصالة ووعي الجزائريين ودورهم الطلائعي الريادي في حماية وحراسة كل قضايا الأمة العربية وعلى رأسها قضية النضال الفلسطيني.
وقد استمرّت مقاومة شعب جنوب افريقيا للتمييز والفصل العنصري بزعامة مانديلا نصف قرن من الزمان، وكان من عوامل نجاحه تواصل ممثلي أحزاب المقاومة في جنوب افريقيا مع زعماء الأحزاب السياسية ورؤساء تحرير الصحف والمجلات والمسؤولين عن وسائل الاعلام في الدول الغربية لشرح قضيتهم العادلة، وتغيير النظرة السلبية اتجاه كفاحهم ومحاربة الحرب النفسية التي يشنها العدو ضد المقاومة ورموزها، والتوعية بمخاطر الاشاعات المغرضة التي تهدف لتمزيق وحدة المقاومين والقادة وبث الفرقة والانقسام بين الأحزاب الوطنية المتحالفة، والعمل على كشف العملاء الذين زرعهم الخصم في صفوف المقاومة. فدور الإعلام وجبهته الساخنة يمثل سلاحاً مركزياً في كشف الحقائق وتقديم الدعم للكفاح التحرري، وهكذا نرى أنّ ما يقدمه الإعلام الجزائري المتنوع من مساحات مختلفة ومتابعة أدق تفاصيل الصراع اليومي بالقدس العاصمة الفلسطينية، وفي ملف الأسرى وكافة الملفات الفلسطينية الأخرى تكشف لنا أنّ الجزائر يحمي ظهرنا الفلسطيني، ويسخر إعلامه الجريء والوطني لصالح حقوقنا الوطنية، ويعالج بعض الثغرات والضعف الإعلامي هنا وهناك، ويصدح بكل وعي وانتماء سياسة المستعمرين الصهاينة، ولا يقبل منطق التطبيع والتتبيع والارتهان لشروط القوة الاستعمارية؛ لأنّ أرض الجزائر وهواءها وماءها وشجرها وقيادتها وثوارها وكل مقاتليها هم مدرسة الأجيال الدائمة في الاشتباك والمقاومة، فشكراً لكم أيها الفرسان الأحرار من قلب المعاناة والجوع في السجون الصهيونية من الأسرى الفلسطينيين، حيث نتحدّى ولا نخشى هؤلاء الفاشيين لأنّنا نثق أنّ هناك في أمّتنا، من لا زال يرفض الهزيمة والاستسلام والركوع ويدعم المقاومة، فكيف يساوم من دفع الملايين على مذبح الحرية والسيادة والاستقلال.
أنتم صوتنا أيّها الجزائريّون الثّوريّون، أنتم رهان كل الأحرار، أنتم اللغة الكفاحية والوطنية التي لا تسمح لأي لغةٍ أخرى بأن تسود في عالمنا العربي أنتم اللغة التي تتحدى سياسات الاستعمار، وأنتم اللغة الثورية التي تتحدى محاولات اغتصاب عقول الشباب العربي لكم تنحني الهامات وفلسطين الثائرة تعانق الجزائر دوماً بكل حب وشموخ، ونحن في قيودنا لا ننهزم ومعنا عناوين الفعل الإعلامي الجزائري، وبكم ننتصر وسننتصر على هذا العدو الاستعماري الصهيوني بكل توحد وشموخ وتضحية.

وفّقكم الله وأدام عطاءكم وبكم ننتصر دوماً.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024