طباعة هذه الصفحة

إلى الشاعر سميح القاسم.. قيثارة فلسطين

شعر: فرحان الخطيب

 



تعالَ إليَّ وانظرْ يا سميحُ أنا طفلٌ شَهيدٌ أو جَريحُ
أنا غصنُ وتحْطُبُ بي فؤوسٌ وتقذفُ بي معَ النّيرانِ رِيحُ
أنا في “غزّةَ “ الجُلّى صُمودٌ وطوّقني عَدوٌّ مُستبيحُ
وحَاصَرني زناةُ الأرضِ جَهْراً وجُرحي من مُدَى غَدرٍ يَصيحُ
تعالَ فإنَّ لي وَجهاً مُدمّى وقبلَ الحَرْبِ لي وَجهٌ صَبيحُ
تعالَ إليَّ لَمْلمْ لي ضُلوعِي أنَا جَسدٌ على جَسدٍ كَسيحُ
وَذَنْبي أنّني جَذرٌ بأرْضِي وَهُمْ في رِمْلنا وَهْمٌ وشِيحُ
وذَنْبي أنّني نَخلٌ عريق وهمْ سُمٌّ زُعافٌ أوفَحِيحُ

تعال إليّ وًاحْملني شهيداً كَما أنشدْتَ يَوْماً يا سَميحُ
لقدْ كفّنتُ ذَاتي في ثِيَابي وبينَ سُفوحِنا قَبرِي صَريحُ
لقد هدمَ الغزاةُ بيوتَ أهْلي فلا جَسَدٌ سليمٌ أوْ صَحيحُ
لقد هَجَموا كَما وحشٍ جَريحٍ أتعلم مَا هُوَ الوحشُ الجَريحُ!؟
فقدْ بَلغتْ نَواجذُهُ الحنايا ونابُ عدونا عفن وقيحُ
تفسّختِ الجلودُ بحرّ شَمسٍ وليس يلمّ أشلائي ضريحُ
وفي لُغةِ المَجازرٍ قد تَساوَى غريبُ الدّارِ والفِعلُ القبيحُ
وصُرنا بينَ نارٍ من سَماءٍ ونارِ الأرضِ جمَّرهَا صفيحُ
وقدْ ضَاقتْ مَقابرُنا عَلينا وضَاقَ الوقتُ والأفقُ الفسيحُ
فلا تغفرْ لهمْ ذنباً إلهي ولاتغفرْ محَمّدُ والمسيحُ

تعالَ إلي وَاسْمَعْ يا سميحُ أليسَ بعُرْبِنا عقلٌ رجيحُ
يصيحُ بهم إلى طُوفانِ أقصى سِراعاً، أم لَهم نظرٌ شحيحُ!؟
تَعامَوا عن مَصَائِبنا وولّوا وهلْ قيسٌ عدوّكً يَا ذُرَيْحُ
فلا خجلٌ لديهمْ أو حياءٌ ونَخْوتُهم بقَبرٍ تستريحُ
يحاصِرنُا العدوُّ فحاصَرُونا فهلْ صُمّوا ونحنُ لهمْ نَصيحُ
يعزُّ عليّ يا أبناءِ قومي وسيفُ جهادِكمْ عنّا يُشيحُ
فوا أسفي على عَرَبٍ نيامٍ وليس بهم شُجاعٌ أو فليحُ
ولكنّا كما الفينيق نحيا وللطوفانِ دَوْماً يَا سَمِيحُ