طباعة هذه الصفحة

إعادة صياغة وبعث السياسة الإفريقية للجزائر

المبادرة الاقتصادية تأشيرة إلى قلب إفريقيا

سعيد بن عياد

أكد الخبير والمحلل السياسي والاقتصادي صالح موهوبي أن للجزائر رصيد معتبر في العلاقات الإفريقية خاصة في أوساط النخب المختلفة داعيا إلى استثمار هذا الرأسمال بتعميق مسار الاحترافية الدبلوماسية تجاه إفريقيا وإحداث تخصصات وفقا للملفات والقضايا.

ومن منتدى الشعب الذي عالج فيه أمس مسالة التهديدات التي تترصد منطقة الساحل من حيث الرهانات والآفاق في ضوء ما يجري الترتيب له لشن حرب على منطقة الشمال المنفصلة عمليا عن الدولة المركزية بالجنوب رافع عن عدم التدخل العسكري في شمال مالي والتركيز على العمل الدبلوماسي والسياسي بتشجيع الأطراف المعنية في دولة مالي على إيجاد حل مناسب يرضيهم ويعكس طموحاتهم مما يساعد على توفير مساحة كبيرة لبعث التنمية بمختلف أشكالها.
وبلغة يميزها الوضوح أشار إلى أنه من حق الجزائر أن تدافع عن حقوقها المشروعة خاصة وان لديها الإمكانيات والوسائل لبلوغ أهدافها القائمة على جملة من المبادئ والقواعد التي أرستها والتزمت بها ودافعت عنها منذ فجر الاستقلال ومنها بالأخص احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وحل النزاعات بالحوار والدبلوماسية ومرافقة كل تلك المبادئ بتنمية روح التضامن والتنمية.
وبالفعل تملك الجزائر قوة مصداقية في القارة الإفريقية ينبغي صيانتها وتنميتها في الظرف الراهن لضمان ثمارها في المستقبل وذلك بالعمل وبكل جد على إعادة صياغة البعد الإفريقي في السياسة الخارجية ووضع إستراتيجية بما ينهي حالة الفراغ المثير للتساؤل. ويعتبر أن خير مسار لذلك الدفع بإرساء حضور اقتصادي في مختلف المناطق من خلال استثمار شتى المشاريع والبرامج التشاركية وتوسيع التمثيل الاقتصادي في القارة السمراء وفق منطق حسابات دقيق ومضمون الربح بكل أنواعه.
وفي هذا الإطار من المهم بلا شك إقحام القطاع الاقتصادي الوطني الخاص في استكشاف واستغلال الأسواق الإفريقية بالاستثمار قدر الممكن أو بالتسويق إليها، علما أن مهمة بهذا الحجم الاستراتيجي يتكفل بها متعاملون يدركون الرهانات والتحديات بأبعادها الجيوسياسية وبتصور اكبر من ذهنية تاجر الدكان القائم على الربح والخسارة في الحين. وتتوفر الجزائر على منظومة اقتصادية بما فيها خواص ينبغي إدراجهم في التصور الإفريقي الجديد ليأخذوا عموميون وخواص مواقع متقدمة في أدغال إفريقيا ومن ثمة لا يمكن استمرار عمل الدبلوماسي مجردا من مرافق اقتصادي.
إنها الدبلوماسية الاقتصادية التي أصبحت البديل للدبلوماسية التقليدية تحمل المواقف وتدافع عنها وتقتحم المواقع المستعصية بعيدا عن أي بهرجة أو تجاوز للطموحات والإمكانيات. وأحيانا ببرامج بسيطة وميسرة يمكن الفوز بالكثير بالاعتماد على الموروث الدبلوماسي لبلادنا. وكان الخبير موهوبي في الصميم حينما تساءل إن كان لدينا مركز للدراسات الإفريقية بالمفهوم الشامل؟.
وربما من هنا تبدأ ملامح إعادة بعث السياسة الإفريقية للجزائر بالمعايير الجديدة والمرجعية التاريخية المستندة للشرعية الدولية وقوة الاقتراح والمبادرة الدبلوماسية ومخاطبة الغير من خارج القارة بلغة المصالح الإستراتيجية للجزائر والتي تتطلب حاليا ومستقبلا إبعاد شبح الحرب في منطقة الساحل والتركيز على تنمية روح ومضمون مبادئ الألفية للأمم المتحدة في كنف السلم والحوار المفتوح والشفاف.