طباعة هذه الصفحة

الإعلامي عبد السلام شكركر

الكتابة الشبابية ملكة تتطور بالقراءة وتصقل بالتحفيز

حاوره : سمير العيفة

غياب فضاءات للكتابة قتل العديد من المواهب

الكتابة هي المتنفس الحقيقي عن مكنونات النفس ،العقول قدور والأقلام ملاعقها ، هكذا قيل قديما ، ولازال إلى يومنا هذا.. الكتابة ملكة تكشف عن ما يدور في الذهن وما يخلد في النفس من مواهب وعلوم وأفكار طالما تسمو إلى مصاف التجسيد الواقعي بأعمال سينمائية أو علمية راقية ، كما أن فعل الكتابة لا ينمو من فراغ ، لا بد من توفر البيئة الملائمة في ظل عالم سمعي بصري أتى على كل ما هو عقلي نابع عن الذات الفردية .  
لنا تجربة مع احد الإعلاميين البارزين والأكاديمي « عبد السلام شكركر « ، من خلال صفحة «شباب بلادي»، ينقل لنا تجربته في عالم الكتابة الأكاديمية ، باشرها في بداية مشواره العلمي ، فكان لنا معه هذا الحوار.

- « الشعب»: هل تروي لنا بداية تجربتك في الكتابة؟
 عبد السلام شكركر: بادئ ذي بدء التحية والشكر ، لجريدة الشعب العريقة ، نعم كانت أول تجربة لي في عالم الكتابة. الكتابة الأكاديمية التي أميل إليها كثيراً ،في مقدمتها: كتاب معنون بــ»لإعلام التوعوي- المفاهيم والمجالات- الطبعة الأولى 2018» صادر عن مركز الكتاب الأكاديمي بالأردن. كتاب موجه لطلبة علوم الإعلام والاتصال وكان حاضراً هذا العام في الطبعة 23 لمعرض الكتاب الدولي الجزائر (سيلا2018).
كتابي الأول على كل حال، كما لديّ  مجموعة من المقالات العلمية من بينها المقال الذي صدر في مجلة العلوم السياسية والقانون بعنوان ‘’الثالوث المترابط: الإعلام، التنمية والبيئة’’، الصادر في العدد06/ المجلد02/ يناير2017.
مع العلم  أن المجلة الدولية ، تصدر عن المركز العربي الديمقراطي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية، بألمانيا- برلين.
- هل هناك مؤلفات اخرى لديكم او مقالات؟
 لي مقال في مجلة دراسات حول الجزائر والعالم بعنوان ‘’أهمية ودور الاتصال في الوقاية من حوادث المرور- دراسة استطلاعية على عينة من مواطني الجزائر العاصمة-’’ العدد 07/ المجلد 02/ ديسمبر 2017. وأيضا صدر لي مقال آخر في مجلة الحكمة للدراسات الإعلامية والاتصالية بعنوان: ‘’أهمية الإستراتيجية الاتصالية المعلوماتية للمنشأة الصناعية’’، العدد14/ السداسي الأول/2018، هذه منشوراتي في المجال الأكاديمي، لكن المشوار لا يزال طويلاً أمامنا لتقديم إصدارات أخرى في ذات المجال بحول الله، لكن هذا لا يعني أنني أحب الكتابة في مجال واحد فقط، لكن بدايتي الأولى كانت بالكتابات التي لها علاقة بتخصصي. ربما سأنتقل إلى الكتابة في مجالات الأخرى في المستقبل.
- هل وجدت في ولوجك لعالم الكتابة القدر الكافي من التحفيز ؟
  والله أكون صريحا معك أنني لم أجد القدر الكافي من التحفيز إلا من طرف أهلي طبعاً الذي كان السند الوحيد في مسيرتي العلمية، وكذا من بعض الأساتذة والزملاء الذين دفعوني للولوج إلى هذا العالم الجميل والمليء بالعراقيل في ذات الوقت.
 لكن دعني أقول لك الشيء الذي دفعني للكتابة ، هو أولاً حبي لها وشغوفي بها.ثانياً مادمت أنتمي إلى الجامعة الجزائرية فمن واجبي أقدم لها بعض الأعمال، فهي الأولى التي قدمت لنا الكثير والكثير ودرّستنا وعلّمتنا.
 علينا كذلك  أن نقدم للجامعة أعمالنا ونساهم فيها، وأغتنم هذه السانحة ومن هذا المنبر ، منبر «الشعب» لأقدم كل الامتنان والتقدير لأساتذتي الأجلاء الذين تتلمذت على أيديهم منذ طفولتي إلى شبابي ولازلت...
 أما ثالثاً فإنّ الكتابات الأكاديمية أصبحت في وقتنا الحالي ضرورة لكل باحث أو أستاذ أو طالب باحث...، فلا يمكن أن نسير في طريق البحث العلمي دون أن ننير ذلك الطريق بأعمال علمية وأكاديمية.هي بمثابة الضوء الذي يجعلك تبصر لكي تستمر في مسيرتك العلمية، حيث أصبحت المؤلفات سواء كانت كتب أو مقالات علمية أو أبحاث ودراسات من متطلبات الدراسات العليا  والبحث العلمي والجامعة ككل، فهذه الأخيرة بحاجة إلى مثل هذه الأعمال التي يستفيد منها الكل من طلبة ومؤسسات... وغيرها.
أعتقد أن مهنة الأستاذ لا تقتصر فقط على تقديم الدروس للطلبة ، بل لابد منه تقديم قيمة مضافة إلى مجال البحث العلمي. أما الشطر الثاني من سؤالك أقول لك لم أجد أمامي تحفيزات ماعدا تلك التحفيزات المعنوية التي منحتني إيّاها عائلتي وكذا بعض من زملائي. وإذا قصدت التحفيزات المادية فأقول لك أن الباحث تعوزه المادة لطبع كتاباته ومؤلفاته.
 - ماهي أهم المحطات التي مازالت تختزنها في ذاكرتك مع مشوارك في عالم الكتابة؟
 أهم هذه المحطات هي تلك الكتابات السيئة التي كتبتها في البداية وكنت مترددا منها لاعتقادي لم ترتق  إلى المستوى المطلوب، لكن بدأت بعد ذلك في بنائها وتطعيمها بأفكار جديدة ووفقاً لأسلوب ممنهج، فالكتابة عادة ما تكون سيئة في البداية لكن بعد إعادة صياغتها وتطويرها حتماً تصل إلى الكتابة التي ترضيك.
أتذكر تلك الأوقات التي أنعزل فيها عن العالم الخارجي لقرابة ثلاثة أيام على التوالي ملتزماً غرفتي أمام طاولتي ومع أوراقي وأقلامي وحاسوبي منعكفاً للكتابة، حتى يرن هاتفي، وعندما أرد أجد بعض من أصدقائي الأعزاء الذين يتصلون بي ليطمئنوا على صحتي، فإنهم يعتقدون أنني مريض وطريح الفراش، لكن في حقيقة الأمر كنت منشغلاً في الكتابة، إنها ذكريات حقيقةً لا تُنسى.
 
نحيا بالكتابة

- بماذا تنصح الفئات الشبانية التي تريد أن تلج عالم الكتابة؟
 الكتابة ليست بالأمر الهين كما يعتقد البعض بل تتطلب المعايير والضوابط والأسس والمراحل التي يسلكها الكاتب، لهذا أنصح نفسي والاخرين من يريد الكتابة يجب أن يكون محباً للمعرفة، وشغوفا بالقراءة، ومفتوناً بالكتابة، لأن ‘’الكتابة كما يقال هي الحياة’’ أو بتعبير آخر ‘’نكتب لأننا نحيا بالكتابة’’.
 ولهذا أنصح كل من يملك مشروعا فكريا يريد أن يقدمه، أن يعرف بأن ذلك المشروع بمثابة رسالة مخلدة يحملها للقارئ، وبالتالي هذه الرسالة تكون مبنية وفقاً لضوابط ومعايير وأسس علمية، فمثلا في بحوثي ومقالاتي الأكاديمية المنشورة سواء في مجلات داخل الوطن أو خارجه.
 كان لابد مني أن أتبع منهجية بحثية علمية أكاديمية، كون هذه المجلات تشترط ذلك، فاعلم أن العمل الذي تتقدم به يُحكّم من طرف لجنة تحكيمية علمية تتكون من ثلة من الأساتذة والدكاترة، فأي خلل أو نقص في عملك سواء كان من الناحية المنهجية أو من الناحية العلمية والمعرفية سوف يؤدي ذلك إلى إلغائه وعدم نشره، ولهذا أنصح دائماً بضرورة التمكن والتحكم في المنهجية البحثية، وكذا التقيد بالأمانة العلمية التي هي شرط أساسي في الكتابات الأكاديمية، ناهيك عن ضرورة تناسق الأفكار واتساق الأسلوب وانسجام الرأي.
- كيف تقيّم الكتابة الشبانية في الجزائر ؟
  بصراحة لا أستطيع أن أقدم لك تقييما عن الكتابة الشبانية في الجزائر، فهناك جهات مخولة ومختصة بذلك، فنترك المجال لها .لكن ما أستطيع قوله في هذا الشأن أن هناك كتابات احترمت فعلاً أصول وقواعد الكتابة التي ترتقي بها إلى القمة، والأبعد من ذلك هناك كتابات شبانية تحمل الإلهام والإبداع لأنّ صاحبها رغم صغر سنه وشبابه لكن اثبت انه كاتب خلاق، يتميز بالشفافية والدقة والنظرة البعيدة الثاقبة للأمور والتأمل والتفكير، يعي جيداً .
الكتابة ليست فقط أفكارا ومعلومات وحقائق تدون، إنما هي فن تتطلب من صاحبها أن يُفعِّل  في داخله ماكنة الإبداع والتحليل، الكتابات التي تتميز بهذين العنصرين حتماً تكون صالحة لكل زمان ومكان، بل كلما مرّ عليها الزمان ازدادت قيمتها.
 لهذا لا يمكن احتقار وإنقاص من شأن كتابات هذه الفئة، بل يتطلب تشجيعها والافتخار والاعتزاز بها. خاصة أن هذه الفئة أثبتت وجودها بكتاباتها التي قدمتها وشاركت في الطبعة الـ23 لمعرض الكتاب الدولي ‘’سيلا2018’’.راينا هنا في هذه التظاهرة  الكثير من المؤلفات في مختلف المجالات المعروضة في الصالون هذه السنة تعود للفئة الشبانية. هذا ما يبعث الأمل والفرح، وهو ما يحفزها كذلك على المثابرة والصمود، لأن مجال الكتابة كما أشرنا آنفاً مليء بالمطبات، كغياب التحفيزات، ووجود مثلاً فئة معينة بدلاً أن تشجع أصبحت لا تعترف ولا تؤمن بهذه الكتابات كونها تعود لفئة شبانية صغيرة. ما نطلبه من الجهات الوصية حماية إبداعات الفئة الشبانية الموهوبة والنظر إليها وتحفيزها وتدعيمها، لأن الشباب سيما هؤلاء الذين يحملون مشاريع فكرية إبداعية هم مستقبل ونواة المجتمع الأساسية. هم سبب قوة المجتمع ونهضته. الجزائر في أمس الحاجة إلى مثل هذه  الأعمال التي تقدمها الفئة الشبانية، فالتغيير وبلوغ التقدم والتطور لا يأتي إلا بالثورة العلمية والفكرية.