طباعة هذه الصفحة

الباحـث عبـد اللــه بـن صحيح والأستاذة مسلم فتيحـة يؤكّـدان لـ «الشعــب»:

«هناك إقبال كبير من الشبـاب عــــلى ولــــوج مجــــال تركيب وصيانة الألواح الخاصّة بالطّاقة الشّمسية»

عمار حميسي

 «الاهتمــام بالطّاقـــــة الشّمسيـة ضــروري لأنّهـا البديـل للنّفــط»

 تعد الطّاقة الشّمسية من الطّاقات المتجدّدة التي تعرف رواجا كبيرا في العالم، وانتقلت إلى الجزائر هذه الظاهرة حيث أضحى الاهتمام كبيرا بهذا المجال خاصة من عنصر الشباب، حيث فتحت صفحة «شباب بلادي» الباب أمام باحثين في المجال وهما عبد الله بن صحيح باحث في الطاقة الشمسية ومركب ألواح وصيانة والسيدة مسلم فتيحة مديرة مدرسة «أطلس أكاديمي اختصاص طاقة شمسية» والمتواجدة في باتنة.

لم يفوّت الثنائي المذكور الفرصة بتواجدهما في جريدة «الشعب» للتأكيد على أهمية هذا المجال، حيث كشف عبد الله بن صحيح انه دخل مجال الطاقة الشمسية حبّا فيه ورغبة منه في التعلم وصقل امكانياته، حيث قال: «هناك من يعتقد أن مجال الطاقة الشمسية علم معقّد لكن العكس هو مجال رائع، وبمجرد دخولك إياك يجذبك الاهتمام اليه، وهو الامر الذي حفّزني على دخول هذا المجال المهم الذي يعد مستقبل الكرة الارضية إن صح القول، خاصة ان العديد من البلدان أصبح يولي اهتماما كبيرا للطاقات المتجددة على غرار الطاقة الشمسية».
كشف الباحث عبد الله بن صحيح والاستاذة مسلم فتيحة ان الطاقة الشمسية هي الطاقة النظيفة التي تعد مكتسباتها لا تعد ولا تحصى، وقالت هذه الاخيرة في هذا المجال: «أهم ما يميز الطاقة الشمسية أنّها طاقة مستديمة متجدّدة، وهذا ما يميزها عن ثروات أخرى كالبترول وغيره، فمن منّا لا يخشى أن يقوم من نومه يوما ما فيعرف أن البترول قد نفذ من العالم بخلاف الشمس التي مع كونها أهم الطاقات الموجودة على الأرض، فهي أيضا غير معرّضة للنفاذ، ممّا يعني أن السيارات ومحطات الطاقة وكل الأشياء التي تعمل بالطاقة الشمسية سيُكتب لها الخلود ما بقيت الشمس تشرق كل صباح، وتوليد الكهرباء من أعظم ما قدمته الطاقة الشمسية للبشرية، فأولئك الذين لا يملكون المال للحصول على الكهرباء من المصادر الأصلية يمكنهم توليد الكهرباء الخاصة بهم عن طريق الشمس، وهذا يعني توفير الأموال الباهظة التي كانت تدفع في فواتير الكهرباء، أي أن الطاقة الشمسية ساهمت بشكل أو بآخر في تحسين معيشة الأفراد عن طريق توفير أموالهم، ومن المتوقع أن تسود تجربة توليد الكهرباء عن طريق الشمس بحلول العام 2050».

«صديقة للبيئة....»

واصل بن صحيح التأكيد أن الطاقة الشمسية غير ملوثة للبيئة، وقال: «كل الأشياء التي تحتاج إلى الطاقة الشمسية تحصل عليها دون أي ضوضاء أو تلوث، فالشمس لا تصدر صوتا مثلا حين تقوم بتوليد الكهرباء أو تشغيل السيارات بخلاف الأجهزة الأخرى التي تؤدي نفس المهمة كمحطات التوليد مثلا التي تحتاج إلى أجهزة ضخمة ذات صوت عملاق، وكذلك السيارات التي تعمل بالغاز والبنزين فهي لا تصدر صوتا مزعجا فقط بل تقوم أيضا بعملية تلويث للجو وتظهر الفارق بينها وبين الطاقة الشمسية تلك الطاقة النظيفة، وبخلاف أن الطاقة الشمسية تغني عن استخدام الكهرباء فهي كذلك تزيل عبئا كبيرا من على عاتق الحكومات التي يتحتم عليها توصيل الكهرباء إلى كل منزل من منازل مواطنيها، لذلك تحرص تلك الحكومات على تقدير مستخدمي الطاقة الشمسية ماديا ومعنويا لتشجيع البقية على انتهاج نهجهم، فلو حدث واستخدم نصف سكان أي دولة الطاقة الشمسية بدلا من مولدات الكهرباء، فسيؤدي ذلك إلى توفير الكثير من المال، وهذا ما تتمناه أي حكومة بكل تأكيد».

«عنصر الشباب حاضر بقوّة»

 أجمع بن صحيح عبد الله والسيدة مسلم فتيحة الى الاقبال الكبير لعنصر الشباب على التكوين في مجال الطاقة الشمسية، حيث قالت السيدة مسلم في هذا الخصوص: «بحكم تواجدي في الميدان أؤكد أن هناك العديد من الشباب من مختلف مناطق الوطن يقبل على التكوين في مجال تركيب و صيانة الالواح الشمسية رغم ان الامور تكون صعبة ومعقدة في البداية، إلا ان عنصر الشباب حاضر بقوة في هذا المجال، وخلال الفترة المقبلة سنشهد دخول مجموعة كبيرة من الشباب الى الميدان بعد استكمال فترة التكوين التي لا تدوم طويلا، وهو الامر الذي يجعلنا متفائلين بمستقبل استغلال الطاقات المتجددة في الجزائر بما أن اليد العاملة ضرورية في هذا المجال، وغيابها في السابق أثّر كثيرا على نشاطاتنا في الميدان».

«مؤهّلات كبيرة تملكها الجزائر في هذا المجال»

أكّدت الاستاذة مسلم فتيحة أ الجزائر تملك مؤهلات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية، وقال في هذا الخصوص: «الجزائر تملك مؤهلات كبيرة في شكل مخزون الطاقة الشمسية هو الأكبر في كل العالم وبالتحديد في الجنوب الجزائري، حيث يعادل هذا المخزون 37 مليار متر مكعب، أي ما يعادل 10 حقول كبيرة من الغاز الطبيعي وبمقارنة بسيطة مع ألمانيا مثلا التي تملك ثلث هذه الطاقة نرى أنها نجحت في أن تكون الرائدة في مجال الطاقات المتجددة في أوروبا كلها، ولذلك يجب التأكيد على ضرورة إسراع باتجاه الانتقال نحو الطاقات المتجددة خاصة عن طريق الطاقة الشمسية».
وأبدت الدولة الجزائرية رغبة في استغلال هذه القوة الطاقوية، وقالت مديرة مدرسة اطلس اكاديمي: «رغم الاستفاقة المتأخرة التي اظهرتها السلطات العمومية في الآونة الأخيرة في شكل استراتيجية طاقوية جديدة تحت ضغط أزمة المحروقات في السوق العالمية، إلا انها جاءت متإخرة نوعا ما بسبب الفشل الذريع الذي منيت به كل المشاريع الاستراتيجية التي عزمت الدولة على تجسيدها في السنوات الماضية، ولعل أبرزها مشروع «ديزيرتيك» الذي تقرر سنة 2009 بكلفة مالية إجمالية تعادل 400 مليار أورو، إذ لم يرى هذا الأخير النور منذ الإعلان عن نية تجسيده من قبل مؤسسة «ديزيرتيك» الألمانية في شمال إفريقيا بشراكة مع مجموعة من الشركات والبنوك الألمانية المهتمة بهذا المجال، والتي أبدت استعدادها لتمويله بشكل كبير قبل أن تتراجع وتنسحب لضغوط واعتبارات متعددة حالت دون تنفيذ المشروع».

« 5 محطّات جديدة في الجنوب»

تسعى الجزائر لاستغلال الطاقة الشمسية حسب الباحث في المحال بن صحيح عبد الله الذي قال: «هناك محطات معدودة في مناطق مختلفة من الجنوب الجزائري فإن أثرها يبقى شبه منعدم على غرار محطة حاسي الرمل بينما تكلل مشروع إنجاز محطات أخرى في منطقة قمار والجنوب الغربي بالتعثر بعد أن قررت مؤسسة سونلغاز توقيف المشروع، أما المحطات الهجينة الأخرى فلا تعدو أن تكون تلك المتواجدة في منطقة برج باجي مختار ومحطة نيل بحاسي الرمل، وخلافا لهذا الوضع الذي فوّت على الجزائر استغلال ثروة لا تنضب وبأريحية كبيرة نتيجة البحبوحة المالية التي عرفتها البلاد طيلة 10 سنوات الأخيرة لدرجة إقدام الجزائر على مسح ديون العديد من الدول الإفريقية وذلك بفعل ارتفاع سعر برميل البترول إلى حدود قياسية تمكنت بلدان أخرى لا تملك لا المؤهلات الطبيعية ولا المادية التي تتمتع بها الجزائر من إقامة مشاريع استراتيجية واعدة».
ودخل المخطط الجديد للدولة حيز التنفيذ، حيث قال بن صحيح عبد الله في هذا المجال: «هناك 5 محطات جديدة ستدخل حيز الخدمة خلال الفترة المقبلة متواجدة في مناطق عديدة بالجنوب، وأعتقد ان هذا الامر سيعود بالفائدة على الوطن من حيث تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة الصديقة للبيئة، وهو ما سينعكس ايجابا على الاقتصاد الوطني».

«إدخال الطّاقة الشّمسية للمنازل أمر ممكن»

أصبح إدخال الكهرباء المولدة عن طريق الطاقة الشمسية إلى المنزل او المؤسسة أمرا في متناول الجميع بالجزائر سواء على  المستوى التقني أو المالي.
وأوضح الباحث بن صحيح عبد الله في هذا الخصوص قائلا: «تركيب نظام تزود بالكهرباء بواسطة ضوء الشمس يمر عبر مراحل بسيطة تقنيا وفي المتناول ماليا حتى بالنسبة للعائلات متوسطة الدخل، خاصة وأن الجزائر تتمتع بنسبة تعرض للشمس عالية جدا تصل إلى 3.500 ساعة سنويا في أدرار وعين صالح
و2.600 ساعة سنويا في مناطق شمال البلاد، وهو ما يمثل إمكانيات طبيعية ضخمة».
ولخص عبد الله الامر في قوله: «وتوجد طريقتان لتركيب اللوحات الكهروضوئية في المنزل إما عن طريق نظام التخزين، وهو الأكثر سهولة باعتباره غير خاضع لأي تنظيم قانوني خاص، وإما عن  طريق ربط الألواح الكهروضوئية بالنظام الرئيسي للتزود بالكهرباء التابع لشركة سونلغاز، وذلك بواسطة فتح عداد ثاني ويتعلق الأمر بالنسبة للطريقة الأولى نظام التخزين بربط بسيط بين الأجهزة  والألواح الشمسية ابتداء من التقاط الضوء إلى غاية تحويلها النهائي إلى  كهرباء، ويتعين على الراغب في استخدام هذه الطريقة اللجوء إلى تقني مختص للقيام  بدراسة شاملة يتم من خلالها ضبط حاجيات المنزل من ناحية الاستهلاك الكهربائي  قصد تحديد الوسائل الضرورية».
ويشترط على صاحب المنزل القيام ببعص الامور الضرورية لانجاح ايصال منزله بالطاقة الشمسية حسب عبد الله، الذي قال: «صاحب المنزل مطالب بتخصيص وتأهيل المساحة التي تستضيف الألواح الشمسية، والتي ينبغي أن تكون موجهة نحو الجنوب وفق نسبة انحناء دقيقة قصد التقاط أعلى  مستويات الاشعاع، كما أنه من الضروري اقتناء جهاز آخر وهو منظم الشحن للتمكن من الحصول على  طاقة ملائمة للأجهزة الكهرومنزلية (220 فولط على الأكثر). أما عن البطاريات فهي متوفرة في السوق الوطنية بشكل كاف مع نماذج محلية الصنع ذات نوعية جيدة، غير أن نظام التخزين يتطلب من المستخدم اتخاذ مجموعة من التدابير لرفع المردودية، ومن بينها الحد من التبذير وعزل المنزل، حيث أن الأبنية المشيدة بمواد بناء عازلة مع نوافذ بزجاج مضاعف تجعل الأجهزة الكهرومنزلية أقل استهلاكا للطاقة (رتبة أ)».
وتؤكّد السيدة مسلم بخصوص وفرة التقنيين في مجال الأنظمة الكهروضوئية، أن الأمر لا يطرح أي إشكال باعتبار أن مدرستها رفقة مراكز التكوين المهني قامت  بتكوين عدد كاف من المختصين في هذا المجال.
وفيما يتعلق بالطريقة الثانية للتزود بالطاقة الشمسية، قال بن صحيح عبد الله: «الأمر يشبه نظام التخزين باستثناء أنه يتطلب ربط الألواح الشمسية في الشبكة الكهربائية التابعة لسونلغاز، من خلال تركيب عداد آخر خاص بالنظام الكهروضوئي، وهو ما يحتاج إلى رخصة رسمية، وتقوم وزارة الطاقة حاليا بالتعاون مع لجنة ضبط الكهرباء والغاز بإعداد نص تنظيمي يسمح بتسيير أفضل لهذه التقنية التي تعود بعائد كبير على المستخدم، واختيار نوع جيد من الالواح الشمسية امر بالغ الأهمية باعتبار انه يساهم في إنتاج طاقوي فعال، خاصة أن الكثير من المتعاملين  الاقتصاديين المحليين شرعوا مؤخرا في انتاج الالواح بنوعية جيدة تستوفي المعايير العالمية، وما يجب أن نعرفه هو أن عدد المؤسسات الجزائرية التي تنتج حاليا ألواحا شمسية صار مهما جدا لدرجة أنها أدرجت أحدث التكنولوجيات الموجّهة لمختلف الاستخدامات (صناعة الرش الفلاحي الانارة العمومية..)، من خلال استثمار وسائل ضخمة ونتائج هذه الجهود مقنعة إلى الآن بالنظر لنوعية المنتجات».

«تشجيع المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة ضروري»

أعابت الأستاذة مسلم غياب الدعم للشباب في مجال الطاقة الشمسية، حيث قالت: «هناك العديد من الشباب من يقوم بوضع ملفات لدى وكالات التشغيل من اجل الحصول على قروض «اونساج» لإنشاء مؤسسات في تركيب وصيانة الالواح الخاصة بتوليد الطاقة الشمسية، لكن ملفاتهم جميعا يتم رفضها لان هذا الاختصاص غير مدرج ضمن الاختصاصات التي يتم منحها القروض، وهو العامل السلبي الذي وجب تداركه في الفترة المقبلة بالنظر الى الاقبال الكبير الذي يعرفه هذا المجال من طرف الشباب، خاصة في مناطق جنوبنا الكبير والجنوب الشرقي، وهو الأمر الذي يجعلنا نتمنى أن يتراجع المسؤولون عن المجال، ويقومون بتشجيع الشباب على ولوج هذا العالم الكبير، الذي سيكون له دور كبير في تطوّر وازدهار الجزائر في مجال الطاقة».