طباعة هذه الصفحة

رمضـــان فــرصة لـــتـقـويـة الإرادة لـــلــكــف عــــن آفـة الــــــتــدخــين

لا شك أنّ رمضان رحمة من الله تعالى لعباده المؤمنين، فرصة لتزكية نفوسهم ولشحنهم بعوامل التقوى والصلاح والفوز بالفلاح، وهو سبحانه حرّم عليهم أمورا حلالا في نهار رمضان للتدرب على اجتناب الحرام والصبر عليه، فكان الصوم هو الكف عن المفطرات والشهوات من طلوع الفجر إلى آذان المغرب، وقد يتعب الإنسان في ذلك لكن الجنة حفت بالمكاره كما أن النار حفت بالشهوات، فعلى هذا الأساس يمكننا القول أن هذا الشهر يعد فرصة سانحة لأصحاب التدخين للإقلاع عنه، ذلك أنه ضار وقاتل للإنسان مع أنّ الدين والطب قد فصلا في أنه أمر خبيث يجب اجتنابه، غير أن الإحصائيات تذكر ويا للأسف الشديد أن أكبر نسبة للمدخنين في العالم العربي سواء كانوا مسلمين أو مسيحيّين أو غيرهم، وأنّ أكبر نسبة مدخنين في العالم العربي من العالم العربي من العالم الإسلامي.
ونسبة كبيرة من المسلمين الذي يرتادون المساجد يدخنون، وهذا تناقض كبير كيف يمكن للمسلم يعلم حكم الأشياء عند الله ويأتي عليها خاصة إذا كانت حراما؟ لذلك كان إلزاما علينا التعرض لهذا الأمر ليتبين حكم التدخين في الإسلام وما هي الأخطار المنجرة عليه.
ممّا لا شك فيه أنه لا يخفى على عاقل أنّ الإسلام جاء ليحلّ لنا الطيبات ويحرّم علينا الخبائث، وأنّ الشريعة رحمة كلها وسعة كلها، لذلك حرّم التدخين تحريما مغلظا لكونه خبيثا ومشتملا على أضرار كثيرة ومفاسد عظيمة، وهو سبب مباشر لسرطان الشفة وسرطانات الفم بما فيها اللسان وسرطان الحنجرة، وهناك دراسات دلّت على أن التدخين أحد مسبّبات سرطان المريء والمثانة، وغيرها من الأمراض الكثيرة المزمنة.
ولقد يتزرع كثير من الناس بشرب الدخان باعتبار أنه ليس هناك دليل شرعي يؤكّد تحريمه، وهذا افتراء وكذب على الله تعالى، ولقد تواترت الأدلة من الكتاب والسنة والقياس والاجماع على حرمته المطلقة.
فمن القرآن يقول تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (الأعراف)، وقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (سورة البقرة)، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (سورة النساء).
والتدخين بالدليل الفطري يعد خبيثا ذلك أن شاربه لا يستطيع أن يقول فيه بسم الله عند البداية، ولا يستطيع أن يقول عليه بعد الانتهاء الحمد لله، واللهم أدمه نعمة واحفظه من الزوال، كما لا يستطيع أن يقول ربّ زدنا منه ولا تنقصنا، ولا يستطيع كذلك أن يقرأ القرآن وهو يدخّن، كما لا يستطيع أن يدخل المسجد أو حتى في جواره وتطيب له نفسه وهو يدخّن.
فالتدخين بذلك حرام وهو إتلاف للصحة وقتل صريح لها.
أما الأدلة من السنة الدالة على حرمة التدخين، فهي أيضا كثيرة من أهمها ما رواه الامام أحمد عن أمّ سلمة قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتّر.
وعن أبي قلابة أن ثابت بن الضحّاك وكان من أصحاب الشجرة حدّثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذّب به يوم القيامة».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تحسّى سمّا فقتل نفسه فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنّم خالدا مخلدا فيها أبدا» (متفق عليه).
ولقد أجمع العلماء على أن التدخين محرّم لما فيه من المضار الكثيرة، وكل أنواعه محرّمة فالواجب على المسلم تركه والحذر منه وعدم مجالسة أهله.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه نهى عن إضاعة المال، وثبت من الناحية الطبية أن الدخان ضار وربما أدى إلى الموت، وأنه صرف للمال وإضاعة له، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال.
من أجل ذلك فإنه حريّ بإخواننا المدخّنين وقد أبلغهم الله رمضان أن يجعلوه فرصة لتقوية الإرادة على الانقطاع التام عن هذه الآفة الخطيرة من أجل المحافظة على نفسه، وادّخار ماله وصرفه فيما يعود عليه بالفائدة، ولا يجب عليه أن يعجز ويستسلم لنفسه والشيطان فيكون بعد ذلك من الغاوين.