طباعة هذه الصفحة

في الذكرى الـ62 لاستشهاد البطل العربي بن مهيدي:

أحــد رموز الـثـورة الجزائــريـة لن تنساه الأجــيـال

سهام بوعموشة

مارس شهر الشهداء الشرفاء، 4 مارس 1957 تاريخ استشهاد البطل العربي بن مهيدي صاحب المقولة الشهيرة «ألقوا الثورة إلى الشارع يلتقطها الشعب»، كيف يمكن للأجيال نسيان هذا البطل الفذ الذي حمل في قلبه حبّ الوطن ولم يغره لا مال ولا أي شيء همه هو تحرير الوطن من قيود الإستدمار الفرنسي الإستطاني، تاريخك يا بن مهيدي سجل من ذهب لا يمكن محوه بفضلك أصبحنا ننعم بالإستقلال.

ولد محمد العربي بن مهيدي سنة 1923م قرب عين مليلة،  وترعرع في عائلة ریيفية ميسورة الحال، معروفة بمحافظتها على التقاليد الإسلامية لكونها تشرف على زاوية أولاد بن مهيدي تخصص معلمين لتعليم القرآن في القرية، ويشتهر أيضا أجداد أسرته بالعلم والثقافة والتعليم وتحفيظ القرآن، كان أبوه تاجرا ويملك مصنعا يوجد بمدينة الخروب، تولى رعاية أبنائه رعاية سامية، وخاصة العربي بن مهيدي الذي خصه بالتوجيه السليم والنظرة المستقبلية نحو وطنه.
تابع دراسته بالمدرسة الفرنسية، وتحصل على الشهادة الابتدائية يوم 19 ماي 1937، ثم تكوینه الثانوي ببسكرة، انخرط في حركة أحباب البيان والحرية التي أسسها فرحات عباس، وأثرت فيه مجازر 08 ماي 1945م، فالتحق بالحركة من أجل الإنتصار للحریات الديمقراطية والمنظمة الخاصة إلى جانب آیيت أحمد ومحمد بوضياف وبن بلة، وهو ما كلفه حكما بعشر سنوات سجنا. وبقي العربي بن مهيدي یتنقل من بسكرة إلى عين مليلة لمتابعة دراسته، لكن أمام العراقيل والصعوبات والظروف الصعبة التي كان يعيشها خلال تنقله خاصة مع صغر سنه، قرر والده ینقله عند خاله- قاضي السعيد بمدينة باتنة لإكمال دراسته، فالتحق بمدينة العمراني حاليا.
بعد ما أحرز على الشهادة الابتدائية بامتياز أكمل العربي بن مهيدي، دراسته بمدینة بسكرة ليلتحق فيما بعد بقسم باللغة العربية حيث كان من بين الطلبة النجباء المتفوقين، وشارك في العديد من المسابقات للالتحاق بمدارس قسنطينة وذلك عام 1942م، غير أنه لم یيوفق في ذلك بسبب عراقيل الإدارة الفرنسية التي كانت عقبة أمامه لكن تمّ إقصاؤه.
كان رجلا ذا أخلاق عالية جدا يحب وطنه ودينه إلى درجة التضحية والاستشهاد في سبيلهما، وكان یيحب العدالة الإجتماعية، واستلهم كل ذلك من عدالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب وأبي ذر الغفاري رضي االله عنهم  وغيرهم، مثلما تأثر بجهاد خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وحمزة بن عبد المطلب وغيرهم من المجاهدين والشهداء.
إنضم الشهيد عام 1942، لصفوف حزب الشعب بمكان إقامته، حيث كان كثير الإهتمام بالشؤون السياسية والوطنية، وفي الثامن ماي 1945 كان من بين المعتقلين ثم أفرج عنه بعد ثلاثة أسابيع قضاها في الإستنطاق والتعذيب بمركز الشرطة، وفي عام 1947 كان من بين الشباب الأوائل الذين إلتحقوا بصفوف المنظمة الخاصة، حيث ما لبث أن أصبح من أبرز عناصر هذا التنظيم.
وفي عام 1949، أصبح مسؤول الجناح العسكري، عين في سنة 19 53- 1954، مسؤول الدائرة الحزبية بوهران، وعند تكوين اللجنة الثورية للوحدة والعمل في مارس 1954 أصبح من بين عناصرها البارزين، عمل بالمنطقة الثانية غزوات ناحية تلمسان الولاية الخامسة بمساعدة بوصوف عبد الحفيظ وفرطاس محمد وبالتناسق مع الأخ بن علة محمد المدعو سي منصور عضو إدارة الولاية الخامسة مع أعضاء مدينة الغزوات.
عين بعدها عضوا بلجنة التنسيق والتنفيذ للثورة الجزائرية، قادة معركة الجزائر بداية سنة 1956 ونهاية 1957، اعتقل نهاية فيفري 1957.
كان العربي بن مهيدي أحد مؤسسي اللجنة الثورة للوحدة والعمل التي كوّنت جبهة التحرير الوطني، وكان أحد الذین اتخذوا قرار الفاتح من نوفمبر 1954م كتاریخ انطلاق حرب التحریر.
وهكذا تمّ تسليمه قيادة الولاية الخامسة / القطاع الوهراني الذي نظمه تنظيما محكما. وبحكم قربه من أفكار عبان رمضان
وكريم بلقاسم، ترك قيادة الولاية لعبد الحفيظ بوصوف، وأصبح عضوا بالمجلس الوطني للثورة الجزائرية عام 1956.
انضم العربي بن مهيدي في شبابه إلى فوج الرجاء للكشافة الإسلامية ببسكرة، التي كانت تعتبر بمثابة مدرسة لغرس الروح الوطنية والمثل الأخلاقية الإسلامية في الشباب الجزائري،
 ووجد فيها بعض ما ینشده، خاصة في ميدان التربية، بالمقابل لعب العربي بن مهيدي في فریق الاتحاد الرياضي البسكري لكرة القدم، وكان أحد المدافعين الأساسيين لهذا الفریيق الرياضي، الذي كان سنه آنذاك قرابة العشرين.
شارك العربي بن مهيدي سنة 1944، في أداء مسرحیة بعنوان - في سبيل التاج - أدى فيها دور البطل وقام به على أحسن وجه فنال بذلك إعجاب الحاضرين، وقد اُعيد عرض المسرحية في كل من بسكرة ـ قسنطينة - عنابة ـ قالمة التي وقع فيها شجار بين شرطي سري ومحمد العربي بن مهيدي الذي منعه من الدخول حتى ألزمه إظهار بطاقته، وكان لهذه الشعب، فأصدرت قرارا بوقف الفرقة من التنقل بين الولايات.
عبد الحميد مهري في شهادته  یقول: «.. ما تتميز به شخصية العربي بن مهيدي هو إيمانه بالشعب الجزائري، وقدرته على خوض المعركة ضد الاستعمار وليس من السهل أیيها الإخوان الإيمان بالشعب ولا الثقة به هي كلمة نرددها، ولكن عندما تصدر من مناضل في صميم المعركة المسلحة لا تصدر إلا عن مناضل یعرف هذا الشعب معرفة حقيقية وعميقة وهو ما یأعطى لهذه الكلمة أبعادا كبيرة، وكان بن مهيدي مناضلا یيعيش حياة بسيطة متواضعة مقداما وحريصا على تجسيد هذه المعاني في كل المسؤوليات التي تقلدها، وكان في الفترة التي عاشها متخفيا بعد اكتشاف المنظمة الخاصة موجودا بالجزائر... »، واستشهد تحت التعذيب ليلة الثالث إلى الرابع من مارس 1957.