طباعة هذه الصفحة

قضي خلالهـا علـى 250 فرنسـي العقيد جـون بيار فـي الصــدارة

معركة مرمورة واحدة من أكبر العمليات البطولية بالولاية الثانية التاريخية

قالمة: خالد العيفة

 شهـادات لمجاهديــن صنعــوا الحــدث بقالمـة

استرجعت قالمة ذكرى المعركة الخالدة «مرمورة»، التي تعد واحدة من أكبر المعارك التي جرت وقائعها بالولاية التاريخية الثانية، والمعركة وقعت ببلدية بوحمدان بولاية قالمة بتاريخ 28 ماي 1958،  وعرفت مواجهة بطولية على مدار يومين بين المجاهدين وآلاف الجنود الفرنسيين المزوّدين بالعتاد والطائرات الحربية، حيث اسقط المجاهدون الكثير من عساكر العدو ومنهم العقيد بول جون بيار المرمز له  بــــ»    الذي أسقطت طائرته وقتل في الحين.

 ما تزال بقايا هذه الطائرة بمكان المعركة إلى يومنا هذا، وخسر الجيش الفرنسي أحد عمالقة ضباطه المشهور بانتصاراته في العديد من المعارك وخاصة في حرب الهند الصينية، لكنه سقط بجبل مرمورة التابع للقسم الثاني ‘’الطاية’’ بالمنطقة الثالثة للناحية الثانية للشمال القسنطيني ‘’بوعربيد’’ بمقربة من بلدية بوحمدان غير بعيد عن حمام الشلالة الشهير بقالمة.
ففي مثل هذا اليوم من سنة 1958، جرت معركة طاحنة بجبل مرمورة بين مجاهدي جيش التحرير الوطني وقوات الاستعمار الفرنسي، لقن خلالها المجاهدون الأشاوس المستعمر الغاشم درسا قاسيا، حيث تكبد خسائر فادحة تمثلت في القضاء على العقيد «جون بيار»، وخسائر بشرية كبيرة قدرت بحوالي 250 عسكري قتيل ونحو50 جريحا إلى جانب إسقاط ثلاث طائرات، من نوع ‘’ت 6’’ وطائرة مروحية صغيرة من نوع ‘’ألوات’’ ، أما في صفوف جيش التحرير الوطني فقد استشهد 50 شهيدا من بينهم قائد المعركة «خليفة ختلة» ، البطل «دحمون الطاهر» و»سي محمد الحروشي»، إلى جانب أسر أربعة مجاهدين.
 بحسب الشهادات والمصادر التاريخية، فإن المعركة الكبرى بدأت بوشاية أعقبت اجتماعا سريا لقادة المنطقة بالمكان المسمى بوحمدان وبعد أن حصل العدوعلى كل المعلومات، أدرك بأن الأمر يتعلق بقادة بارزين، فحشد قوات كبيرة قدمت من عدة ولايات، تتكون من آلاف الجنود وكتائب المدفعية وأسراب الطائرات المقنبلة، التي استعملت عدة أنواع من الأسلحة المحرمة لحرق جبل مرمورة وإبادة قوات جيش التحرير التي تحصنت بالجبل التاريخي وخاضت معركة بطولية رافضة  الاستسلام، رغم خطورة الوضع والحصار المضروب عليها من كل الجهات، برا وجوا.
بحسب الشهادات المسجلة، تؤكد معركة مرمورة على أنها تدخل في نطاق العمليات الكبرى التي قامت بها قوات العدوللقضاء على الثورة في شرق البلاد وفي قالمة خاصة، حيث خرجت جيوش العدو في عملية تمشيط هدفها مسح وتفتيش المنطقة للحد من نشاط وتحركات فصائل وكتائب جيش التحرير الوطني في المنطقة التي كانت منطقة عبور قوافل لجلب السلاح.
بعض الشهادات تشير إلى أن رصاصات الشهيد ختلة خليفة هي التي أصابت طائرة السفاح جون بيار، فالمجاهدون الأبطال بأسلحة بسيطة تمكنوا من القضاء على احد رموز الطغيان والتعذيب ضد الجزائريين.
وقد انتزع المجاهد الطيب صلوحة حذاء جان بيار ولبسه ومنذ ذلك اليوم سماه رفقاءه بالطيب جون بيار.
 يذكر أن السفاح جان بيار سمي شارع باسمه بمدينة بلفور الفرنسية، والتي ولد بها فسارعت جمعيات فرنسية بالمطالبة بإلغاء هذه التسمية كونها ترمز إلى احد رموز التعذيب ضد الجزائريين.

تكـــريم عائــلات الشـهـداء في الذكــــرى 61 للمعركة

تواصلت الاحتفالات المخلدة للذكرى الواحدة والستين لمعركة مرمورة ببلدية بوحمدان بولاية قالمة، ليومين كاملين، بموقع المعركة، تحت إشراف كمال عبلة والي الولاية، والسلطات المدنية والعسكرية.
كانت للمتحف الجهوي للمجاهد العقيد علي كافي مشاركة في الاحتفالات الولائية الرسمية المخلدة للذكرى 61 لمعركة مرمورة الشهيرة، واختتمت فعاليات الذكرى بتكريم لعائلتي شهيدين من شهداء المعركة، من قبل والي قالمة، ويتعلق الأمر بعائلتي البطلين الشهيد خليفة ختلة، والشهيد دحمون الطاهر، وكذا المجاهد بوالنور زيدان، آخر من شارك فيها من ولاية سكيكدة .
عرفت الذكرى التاريخية، تقديم أناشيد وطنية من أداء المجموعة الصوتية «أمل» لدار الشباب الشهيد «مسعود ناصر» بلدية قالمة وفرقة حبيب الرحمان، كما تم عرض مسرحية بعنوان «الطيارة الصفراء» من أداء منخرطي نادي الواعي بدار الشباب بلدية عين العربي، إضافة إلى تقديم قصائد شعرية متنوعة.
المناسبة عرفت كذلك تدشين جدارية مخلدة للذكرى من انجاز منخرطي مؤسسات الشباب، وإعطاء إشارة انطلاق دورية نحومتحف المجاهد من تنظيم قطاع الشباب والرياضة وقطاع المجاهدين لفائدة 50 طفلا من قاطني بلدية بوحمدان وقرية مرمورة، وتهدف القافلة إلى تعريف الشباب بتاريخ ثورتهم المجيدة وبطولات صناعها والتعريف بمنشأة متحف المجاهد، مع تنظيم معرض للصور التاريخية المخلدة للذكرى.
موازاة مع ذلك، تم إعطاء إشارة انطلاق مسابقة في الفنون التشكيلية وتنظيم استعراض في رياضة الفوفينام من أداء نادي رياضي من مؤسسات الشباب، إضافة إلى تقديم مداخلة حول الذكرى من طرف أستاذ في التاريخ.