طباعة هذه الصفحة

زغيدي لـ«الشعب»:

الحراك عكس أصالة تاريخية أقلقت العدو

 بناء دولة قوية في إطار مبادئ أول نوفمبر أمر مهم

أكّد الدكتور محمد لحسن زغيدي مؤرخ وأستاذ بجامعة الجزائر 02، في تصريح لـ»الشعب» أن الحراك اليوم  عكس في مسيراته أصالته التاريخية، عبر رفعه لبيان أول نوفمبر وصور زعماء تاريخ هذه الأمة وصور شهداء وقادة الثورة التحريرية، وهو حراك أصيل، مضيفا أن الشاب الذي  لبس العلم والمرأة التي تحجّبت به وتسير في مسيرات في كامل القطر الجزائري شعارها واحد لونها واحد يقلق أعداء الجزائر من مستقبلها.
سهام بوعموشة
وبهذا الخصوص أشار المؤرخ إلى أن كوشنير، حين قال ستكون العلاقات بين الجزائر وفرنسا جيدة حينما ينتهي هذا الجيل يقصد به جيل نوفمبر 1954، لكنه أخطأ في تقديراته لأن هذا الحراك هو جواب واضح  في شكله ومظهره ورمزيته وألوانه وخطابه، وهو رد على فرنسا وكوشنير بأن جزائر بيان أول  نوفمبر باقية لأن البيان مظلتهم والمطر الذي سقط على الأرض وارتوت بدماء الشهداء، وأنجبت جيل الحراك أو الثورة الثانية.
وأضاف زغيدي، أن هذه الشعارات المرفوعة ترمز للدولة القوية والمبادئ الأصيلة التي نادى بها بيان أول نوفمبر لبناء دولة قوامها العدالة، تنتقم لشعبها عبر عدالتها،
وتجعل الكلمة السيدة للعدالة وكذا تقع بالمفسدين مهما كان منصبهم ودرجتهم وقيمتهم الاجتماعية، قائلا: «لم يسجّل التاريخ لأي شعب وأي دولة أن حاسبت مثلما يحاسب به الشعب الجزائري، انطلاقا من ثوابت أول نوفمبر وهذه هي الدولة القوية نكون فيها سواسية».
بالمقابل، أبرز الأستاذ المتخصص في تاريخ الثورة، أهمية مبادئ أول نوفمبر 1954 الذي حدّد أهداف الثورة، في كلمات مختصرة في 658 كلمة وتسع فقرات إختزلت كل مراحل نضال الشعب الجزائري التي فاقت القرن والربع من العمل الثوري الميداني خلفته الملايين من الشهداء، وما عانته الجزائر التي سلبت في هويتها، دينها ولسانها ومقدساتها حتى في إسمها الدال على جغرافيتها، مضيفا أن بناء دولة قوية في إطار مبادئ أول نوفمبر مهم، لاسيما فيما تعيشه الجزائر اليوم من ثورة ثانية.
وأوضح أن جيل نوفمبر الذي تدرّب في ظرف 28 سنة، من الإعداد والتلقين والتربية على الأصول الوطنية الحقة، بحيث توفرت لهذا الجيل كل إمكانيات النجاح التي تجعل منه قنبلة موقوتة لتحقق هدفها المنشود، من الإطار النضالي والعقائدي المبني على المرجعية الدينية والثوابت الوطنية، وضعت له الرموز التي يناضل في إطارها ومسعاها ويسعى لتحقيق هدفها وكان أولها العلم الوطني الذي خرج لأول مرة في 5 أوت 1934.
العلم الجزائري البندقية الأولى في صدر العدو في 8 ماي 1945
هذا العلم يقول ـ زغيدي - الذي جمع كل أبناء الجزائريين بما يحمله من رموز ودلالات ومسار سارت عليه كل الحركة الوطنية من 1934 إلى غاية 1954، ليصبح البندقية الأولى في صدر العدو في 8 ماي 1945، وأيضا في نوفمبر 1954، لأن المجاهدين الذين خرجوا في هذا اليوم عاهدوا الله على المصحف والعلم لتحقيق ذلك.
وقال أيضا أن بيان أول نوفمبر جاء خلاصة لكل هذه المرحلة التي مرّت بها الحركة الوطنية، وما سبقها وضع الأهداف والمرامي والقوانين الاستشرافية لمفهوم الدولة المستقبلية، كما وضع أرضية السلم التي يجب أن تحقّق في حالة التفاوض، مضيفا أن القادة الستة لما يئسوا من وجود قائد وطني يوحد ويقود بعد أن تملّص وتنصل وانسحب كل الذين اتصلوا بهم لقيادة الثورة، هنا كان ذكاء لهؤلاء القادة بالإتفاق على أرضية وطنية تكون خريطة نسير عليها والمرشد والقانون الفيصل في إطار الثورة وفق مبدأين أساسين هما القيادة الجماعية والقرارات الإجماعية.
هذه المصطلحات التي وضعها البيان، وهي إعادة بناء الدولة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة في إطار المبادئ الإسلامية لكل منها ركنه في بناء الدولة، لأنها وضعت من أجل أن تكون دولة قوية منذ البداية لا دولة مبتورة السيادة، توجّه لكل أبناء الوطن دون إقصاء أو إنتقاء. مشيرا إلى أن النشيد الوطني ثابت أساسي، رغم الأيادي التي حاولت أن تمسّه في بعض السنوات قائلا: «النشيد بقي أصيل بمقاطعه الخمس وبعزفه الفريد من نوعه، بهذه الثوابت تشكّل الذاكرة التاريخية للشعب الجزائري».