طباعة هذه الصفحة

الفرار الجماعي للمناضلين من سجن بربروس تأكيد على استعداد جبهة التحرير للجهاد

أرخيلة لـ «الشعب»: يصعب القول أن كل الشهداء قبورهم معلومة

شهد تاريخ 21 و22 فيفري 1962 فرار مجموعة من المناضلين الذين كانوا في سجن بربروس –سركاجي حاليا -، وذلك بفضل تخطيط محكم واستعداد مكثف وكذا شجاعة مسئولي جبهة التحرير الوطني الذين قاموا بالعملية، كون هذه الأخيرة ليست بالأمر الهين وتتطلب الحيطة والحذر، لأن أعين الإدارة الاستعمارية وقواتها في كل مكان من خلال إقامة الحواجز الأمنية، علاوة على عملائها المنتشرين في كل مكان.
وبنجاح عملية الهروب من سجن سركاجي، برهن قادة الثورة من جديد على كسر أسطورة ذلك السجن المنيع والحصين الذي لا يمكن الفرار منه، ومن جهة أخرى الرفع من معنويات المجاهدين والشعب الجزائري الذي كان يتوق للحرية.
وفي هذا الصدد، أفاد عامر أرخيلة، المحامي والمختص في دراسة الحركة الوطنية، أن من يتتبع أحداث الثورة يعلم أن فرنسا، عمّقت وضاعفت من عدد السجون محولة الجزائر إلى سجن كبير، مضيفا في حديث هاتفي لـ»الشعب» أنه خلال الفترة 1954 - 1962 تم تسجيل الكثير من عمليات الفرار الناجحة من سجون الاحتلال، من بينها العملية التي تمت يومي 21 و22 فيفري 1962 بهروب العديد من المناضلين من سجن بربروس. خاصة وأن العملية تزامنت والمفاوضات حول وقف إطلاق النار، التي أخذت شوطا كبيرا ولم يبق إلا أيام للعودة إلى المفاوضات والإعلان عن الاستقلال.
وعن المغزى من هذه العملية الناجحة، أوضح عامر أرخيلة أنها بمثابة تأكيد بأن مناضلي جبهة التحرير مستعدون للاستمرار في الجهاد إلى أجل غير محدد، علما أنه كانت تصلهم داخل السجون أصداء عن سير المفاوضات وقروب وقف إطلاق النار، لكن هذه الحالة، قال محدثنا، لم تمنعهم من أن يبقوا في قبضة الاستعمار وانتظار قرار إداري لإطلاق سراحهم، مضيفا أن هذا الفرار الجماعي له أكثر من بعد ومغزى في إطار أمل الشعب الجزائري في التحرر والاستقلال.
وفي ردّه على سؤالنا حول مسألة شهداء بدون قبور، أوضح المختص في الحركة الوطنية، أنه منذ سنة 1962 لا يكاد يمر يوم إلا وتكتشف فيه مقابر جماعية في مختلف مناطق الوطن. وللأسف، أضاف يقول، فإن معظمها اكتشف في وسط المدن، معطيا مثالا عن مدينة وهران، التي اكتشفت بها مقبرة جماعية للشهداء بعد أربعين سنة من الاستقلال؛ ذلك أن السلطات الفرنسية حولت الكثير من أماكن الاعتقال إلى مقابر دفنت فيها جزائريين أحياءً في أقبية لا يخرجون منها أبداً.
وفي هذا السياق دائما، أشار الأستاذ أرخيلة إلى أن الأحداث تؤكد أن المواطنين عندما يقومون بالحفر في أراضيهم بغرض البناء، يكتشفون مقابر، حيث أصدرت الجزائر في هذا الشأن قوانين تلزم كل مواطن يقوم بعملية حفر بإخطار السلطات عن ما يحصل عليه من رفات الشهداء، لإعادة دفنها بشكل صحيح.
وأضاف، أن الكثير من الشهداء قتلوا ودفنوا في أماكن غير معلومة لحد الآن لم يعثر عليهم، كالشهيد الشيخ الطيب العقبي، كما أن عشرات الآلاف من الشهداء لم يتم دفنهم بشكل صحيح، لأن بعض المواطنين بادروا بواجب إكرام الشهيد بدفنه بعد انتشاله من الوديان والشعاب دون علمهم بهويته الحقيقية، على حد قول محدثنا.
وقال الأستاذ الجامعي أيضا، إن هناك من أدخلوا ضمن قائمة المفقودين وهم في الحقيقة شهداء، وأنه بالرغم من المجهودات التي بذلتها الدولة الجزائرية بعد الاستقلال بسؤال الصيادين والرعاة الذين عثروا على جثث للمجاهدين وتم دفنهم، يصعب علينا القول إن كل الشهداء قبورهم معلومة، مضيفا: «الحمد للّه أن من استشهد في أرض الجزائر حتى ولو لم نعثر على جثته، فدمه سقى أرض بلادي».