طباعة هذه الصفحة

دور كبير للمرأة الجزائرية إبان الثورة التحريرية

شهيدات خلّــدن أسماءهن في سجـل التضحيـات

سهام بوعموشة

من هن؟ هن الجزائريات الحرائر اللائي تخلين عن أنوثتهن من أجل استرجاع حرية الجزائريين التي اغتصبها المستدمر الفرنسي سنة 1830، حملن القضية الجزائرية في صدورهن ووقفن وقفة رجل واحد في وجه الإحتلال غير آبهات بجيوش الجرّارة ودباباته وطائراته، تعرضن لأبشع أنواع التعذيب المنافي لحقوق الإنسان واستشهدن بشرف في ساحة المعركة إلى جانب، فكانت المسبلة والفدائية والمجاهدة، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة إرتأينا إختيار بعض الشهيدات، لأنهن يستحقن التخليد في هذا اليوم.

- مليكة قايد: جمعت بين مهنة التمريض والكفاح المسلّح
الشهيدة مليكة قايد إحدى الجزائريات الشجاعة التي جمعت بين مهنة التمريض والكفاح المسلح، في أحد أحياء العاصمة، وبالضبط في حي بلكور عام 1933، زاولت دراستها بالمدرسة الابتدائية، سنة 1939، ثم انتقلت إلى برج بوعريريح، سنة 1942، أين نالت شهادة التعليم الابتدائي، سنة 1947، كما تحصلت على شهادة في التمريض سنة 1953.
في 13 جوان 1955م، تلقت اتصالا من طرف العقيد عميروش وطلب منها الالتحاق بجنود جبهة التحرير فلبت النداء جندية ثائرة وممرضة، كما حضرت مؤتمر الصومام في 20 أوت سنة 1956، استعانت بها الثورة الجزائرية لعلاج الجرحى الثوار، وكانت تمثل المرأة الثائرة نهارا رفقة المجاهدين، والممرضة الساهرة ليلا إلى جنب إخوانها المجاهدين المجروحين في ساحات المعارك.
كانت الشهيدة من أهم عناصر الثورة الجزائرية، وكان لها دور كبير في تنظيم المظاهرات وتعليم المجاهدين وعملت في الحرب كطبيبة، كانت من أهم النساء في تسيير الخطط ورسمها وتنفيدها ونقل الأخبار وقد كانت مكلفة بصناعة القنابل، برفقة ياسف سعدي والعربي بن مهيدي وبرفقة حسيبة بن بوعلي وغيرهم، وأصبحت المطاردة رقم 1 من طرف قوات العدو، واشتهرت في تفجيرات 5 ديسمبر بحي القصبة العتيقة، إلى أن اكتشف أمرها سنة 1957.
في 20 جوان 1958 بمشدال، ولاية البويرة، حين كانت تعالج بعض المرضى اكتشف أمر بعض المجاهدين، حيث قام جيش العدو برمي قنبلة في المنزل الذي كانت فيه مليكة قايد فاستشهدت هي والمجاهدون الذين كانوا معها حاملة العلم الجزائري والسلاح في يدها، وهذا بعد معركة دامية شارك فيها الجنرال السفاح «بيجار» رفقة ما يقارب ثلاثة آلاف جندي فرنسي، لكنها لم تستسلم إلى آخر نفس لتسقط في ساحة الشرف بالجبال، بعدما أفرغ العدو الرصاصات في صدرها، وهي لم تتجاوز 23 سنة، بحسب شهادة المجاهد محمد غفير.
- مريم بوعتورة: لقبت بعذراء الأوراس
لقبت بعذراء الأوراس لشجاعتها وإخلاصها الوطني، ولدت الشهيدة مريم بوعتورة بنقاوس، ولاية باتنة، سنة 1938، تابعت دراستها، بمدينة سطيف إلى أن وصلت إلى مستوى البكالوريا، وفي 19 ماي 1956 استجابت كغيرها من الطلبة الجزائريين إلى نداء جبهة التحرير الوطني للمشاركة في إضراب الطلبة ومغادرة مقاعد الدراسة، و الالتحاق بصفوف المجاهدين بالولاية الثانية «الشمال القسنطيني»، بمنطقة وادي الزهور حيث كانت تعالج المرضى، وتضمد الجرحى إلى جانب الأخوين المجاهدين الدكتور الأمين خان والممرض عبد القدر بوشريط، وعدد من الأخوات المجاهدات، وهناك في وادي الزهور أخذت دروس التمريض و الإرشاد والتوجيه من قبل الدكتور خان وغيره، وبعد تعلمها للمهنة أسندت لها مهمة التمريض وأثناء ذلك أصبحت مسؤولة عن مستشفى يستقبل الجرحى والمعطوبين من أفراد جيش التحرير الوطني بناحية القل المنطقة الثالثة.
  ثم طلبت الشهيدة من القيادة حمل السلاح والدخول إلى مدينة قسنطينة رفقة المجاهدين للمشاركة في العمليات القتالية، بمدينة قسنطينة، ضد الجيش الفرنسي، فأسندت لها مسؤولية ناحية بالمدينة.
لما اكتشف العدو مكان تواجدهم حاصرهم بالمدافع، وأسقط عليهم عشرات الروكات فأصيبت مريم بوعتورة بجروح بليغة سقطت على إثرها شهيدة رفقة حملاوي و أسر اثنان من المجاهدين في هذه المعركة وكان ذلك يوم 08 جوان 1960.
-   وريدة مداد: أرعبت جنود الإحتلال
ولدت الشهيدة وريــدة مداد سنة 1938 بالتغرين – الجزائر- أتمت دراستها الابتدائية ونالت شهادتها الابتدائية باللغة الوطنية في مدرسة الصباح الإسلامية بالجزائر، وفي عام 1957 دخل إلى منزل أسرتها الشهيد: ذبيح الشريف برفقة مجاهدين آخرين، فطلبت منهم السماح لها بالعمل معهم في صفوف جبهة التحرير الوطني، بعد أربعة أيام من هذا اللقاء التحقت بالجبهة، حيث عملت فدائية في العاصمة فأرعبت الجنود الفرنسيين.
 فبعد إلقاء القبض عليها نقلت إلى مركز التعذيب لمدرسة «ساروي» التي كانت من قبل مدرسة فرنسية وشرعوا في تعذيبها، حتى تدلي باعترافاتها بخصوص الثورة، إلا أنها لم تنطق بحرف واحد وبقيت صامدة إلى أن يئسوا منها ورموا بها من نافذة القاعة. ولأن وريدة مداد التي كان في ذلك الوقت لا تتجاوز 16 سنة، صمدت أمام كل أنواع التعذيب التي تعرضت لها، قامت عناصر من الجيش الفرنسي بقذفها من نافذة من الطابق الثاني على الساعة الحادية عشر ليلا بأمر من مسؤولهم «موريس سميث ألياس» حتى يقال إنها انتحرت وإنهم لم يقتلوها، وذلك في2 أوت 1957.
رفضت أن تسلم جثة وريدة مداد لعائلتها حتى تقوم بدفنها وقاموا بدفنها في القطَّار حتى يخفوا آثار التعذيب الذي تعرّضت له الشهيدة .
- زبيدة ولد قابلية: أوّل جامعية تسقط في ميدان الشّرف
أحد أيقونات النضال الجزائري لإسترجاع السيادة الوطنية الشهيدة زبيدة ولد قابلية المدعوة صليحة من مواليد 30 جويلية 1934 بمدينة طنجة المغربية، جزائرية الأصل، من عائلة ثورية تشّبع أفرادها بالعلم والنضال السياسي في سيبل القضية الوطنية، انتقلت إلى الجزائر عائدة لمسقط رأسها، بمعسكر لتزاول دراستها إلى أن نالت شهادة البكالوريا - شعبة العلوم – ما سمح بدخولها كلية الطب بجامعة الجزائر لدراسة تخصّص طب أسنان، آنذاك.
التحقت أواخر سنة 1956 بالجناح الطبي لقيادة الثورة التي كانت في بداية الكفاح المسلح، وظهرت حاجتها لتشكيل فرقة مكلفة بالتمريض وإسعاف جنود جيش التحرير الوطني، حيث لم يقتصر نشاط زوبيدة على التمريض والعلاج ونقل المؤونة والأدوية، بل تعدى ذلك إلى المشاركة في اشتباكات مع العدو، نقل الأسلحة وزرع القنابل، فكانت أولى اختبارات قيادة جيش التحرير لبسالة الشهيدة زرع قنبلة في ملعب بولوغين، بالعاصمة بمساعدة إحدى رفيقاتها في الجهاد، هناك اكتشف أمرها من طرف الشرطة الاستعمارية لتبدأ زوبيدة رحلة مسار آخر من الكفاح المسلح، بعد أن وجدت نفسها مجبرة على العودة إلى مسقط رأسها بمعسكر، أين أثبتت مرة أخرى بسالتها وشجاعتها وقدرتها في الإقناع على التعبئة والتجنيد ضد المستعمر الفرنسي، استشهدت بتاريخ 21 ديسمبر 1958.