المجاهد كيحل لـ «الشعب»:

استقبلنا إعلان وقف إطلاق النار بفرحة لا توصف

علي عويش

شكّل يوم 19 مارس 1962، مرحلة فارقة ويوما مفصليا في تاريخ نضال الشعب الجزائري، فقد أرّخ هذا اليوم لمرحلة جديدة نُسجت خيوطها بدماء الشهداء، وجسد نهاية خرافة الجيش الذي لا يهزم، فكان النصر وكان معه الجدار المنيع الذي سيظل تحته الجزائريون، الذين آثروا الموت على العيش تحت راية الاحتلال.. يوم النصر بكل تجلّياته كان حدثا وطنيا بأبعاد دولية، فبإعلان وقف إطلاق النار وانتهاء الثورة التحريرية في الجزائر خرجت العديد من الشعوب حول العالم من نفق الظلم والاستبداد، فعيد النصر في الجزائر كان إعلاناً عن تحطم أحلام فرنسا الاستعمارية التي جثمت على شعوب المعمورة.

عندما بزغت شمس ذلك اليوم، لاحظ المجاهد عبد الرحمن كيحل، أن السماء اكتسبت لونا أزرقا فاتحا وأن الرياح الشرقية كانت تهبّ بكل قوة على غير عادتها، أدرك المجاهد عبد الرحمن، يوم ذاك بأن الجو مختلف وكأنه يلمّح له بحدث جلل.
لم يكن الحاج عبد الرحمن وحده في هذا الإحساس، فقد أصبح سكان مدينة تندوف متحمسين للغاية باقتراب النصر، وتكوّن لديهم إحساس كبير بأن أيام الفرنسيين في الجزائر باتت معدودة، وما هي إلا أسابيع قليلة حتى يرفرف العلم الجزائري عالياً فوق مباني تندوف.
يروي الحاج عبد الرحمن يوم 19 مارس 1962 بتندوف وكيف شرع الفرنسيون يومها في التحضير للرحيل من خلال تفريغ مخازنهم ومكاتبهم من الوثائق والمستلزمات الضرورية مخافة وقوعها في أيادي المجاهدين.
يقول: “راقب المجاهدون المتنكّرون بين السكان تصرفات الفرنسيين وتحركاتهم في كل من تندوف وأم العسل بكثير من الحذر، فرغم الإعلان عن وقف إطلاق النار وإحساس المواطنين بنشوة النصر إلا أن الوضع بالنسبة للمجاهدين كان يفرض عليهم التحلي بالحيطة والحذر”.
ويضيف: “إعلان وقف إطلاق النار أعقبته إجراءات كثيرة شعر بها سكان تندوف، فقد تمتعوا بقدر معتبر من حرية التنقل بين القرى، وكان بوسعهم القيام بمبادلات تجارية مع دول الجوار، وهو ما كان محرماً عليهم في السابق”.
ويشير محدثنا، إلى أن شروع الفرنسيين في تندوف وأم العسل، في جمع مقتنياتهم الثمينة قابلته حركة مريبة على الجانب الآخر من الحدود، فقد وصلت للمجاهدين أنباء تؤكد حشد المغرب لأعداد كبيرة من جنوده على الحدود مع تندوف وبشار تحضيراً لمباغتة الجزائر ومجاهديها، الذين لم تشف جراحهم بعد.
في هذا الصدد يقول المجاهد كيحل: “غير أن هذه الأنباء لم تمنع سكان الولاية من التعبير عن فرحتهم بالنصر وبالاستقلال، وهم يدركون بأن هزيمة أعتى قوة استعمارية في العالم تجعل من محاولات المساس بالجزائر مغامرة غير محسوبة العواقب وتجر أصحابها لنفق مظلم”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024