طباعة هذه الصفحة

أكثر من 42 ألـف جزائري ضحية التّفجـيرات النّووية

الدكتور أرخيلة: جرائم فرنسا بعيدة عن المتابعات القضائية

س ــ بوعموشة

الاشعاعات خطـر مستمـر علــى البيئة والانسان  

 لقد جعلت فرنسا الاستعمارية الصحراء الجزائرية  حقلا للتجارب النووية، وحوّلت أكثر من 42 ألف من المدنيين العزل ومن المجاهدين المحكوم عليهم بالإعدام إلى فئران تجارب لخبرائها وجنرالاتها، علاوة عن إصابة الآلاف الآخرين بإشعاعات نووية وكذا الأضرار الكبيرة التي مست البيئة والسكان، حيث أن الزائر اليوم لمدينة رقان وقرية الحمودية التابعة لها ومنطقة عين إكر بالهقار، يقف على خطورة الإشعاعات الناجمة عن النفايات النووية التي خلفتها 17 تجربة أجراها الفرنسيون ما بين 13 فيفري 1960 و16 نوفمبر 1966.
قال «ميشال دوسوبري» الذي كان يومها ضمن مجموعة من العساكر المتواجدين على بعد بضعة كيلومترات من موقع التفجيرات: «كنت أمام الجبل عند وقوع الانفجار، لقد كان مروعا اهتزت الأرض تحت أقدامنا وأصبنا بإشعاع سحابة بلغ ارتفاعها 2600 متر».
وقد سبق للجنرال «لافو» أن صرح بأن اختيار منطقة رقان لإجراء تجربة نووية، كان مبرمجا منذ شهر جوان 1957، وأنه شرع في توفير اليد العاملة التي يحتاج إليها المشروع خلال سنة 1958، لتصل في أقل من ثلاث سنوات إلى 6500 فرنسي و3500 جزائري كانوا يشتغلون ليل نهار لإجراء التجربة في آجالها.
وفي هذا الصدد، حمّل المؤرّخ والمحامي الأستاذ عامر أرخيلة المسؤولية الدولية في التفجيرات والتجارب النووية التي قامت بها فرنسا، مشيرا إلى أنه يوجد في القانون الدولي منذ عقدين أو ثلاث ما يسمى بالقانون الدولي الإنساني يهتم بهذا الموضوع لأنه يختص بالإنسان مباشرة، ولذلك توجد لوائح كثيرة ومواقف للمنظمات الإقليمية والدولية، فيما يخص هذا الموضوع.
وأوضح المؤرخ في هذا الشأن، أنه من الأصح القول التفجيرات النووية وليست التجارب لأن حقيقة هذه الأخيرة كانت موجود في الجزائر ابتداءً من 1935 في وادي الناموس، حيث  بدأت فيه تحضيرات فرنسية للدخول في النادي النووي، وقد وظّفت فرنسا كل إمكانياتها من أجل الدخول في هذا النادي، وقامت بعملية بحوث واستغلت الأراضي الجزائرية.
 وأبرز د - أرخيلة في هذا الإطار، أنه في سنة 1956 تمكّنت فرنسا بمساعدة إسرائيلية أنها تقدم على صناعة قنبلة نووية، وفي 1960 كانت التفجيرات الأولى قائلا: «خلافا لما كان هو شائع ومعمول به في التجارب النووية، بل هي تفجيرات وجريمة في حق البشرية»، مضيفا أن هذه التفجيرات لم تتوقف في الصحراء بل مازالت موجودة سواء في عمق الأرض واختلاطها بالمياه أو من خلال سطح، وهو ما يعبر عليها قانونيا بالجريمة المستمرة لأن نتائجها وانعكاساتها لم تكن على الأفراد فقط بل على كل الكائنات الموجودة فوق الأرض، ولم تسلم منها لا النباتات ولا الإمكانيات الموجودة فوق الأرض.
 ولذلك قال المؤرخ إنّ العملية استمرت إلى غاية 1967 ولم تتوقف في 1962، مع العلم أن التجارب البيولوجية استمرت إلى غاية 1979، وحسبه فإن الفرق بين ما جرى قبل وبعد 1962 هو أنه قبل  1962 كانت العملية وكأنها تجري داخل فرنسا وفي إطار السيادة الفرنسية، مضيفا أن الفرنسيين في السنوات الأخيرة قاموا بسنّ قانون، لكن للأسف ظل سجين وحبيس الجندي الفرنسي، الذين تأثّروا بتلك التفجيرات النووية من الفرنسيين، أما الجزائريين لو يريدون الاستفادة من هذا القانون فهذا صعب جدا من حيث تكوين الملف، وثانيا إمكانية التنقل إلى فرنسا لإيداع الملفات ومتابعة القضية.
 لذلك أشار أرخيلة إلى أنه كانت حركة جمعوية في الجزائر، ومحاولات للإنصات لضحايا التفجيرات النووية، قائلا: «للأسف لحد اليوم لا يمكننا القول أننا حقّقنا نتائج إيجابية في إطار محاسبة فرنسا، على ما ارتكبته أو ضمان تعويضات لضحايا التفجيرات».