طباعة هذه الصفحة

حدث في ١٩٥٧

محاكمة الطالب عيسى بوضياف في سويسرا

سهام بوعموشة

يعدّ عيسى بوضياف من بين المجاهدين الذين ساهموا فيتحرير الجزائر من قيود الاستعمار الفرنسي الغاشم، وقد حصلت له مواقف يشهد عليها التاريخ، من بينها محاكمته بسويسرا.
أتمّ عيسى بوضياف دراسته الثانوية في تونس والجامعية بالقاهرة بجامعة عين شمس كلية الآداب ــ قسم الفلسفة ــ ترأّس فرع القاهرة للاتحاد العام للطلاب المسلمين الجزائريين، وبعد تخرّجه كان له دور كبير في العمل الثوري إلى أن القي عليه القبض في جنيف متلبّسا بتهريب مادة حربية ممنوعة التداول، وكانت السيدة بيوض الألمانية الأصل هي التي اشترتها من مصانع حربية، وسلّمتها لعيسى بوضياف بواسطة بوجملين وشخص آخر لإرسالها اإلى تونس ومنها إلى الجزائر.
لقد أوقف عيسى بوضياف بتاريخ الـ ٢٨ جانفي ١٩٥٧ بسويسرا وحوكم بالمحكمة الفيدرالية السويسرية، وما دار في كل جلسات المحكمة آثار إعجاب السويسريين من القضاة وغيرهم. علما أنّ عيسى تولّى الدفاع عن نفسه بالحجج المقنعة وبلغة فرنسية سليمة، فقال له أحد القضاة حسب ما جاء في كتاب عبد القادر نور: ''لولا فرنسا التي علّمتكم ما استطعت أن تدافع عن نفسك بهذا المنطق''،
فردّ عليه بوضياف: ''لم أدرسها في أي مدرسة فرنسية، تعلّمتها في تونس ثم القاهرة''.
وكانت التهمة الموجّهة إليه هي تهريب مادة حربية من الثكنات العسكرية، فأجاب بأنّ هذه المادة يعطّل بها القوات الفرنسية على مهاجمتها لقتل الأطفال والشيوخ والعجزة وتدمير القرى والمداشر.
ونشير هنا إلى أنّ إحدى المحاميات جاءت إلى جنيف منذ ثلاثة أشهر ودخلت المحكمة من أجل أن ترى هؤلاء المجرمين الذين أشعلوا النار في بلادهم على حد قولها، وجاؤوا إلى سويسرا لإشعال النار فيها، فدخلت بكره شديد للجزائريين لكنها فوجئت حين وجدت في المحكمة جزائريين يتكلّمون بالصراحة التامة عن قضية بلادهم من غير كذب ولا التواء، مضيفة إلى أنّها دخلت المحكمة كعدو للجزائريين وخرجت منها صديقة لهم.
وفي هذا السياق، أشار نور إلى أنّ أحد أعضاء المحكمة قال لعيسى بوضياف: ''أنت رمز لشعب يستحق الحياة''، فأطلق سراحه مع النفي من سويسرا .