طباعة هذه الصفحة

المجاهد صالح قوجيل لـ «الشعب»:

مظاهرات 11 ديسمبر من أجل جزائر حرّة مستقلة

س. بوعموشة

صرخة مدّوية أوصلت صدى الثورة إلى منهاتن

الحديث عن مظاهرات الـ11 ديسمبر 1960 تتطلب منا الرجوع إلى ثورة أول نوفمبر1954، الذي كان يحمل في شعاره «من الشعب والى الشعب»، وأن كل ما يقوم به المجاهدون مرتبط بهذا الشعب وفي نفس الوقت اندلعت الثورة من الشعب ومن أجله، كي نفهم مسلسل المحطات التاريخية لحرب التحرير الوطني، هذا ما أوضحه المجاهد وعضو مجلس الأمة صالح قوجيل في حديث لـ «الشعب» بمناسبة الذكرى الـ 56 للمظاهرات.

أبرز قوجيل في هذا الصدد، ضرورة تفسير وتجسيد مفهوم الثورة في الواقع، وأن هذه الأخيرة حين انطلقت كانت حدث مفاجئ للطبقة السياسية آنذاك المتمثلة في الحركة الوطنية والأحزاب الموجودة، بظهور شبان من الحركة الوطنية فجروا الثورة، مما جعل الناس يتساءلون، مشيرا إلى أن البداية لم تكن سهلة قائلا:» أتذكر أنه سنة 1955 كنا نتعامل  في البداية مع الشعب كسند، ومن كانوا مع الفرنسيين منحناهم وقتا للتفكير كي يفهموا تدريجيا مبادئ الثورة».
أضاف المجاهد في هذا السياق، أنه بعدما تطورت الأحداث وانضم الشعب بمختلف طبقاته إلى الثورة، قلنا أنه لا يوجد موقف حياد إما مع الثورة أو ضدها، لأن الثورة انطلقت من رحم الشعب ومن أجله وهذا هو شعارها منذ البداية. والدليل على ذلك هجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 حين هب الشعب في منتصف النهار لمجابهة العدو، والتي أظهرت للرأي العام الفرنسي والعالمي أنها ثورة شعب يطالبون بالحرية والانعتاق من المستعمر، وهي بذلك أول عملية لا يمكن للعدو التشكيك في احتضان الشعب للثورة، وأصبحت تطلق عليهم الخارجون عن القانون بدل الأجانب.
علاوة على إضراب 1957 في الجزائر وولايات أخرى، تم خلالها  تجنيد الشعب الذي كان له دور في وقت كانت فيه القضية الجزائرية في هيئة الأمم. نفس الأمر حدث في  مظاهرات 11 ديسمبر 1960، والتي وقعت أيضا في قسنطينة ووهران، لكن الإعلام لم يغطيها.
 في هذا الإطار قال عضو مجلس الأمة، صدر كتاب  للأخ فريحة من وهران حول هذه المظاهرات، لأن الجنرال ديغول جاء إلى وهران غير أن الصحافيين الذين كانوا ينتظرونه كانوا متواجدين في العاصمة لكنه ذهب إلى وهران.
 هنا يذكر لنا أنه هناك صحافي من التلفزيون الايطالي كان متواجدا، حين وقعت المظاهرات وأخذ الصور ولم يتمكنوا من مراقبته، ثم سافر  مباشرة إلى ايطاليا وبث الصور على تلفزيون ايطاليا، مما أغضب  الجنرال ديغول الذي اتصل برئيس الجمهورية الايطالية ليحتج عن بث  صور المظاهرات على التلفزيون الايطالي، كما وقع انعكاس كبير لهذه المظاهرات التي فضحت الاستعمار الفرنسي في كل الدول العربية وقدم فرحات عباس تصريحا.
 هنا علق قوجيل قائلا:»الآن يعطوننا دروسا في حرية الإعلام، وهم لم يطبقوها»، وبالمقابل أشار المجاهد إلى بعد مظاهرات الـ 11 ديسمبر  جاءت مظاهرات 17 أكتوبر 1961 في قلب باريس ونحن في مفاوضات مع فرنسا مما دعم الثورة، وأظهرت أن مقاربة فرنسا وصلت إلى مرحلة تريد التفاوض لكن ليس مباشرة مع جبهة التحرير الوطني، وحاولت إدخال قوة ثالثة وأطراف آخرين، ومن خلال هذا الضغط تبين للرأي العام العالمي والفرنسي أن جبهة التحرير هي الممثل الشرعي والمفاوض باسم الشعب الجزائري.
 من العبر التي يجب استخلاصها، في كل محطة تاريخية - قال قوجيل – أن هناك تضحيات الشهداء يجب تذكرهم في كل مناسبة وأن نبقى دائما متمسكين بمبدأ الثورة «من الشعب والى الشعب»،  لأن الجزائر وثورتنا وقعت من أجل الشعب ونظامنا يجب أن ينبثق من الشعب، مشددا على ضرورة التمسك بهذا المنهج السياسي قائلا: «سميه كما شئت تعددية أو حزب واحد لكنه متعلق بكل الجزائريين».
 حسب عضو مجلس الأمة، فإن هناك أشياء  يمكن أن نختلف عليها لكن الثوابت الوطنية مقدسة، وهي الأساس، وتأسف في هذا الشأن عن الخلط بين ما يخص الدولة الجزائرية والمصالح الشخصية، مضيفا أنه علينا أن  نتمسك بما يتعلق بالدولة وندافع عنه خاصة مع الخارج لأن الدولة ملك للجميع، قائلا: «الحكم يمكن أن يتغير لكن الدولة ثابتة، وعلينا  تذكر هذه المبادئ حين نقوم بإحياء الأحداث التاريخية».