طباعة هذه الصفحة

مدرسة تخرج منها العديد من العلماء

الشيخ بيوض.. مسار إصلاح ونضال

سهام بوعموشة

 حارب كل محاولات فصل الصحراء عن الجزائر

خصّص وقته لتكوين الرجال والاعتناء بمشاكل المجتمع الجزائري، كما كتب بعض المقالات الاجتماعية ذات الطابع التحليلي في العشرينيات والثلاثينيات نشرت في صحافة أبي اليقظان، كما ترك فتاوى كثيرة ومراسلات ذات أهمية قصوى طبع بعضها ونشر والبعض الآخر ما يزال مخطوطا، إنه الشيخ العلامة إبراهيم بيوض ابن بلدة القرارة بولاية غرداية.

ولد العلامة بتاريخ 21 أفريل 1899، حفظ القرآن في سن مبكرة لم يتعد الـ12 سنة، ثم شرع في دراسة المبادئ الأساسية في المعارف الدينية واللغوية، وكان حظه وافرا إذ تتلمذ على شيوخ ذوي بسطة في العلم والصلاح، حتى ارتقى إلى درجة أهلته لينوب عن شيخه الحاج عمر بن يحي في تدريس بعض علوم اللغة.
لم ينج إبراهيم بيوض من بطش الاستعمار، الذي أخذه عنوة إلى التجنيد بعد الحرب العالمية الأولى ليسخره في الأعمال الشاقة، وفي عام 1922 بدأ حياته العملية بالتدريس والتوجيه وبالعضوية في حلقة العزابة التي انتخب لها وهو أصغر الأعضاء سنا، وقدوته في نشاطه العالم الجليل الشيخ امحمد بن يوسف أطفيش.
 بعد ثلاثة أعوام من العمل الدؤوب، بادر إلى تأسيس معهد الحياة الذي أصبح على مر السنين قبلة للراغبين في التحصيل العلمي فتخرج منه عدد كبير من الطلبة وشعار هذه المؤسسة العلمية المختصة في التعليم الثانوي» الدين والخلق قبل الثقافة، ومصلحة الجماعة قبل مصلحة الفرد»، ويندرج بناء هذه المؤسسة في الحركة التعليمية التي انتهجتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بحيث شارك مع نخبة من العلماء في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وكان واحدا من فريقها الإداري.
 في عام 1940، وضعته الإدارة الاستعمارية في الإقامة الجبرية في «تيقرار» لمدة أربع سنوات فلم تزده هذه القيود، إلا إقبالا على العمل والنشاط، فكون ثلة من الرجال، وكان اهتمام الشيخ بيوض بقضايا الوطن والعروبة والإسلام، أبرز آراءه ومواقفه في مقالاته التي ينشرها في الصحافة وامتد اهتمامه الوطني والسياسي إلى مناصرة فلسطين والعضوية في لجنة إغاثتها.
 في سنة 1948 انتخب في المجلس الجزائري، ممثلا لوادي ميزاب فأدى واجبه نحو وطنه ودافع عن الجنوب باعتباره جزءا لا يقبل الانفصال عن الشمال، وبذلك انتصر على مكيدة المحتل ونسف مخططه، وعند اندلاع الثورة أشرف العلامة على عمليات المساندة والمؤازرة ورسخ الصلات بقادة جبهة التحرير وجند طلبته في مجالات خدمة الثورة.
لم تقتصر رسالة الشيخ بيوض، على محيطه الجغرافي في وادي ميزاب بل كان شخصية وطنية له صلات بكل أرجاء البلاد وامتد إشعاعه إلى خارج الجزائر، وكان من العلماء الذين تعاونوا مع وزارة الشؤون الدينية بعد الاستقلال تعاونا فعالا في المسائل الدينية المختلفة، لاسيما في مجال التقويم الهجري وتحديد المواسم الدينية وإرشاد الحجاج الجزائريين.
قال عنه الفقيد المجاهد بن يوسف بن خدة، أنه كان يعمل بجد وإصرار لوحدة التراب الوطني رافضا كل محاولات فصل الصحراء عن بقية الوطن، ووضع نفسه رهن إشارة جبهة التحرير الوطني طيلة الثورة، إلى أن توفي في 14 جانفي 1981 تاركا وراءه عدة مؤلفات أهمها: في رحاب القرآن، فتاوى الإمام الشيخ بيوض، أعمالي في الثورة، مقالات وفتاوى وأشرطة تعد بالمئات.