طباعة هذه الصفحة

ضرورة تسليط الضوء على نماذج المحرقة ومجازر الاستعمار

نور الدين لعراجي

57 سنة مرّت والبشاعة مازالت تحاصر المكان

لا تزال جرائم الاستعمار تصنع الحدث وتعيد الاسئلة، منذ فجر الاستقلال الى اليوم،بحثا عن أجوبة غائبة بقيت عالقة في جبين فرنسا الاستعمارية، ففي كل بقعة من أرض الجزائر لا تزال دماء الشهداء والأبرياء والعزل والثكلى والحيارى من الامهات، شاهدة على جبروت وبشاعة ارهاب الاستعمار، حتى الحيوانات والدواب لم تسلم من أيادي الجلادين.
تمرّ اليوم 57 سنة على ارتكاب مجزرة «كاف المصياف»، الواقعة بجانب «وادي بيطام» في إقليم دائرة سقانة حاليا بولاية باتنة، الابادة الجماعية التي راح ضحيتها  32 شهيدا، جميعهم من المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني ومنهم شهداء من عائلة واحدة، حيث قام عسكر الاحتلال في 15 ماي 1959 بوشاية من الخونة  باعتقال مجموعة من المواطنين العزل، وجرهم الى مراكز الاستنطاق والتعذيب والتحقيق معهم حول علاقتهم بالثورة.
بغرض تركيعهم وتخويفهم، ومنعهم من التعاون والاتصال بجيش وجبهة التحرير الوطني، ساعين في ذلك الى قطع وسائل الاتصال بهم ومنع تزويدهم بالمؤونة، وهي  طريقة اعتمدتها ادراة الاستعمار، منذ انطلاق الثورة بمنطقة الاوراس، محاولة في كل مرة جرّ أهالي المنطقة من الارياف ليكونوا هم ضحايا الغطرسة والتعذيب الوحشي.
 بعد ان كان أهالي منطقة بريكة يعتقدون انها مداهمة فقط كسابقاتها ..ألفوها من طرف عناصر الاحتلال، لأنها صورة من صور يومياتهم الحالكة، ويظهر العناصر في صورة القوة الاستعمارية الكبرى التي لا تقهر، إلا ان الامر هذه المرة أخذ منحى آخر بعد طول غيابهم.
 أمام تعنّت القوات الاستعمارية وكتمانها لتواجد المعتقلين من خيرة وأعيان مدينة بريكة، الذين حوّلتهم السلطات الفرنسية الى غاية «كاف المصياف»، وهي منطقة معزولة عن قرية «سقانة»، تابعة للولاية التاريخية الاولى بالمنطقة الثالثة، القسمة الرابعة، وقريبة من الولاية التاريخية السادسة من جهة الجنوب، مكبلة أيديهم الى الخلف بالأسلاك الحديدية أين وضعوا جميعا داخل مغارة الكهف، ثم ما لبث العدو ان وضع احزمة الديناميت في اسفله وعلى جنباته، ثم أوصلها بسلك كهربائي وتحت صيحات الله اكبر والشهادة، قاموا بتفجير الكهف حيث تناثرت اشلاءهم في كل مكان.
 العدو يعيش نشوة الانتقام بالفرح والابتهاج
في الوقت الذي قام فيه العدو بتفجير «كاف المصياف»، غادر المكان في فرح ونشوة بادية على عناصره ومن فوق شاحناتهم راحوا يطلقون الرصاص في السماء فرحين بجريمتهم النكراء والشنعاء.
 يروي شهود عيان ان أول من التحق بمكان الجريمة زوجة المجاهد لخضر بن مقران وأبناءها والمجاهد زيرق لقشيشي، مسؤول القرية اثناء ثورة التحرير وكان عضو اخباري للقسمة الرابعة الناحية الثالثة ومنهم ايضا بعض اعضاء اللجنة المحلية لدوار سقانة، من بينهم بنيني عبد الرحمان ومحمد حاجي مسؤول ناحية المجاهدين حاليا.
بحسب الاستاذ سليمان قراوي، ابن شهيد وباحث ومهتم بتاريخ الحركة الوطنية وثورة التحرير، فإن رفاة الشهداء تم دفنهم بمقبرة الشهداء بتازغت، بلدية سقانة في 29 ماي 1962، ولكن في غياب أي معلم يؤرخ لهذه المحرقة الشنيعة التي قامت بها فرنسا الاستعمارية، وبعد مرور 57 سنة مازال الوضع على حاله، ظلت هذه المجزرة في غياهب النسيان، رغم التضحية الكبرى التي أبانها هؤلاء الشهداء، وهم من عائلات مختلفة.
من جهته، يناشد الاستاذ قراوي السلطات لتسليط الضوء على هذا النموذج القمعي في سياسة الاستعمار وغيرها كثير، ومن جهة أخرى تخليد هذه المحرقة في كتب التاريخ والدراسات واستحضارها للأجيال القادمة حتى لا تطمس وتبقى نسيا منسيًا، وحتى نظهر للعالم أجمع أساليب القمع والهمجية التي كانت تعامل بها فرنسا الابرياء العزل.
القائمة الاسمية لشهداء «كاف المصياف»
بن دريس علاوة وولداه عمار والسعيد، وأخوه محمد، هيمة هون المدعو المولدي، نقال محمد، نقال موسى، رحماني عمار، قيري محمود، دهيمي الحملاوي، فرج مسعود، بورنان مسعود، معيريف السعيد، رويشي السعيد، رويشي عباس، بغدادي الذباح «حمه» ، بن دقيش نورالدين، خوري محمد الطيب، خصام موسى، بن يحيى بلال، قرين علي،  بوسعيد محمد، بن دريس الساسي، بن النوي عبد القادر، حليتيم عمار، موصلي جمال الدين، صراوي عبد الحمي، عزيل ابراهيم، لشهب السعيد، لبيد حسين، مفتاح اسماعيل.