طباعة هذه الصفحة

25 سنة على اغتيال المجاهد محمد بوضياف

سي الطيب أب الوطنية كرّس حياته لخدمة الجزائر

س ــ ب

«جئتكم اليوم لإنقاذكم وإنقاذ الجزائر، وأستعد بكل ما أوتيت من قوة وصلاحية أن ألغي الفساد وأحارب الرشوة والمحسوبية وأهلها، وأحقّق العدالة الاجتماعية من خلال مساعدتكم ومساندتكم التي هي سرّ وجودي بينكم اليوم، وغايتي التي تمنيّتها دائما».
إنّها عبارات خالدة تفوّه بها القائد الثوري غداة عودته إلى أرض الوطن استجابة لنداء الواجب.
لا يمكننا نسيان الذكرى الـ 25 لاغتيال المجاهد الكبير ورئيس الجزائر الاسبق المرحوم محمد بوضياف، أو سي الطيب الاسم الثوري، الذي ناضل إبان الحقبة الاستعمارية من أجل استرجاع السيادة الوطنية، ولم يتوان في الاستجابة لنداء الوطن لإخراجها من عنق الزجاجة في سنوات التسعينات، لكن للأسف يد الغدر امتدت إليه واغتالته، فحرمت العديد من الشباب منه. كان رجل دولة بحق وطنيا أحب الجزائر حتى النخاع.
ولد محمد بوضياف في 23 جوان 1919م بمدينة المسيلة، حيث عرف بـ «سي الطيب الوطني»، وهو اللقب الذي أطلق عليه خلال الثورة الجزائرية، ويعدُّ أحد كبار رموز الثورة الجزائرية وقادتها والرئيس الرابع للدولة الجزائرية.
زاول محمد بوضياف تعليمه الابتدائي في مدرسة «شالون» في بوسعادة، ثمّ اشتغل بمصالح تحصيل الضرائب بمدينة جيجل، وخلال الحرب العالمية الثانية قاتل في صفوف القوات الفرنسية، لينضمّ بعدها إلى صفوف حزب الشعب الجزائري ويصبح عضوًا في المنظمة السرية، وفي أواخر عام 1947 كلف بتكوين خلية تابعة للمنظمة الخاصة في قسنطينة، وفي 1950 حوكم غيابيًّا مرتين، وصدر عليه حكم بثماني سنوات سجنًا، وتعرض للسجن في فرنسا مع عدد من رفاقه، وفي عام 1953 أصبح عضوًا في حركة انتصار الحريات الديمقراطية.
بعد عودته إلى الجزائر، ساهم محمد بوضياف في تنظيم اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي ترأسها، والتي كانت تشتهر باسم مجموعة الـ 22، وهي التي قامت بتفجير ثورة التحرير الجزائرية، وفي 22 أكتوبر 1956، كان رفقة كل من حسين آيت أحمد، أحمد بن بلة، محمد خيضر والكاتب مصطفى الأشرف الذين كانوا على متن الطائرة المتوجِّهة من الرباط إلى تونس، والذين اختطفتهم السلطات الاستعمارية الفرنسية في الجوّ، وقد عين عام 1961 نائب رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
بعد حصول الجزائر على استقلالها في 5 جويلية 1962، انتخب في سبتمبر من نفس العام في انتخابات المجلس التأسيسي عن دائرة سطيف، لكن ما لبثت أن حدثت خلافات بين القادة الجزائريين، ورأى بوضياف أن مهمة جبهة التحرير الوطني قد انتهت بالحصول على الاستقلال، وأنه يجب فتح المجال أمام التعددية السياسية، وفي سبتمبر 1962 أسّس حزب الثورة الاشتراكية.
وفي جوان 1963 تم توقيفه وحكم عليه بالإعدام بتهمة التآمر على أمن الدولة، ولكن لم ينفذ فيه الحكم نظراً لتدخل عدد من الوسطاء ونظراً لسجله الوطني، فتم إطلاق سراحه بعد ثلاثة شهور قضاها في أحد السجون بجنوب الجزائر، انتقل بعد ذلك إلى باريس وسويسرا، ومنها إلى المغرب، ومن عام 1972 عاش متنقلا بين فرنسا والمغرب في إطار نشاطه السياسي إضافة إلى تنشيط مجلة الجريدة.
في عام 1979 وبعد وفاة الرئيس هواري بومدين، قام بحل حزب الثورة الاشتراكية وتفرغ لأعماله الصناعية، إذ كان يدير مصنعا للآجر بمدينة القنيطرة في المملكة المغربية.
عاد محمد بوضياف في الوقت الذي كانت الجزائر تشتعل وتلتهب، فعاد للوطن حاملًا معه مشروع «إنقاذ الجزائر»، و عبّر عن ذلك في الكثير من المناسبات، وأنه هنا من أجل اقتلاع الفساد من جذوره والمحاسبة، قائلا: «جئتكم اليوم لإنقاذكم وإنقاذ الجزائر، وأستعد بكل ما أوتيت من قوة وصلاحية أن ألغي الفساد وأحارب الرشوة والمحسوبية وأهلها وأحقق العدالة الاجتماعية من خلال مساعدتكم ومساندتكم التي هي سرّ وجودي بينكم اليوم، وغايتي التي تمنيّتها دائما».
تمّ تنصيبه رئيسا للمجلس الأعلى للدولة في 16 جانفي 1992 لمجابهة الأزمة التي دخلتها البلاد غداة إلغاء المسار الانتخابي، بينما كان يلقي خطابا بدار الثقافة بمدينة عنابة يوم 29 جوان 1992 رمي بالرصاص من قبل أحد حراسه المسمى مبارك بومعرافي.
تخليدا له سميت عدة مؤسسات باسمه، من أبرزها: جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، جامعة محمد بوضياف للعلوم والتكنولوجيا (وهران)، مطار محمد بوضياف الدولي بقسنطينة، المركب الرياضي محمد بوضياف بالجزائر العاصمة، وعدة مستشفيات في كل من أم البواقي، البيض، قسنطينة، البويرة، ورقلة، عين الصفراء، عين ولمان، الخروب والطارف، دار الثقافة محمد بوضياف في برج بوعريريج، التكوين المهني محمد بوضياف في المشرية، عدة ساحات وأحياء وشوارع ومدارس، كما تم تسمية بلدية من بلديــات ولاية المسيلــة باسمه.