طباعة هذه الصفحة

المحتشدات ومراكز التّجميع في الولاية السّادسة..

تسليط الضّوء على السّياسة الجهنّمية لفرنسا لعزل الشّعب عن الثّورة

س ــ بوعموشة

تطرّقت الأستاذة ربيعة بوبشيش من جامعة الجلفة في مقال لها صدر بمجلة تاريخ المغرب العربي التابعة لمخبر الوحدة المغاربية عبر التاريخ، الى موضوع المحتشدات ومراكز التجميع في الولاية السادسة التاريخية، التي أنشأها الاستعمار الفرنسي بهدف خنق الثورة والقضاء عليها بعدما اتّسعت رقعتها في الولاية السادسة نظرا لاتساع مساحة الولاية، وأهميتها الإستراتيجية متصلة بأغلب الولايات الثورية كالولاية الخامسة والرابعة والأولى، وكذا شساعة حدودها البرية مع تونس والنيجر وليبيا، هذه الأخيرة التي تعد أهم حلقة في حلقات التسليح، مشيرة إلى أنّ سيطرة وحدات جيش التحرير على الحدود الليبية الصحراوية، يعني أنّ الثورة لا تزال تتنفس بفضل الأسلحة الضرورية لإتمام المعركة.
وأبرزت في هذا الصدد، سعي الإدارة الإستعمارية التي لم تدّخر أي جهد في سبيل الحد من النشاط الثوري، وخنق وحدات جيش التحرير بها، بالإستعانة بالحركات المناوئة في المنطوقة والمنسوبة للخائن بلونيس، وعملت على فصل الشعب عن جيش التحرير لضمان استبعاد الإمداد وقطع الإتصال بين كتائب جيش التحرير، وذلك عبر إنشاء المحتشدات ومراكز تجميع السكان.
أوضحت الأستاذة بوبشيش، أنّ اللجوء إلى إنشاء المحتشدات كان أمرا منطقيا يندرج في إطار المادة السابعة من قلنون حالة الطوارئ القاضي بالسماح لوزير الداخلية الفرنسي أو الوالي العام للجزائر في جميع الحالات نفي كل شخص يبدو نشاطه خطرا على الأمن والنظام العام إلى أي دائرة ترابية أو أي مكان محدد. كما عرفت هذه المراكز انتشارا واسعا مع مطلع سنة 1957 عبر التراب الوطني بهدف إعطاء الشرعية لهذه العمليات اللاإنسانية، حيث أصدرت السلطات الفرنسية قرارا بترحيل سكان الجبل بمختلف الطرق وبأسرع ما يمكن وإبعاد المئات من العائلات الجزائرية عن أراضيها وديارها بعد أن هدّمت قراها، وخرّبت مزارعها وأرغمت سكانها على الإحتشاد في مراكز أطلق عليها عدة تسميات منها الموت البطئ.
بالمقابل، أنشأت فرق الحركى والدفاع الذاتي والعملاء وتجنيدهم لخدمة أهدافها العسكرية، بحيث يطلق لهم العنان بممارسة الحبس والبطش والإرهاب وانتهاك الحرمات علنا ممّا يتسبّب في انعدام الثقة ونشر العداوة والبغضاء في أوساط سكان مراكز التجميع، وتحطيم المعنويات بتطبيق أساليب العمل النفسي، كما اعترف ضابط فرنسي قائلا: «كنّا ندخل إلى مراكز التجمع أشخاصا من أعواننا ونتظاهر بأنهم أسرى من جيش التحرير الوطني، ثم نأمرهم بضرب وشتم المناضلين الحقيقين لجبهة التحرير الوطني، ممّا يتسبّب في تحطيم معنويات المناضلين، بحيث يقولون ضربنا واعتدى علينا أولئك الذين كافحنا من أجلهم».
ومن المحتشدات قالت الأستاذة محتشد قلتة السطل الذي يقع شمال ولاية الجلفة بالقرب من حاسي بحبح على بعد حوالي 7 كلم على الطريق الوطني رقم 01، وهو أول معتقل رسمي في الجزائر أنشئ بداية 1955، محاط بالأسلاك الشائكة المزودة بالأضواء الكاشفة والحراسة المشددة ليلا ونهارا، ومحتشد عين الحمارة ومحتشد بول غازيل بعين وسارة، وكذا محتشد رؤوس العيون بالجلفة.