طباعة هذه الصفحة

أنا مجهول النسب

 تخيــــــل
أنك مولود و لاتعرف من هو أبوك و من هي أمك ..إختار إسمك موظف في مركز الأيتام ولكن الناس يسمونك باللقيط.. وإسم بيتك دار الأيتام
كل الناس تخلت عنك مع أن رسولنا أوصانا بك وقال أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة و أشار بأصبعيه السبابة و الوسطى ..
 تخيــــــل
في إحدى المرات كُنتَ واقفا كالعادة تشاهد الناس في الشارع ..الناس التي لها أهل ..و يمسك يدك المشرف التربوي و تدخل معه إلى مدير دار الأيتام ..و يسألك لم أطلت المكوث في الخارج مع أنه يجب عليك عدم الخروج..إلا برفقة أحد الموظفين..و تجيبه بكل حزن: كنت ياسيدي المدير أنظر إلى الأطفال و أسمع ضحكاتهم و لعبهم مع آبائهم و أمهاتهم..
وتمنيت أن أجد طيف من كان السبب في وجودي لأحتضنه و أعاتبه و أبكي على صدره و أنام بعدها وفقط ..
 تخيــــــل
أنك كبرتَ في دار الأيتام و أنتَ تحمل في صدرك معاناة لا يتحملها أغلب البشر.
مع أنك تعلَّمت و درست و ربما وُكِّلْتَ إلى منصب هام ..ولكن صدى ألمك فاق حدود التفكير و البحث عن هويتك التي ضيعتها لحظة طائشة غير محسوبة الخطى .. جعلتك منطويا وغير قادر على كسب صداقات لأن كل من يود التعرف عليك سيسألك: ماهو لقبك وماذا يعمل والدك..و غيرها من الأسئلة التي تتفاداها وتتحاشاها .مفضلا الوحدة و العزلة بقية حياتك.
 تخيــــــل
أنك فكرت بأنانية و تخليت عن المبادئ الكريمة و الأخلاق الطيبة..و انتهجت درب الخطأ و كررت سيناريو الظلم لضحية أخرى ..و تَنَصَّلْتَ من مسؤوليتك و ذهبْتَ بعيدا..إلى مكان لا أثر و لا ذكر له ..و يوم وفاتك تذكرت أنه يجب عليك أن تعتذر لمن خلفته وراءك باكيا وحزينا وضائعا مسلوب الكنية و الأصل ومحروما من حضن العائلة و دفئها ..وكل أمله كان في مناداتك بأبي و أمي .
 تخيــــــل
أنك فكرت في الإرتباط وتزوجت و أنجبت أطفالا وزرعت فيهم حب الناس و حب الخير و حب الحق و العدل..وكنت مثلهم الأعلى وقدوتهم في هذا العالم المليئ بالمفاجآت و الغموض و المجهول..وكنت حريصا على صحبتهم ومرافقتهم في كل مراحل حياتهم .. وبعد مرور الزمن شاهدت نجاحهم و تفوقهم في حياتهم.
فهل شعرت بألمي؟ وهل ستقف بجانبي؟­­ وهل سترعاني و تدافع عن أبسط حقوقي؟ و إن حدث و أن إلتقيت بمن هو مجهول النسب مثلي ..فضلا و ليس أمرا لا تهنه و لا تلقبه بما ليس له ذنب فيه.. وكن له داعيا للخير ولو بالكلمة الطيبة.. و شكرا لكل من تعامل معنا برفق وحب و لن نلوم من لم يشعر بتعبنا ..بل سنقول له تخيل للمرة الأخيرة أنك أنت أنا للحظة واحدة فقط.