طباعة هذه الصفحة

الشاعرة المبدعة سليمة مسعودي لـ«الشعب»:

المـرأة عاطفة الوجـــــود، مصـدر رقتــه وعذوبتـــه

باتنة: حمزة لموشي

الجزائريــة رفعــــت التحدي وتمثــــــل الأغلبية في الادارة، التعليم والمــراكز الحساسـة

حققت نجاحات كثيرة في الميدان، يعترف بها، بفض الأشواط الكبيرة التي قطعتها، مكنتها من إثبات ذاتها، لكن ببساطة وتواضع تقول إن أشياء كثيرة أخرى تتنظر تجسيدها أو الوصول اليها بتحد دأبت عليه. انها  الأستاذة الشاعرة بجامعة باتنة 01 سليمة مسعودي التي أكدت لجريدة «الشعب»، أن سعادتها لا تتحقق إلا بسعادة أسرتها و وطنها، لن يتحقق ذلك إلا بمزيد من البذل و العطاء و مزيد من التضحية، فقليلة هي الطرق المعبدة في الحياة، و قليلون هم المحظوظون الذين وجدوا سبلهم معبدة، فكل طرق الوصول لا بد لها من لحظة الانطلاق تجابه فيها رياح القدر الذي لا ينحني الا لمن يملك عزيمة قوية وإرادة فولاذية لا تقبل الرضوخ للمستحيل. القصة الكاملة لمسار الأستاذة في هذه الوقفة معها بصفحة «القوة الناعمة».

تعترف سليمة مسعودي الشاعرة و الناقدة الجزائرية، التي تشتغل أستاذ محاضر –أ- ، بجامعة باتنة1 بأن حضور المرأة و تحدياتها مكناها من أن تصبح أكثر مسؤولية من ذي قبل، كونها تشكل الآن الطرف الأكبر في إدارة الحياة على المستوى العام أو الأسري، ما يجعلها مشتتة بين مسؤوليات الأسرة و العمل و العلاقات الاجتماعية و العلم أيضا. إضافة إلى أنها تشكل نسبة الأغلبية في تسيير للإدارات والتعليم والمراكز الحساسة ونجحت إلى حد بعيد في إثبات وجودها ككائن منتج، وبقدرة لا تنضب على العطاء.

كائن منتج لا ينضب عطاؤه

عن موهبتها في الشعر أشارت مسعودي الى ان بوادر نسج الكلمات في سياق متناغم قد ظهرت منذ نعومة اظافرها، و كانت صورها الأولى التي تخرج من داخلها سليمة الشاعرة مع تعابير الإنشاء في المدرسة، حتى لفتت انتباه المعلمين الذين تفطنوا الى الشاعرة داخلها ما جعلهم يشجعونها على الكتابة، وهكذا مرت الأيام لتؤرخ لميلاد موهبة لا تعترف بالمستحيل حولها احساسها المرهف و روحها الحانية و حلمها بغد افضل الى بركان يتفجر كلمات ترسو بالنفس على شاطئ الإنسانية الراقية بمشاعرها الدفينة،.. تخرجت من الجامعة الاولى في دفعتها.

بدأت نشر نصوصها منذ التسعينات بالصحف الَمحلية، لتنقطع بعدها لفترة طويلة عن التواصل الثقافي وعن الكتابة بحكم الظروف التي منعتها من ذلك، لتعود بقوة مع تأزم الأوضاع على المستوى العربي، ليكون ما اصطلح على تسميته ربيعا عربيا ربيعا ازهر شعرا داخل سليمة التي ترجمت انتماءها العربي و الإسلامي في ابيات اختزلت الكلمات و معانيها في ابيات ترفض الخضوع و الخنوع.
من الفعاليات التي شاركت فيها مؤتمرات دولية و وطنية، ترأست لجان تقييم مسابقات وملتقيات شعرية دولية بحوزتها مجموعة شعرية مطبوعة «أناشيد الروح»، ومجموعتان قيد الطبع «أسفار المتاه فصول من كتاب الريح» و ثلاثة كتب نقدية قيد الطبع، كتابان حول الشعر المعاصر و كتاب في النقد الثقافي.

العلاقة بين الرجل والمرأة مبنية على مقاسمة الأدوار

عن علاقة المرأة بالرجل، أوضحت سليمة أنها تكاملية وهي سنة الخالق عز و جل جعله ناموس الحياة البشرية، كون الحياة في نظرها ليست صراعا من أجل البقاء بين المرأة و الرجل، بل تشاركية، تقوم على التفاهم و الاحترام، فهي لم تحس يوما –حسبها- إنها تعيش في مجتمع ذكوري، و الفضل يعود لوالدها -رحمه الله-، الذي لم يعاملها بنقصان قط أو انها اقل شأنا عن إخوتها الذكور، حتى بعد زواجها، لم تجد من زوجها إلا الاحترام و التقدير، رغم ما يدعيه الكثيرون من عنصرية «الشاوية» تجاه المرأة و تهميشهم لحقوقها، مدافعة بقوة عن نظرته للمرأة، المبنية على مقاسمة الأدوار في الحياة، دون التقليل من مكانة المرأة.
في تفاصيل حياة المرأة المبدعة، تؤكد مسعودي أنها لا بد أن تسعى لتحقيق أهدافها، وأن تتحدى إن جابهتها العراقيل والظروف الصعبة، كون التوقف في منتصف الطريق يعني هزيمة فادحة الثمن لأنها خسارة كيان توقف عن الوجود،.. كون الإبداع ليس شأنا كماليا في حياة المبدع، سواء كان رجلا أم امرأة، إنه ضرورة لا مناص منها، لأنه جزء من تكوين الذات وبنيتها في الوعي والتفكير، التخلي عنه هو هدم لمعمار الذات نفسها.
 لذا اضافت مسعودي لا بد من منح النفس فرص للتنفس عن طريق الإبداع، خصوصا في خضم ما تمر به الذات من تفاعل مع شتى المتغيرات و الظروف المحلية و الإقليمية و الدولية، إنها لمسؤولية مضاعفة –حسبها- أن تكون المرأة مبدعة في هذا الوقت المشحون بالأوضاع المتردية و المأزق، انطلاقا من تفشي الخراب و إشاعة القبح بدل جماليات الإنسان المتلاشية شيئا فشيئا.
تعيش هذا الزمن، و تشهد منعرجاته الخطيرة، غير انه يجب عليها الدفاع عن الجمال بكل ما أوتيها من طاقة الفن، الذي هو إثبات للجمال، و استعادة للقيمة، و إنقاذ للموقف الإنساني من بوهيميا التردي والخراب، هذه هي وظيفة المبدع، التي لا يختلف فيها الجنسان، و إن كانت المرأة مطالبة بدور أكبر باعتبارها عاطفة الوجود ومصدر رقته وعذوبته، إنها حاضنة الحياة و سر الحب و سيدة الجمال ومصدره، لذا عليها أن تستعيد بهاء العالم، و تنتشل قلبه من رماد الماديات و ثقافة الاستهلاك ومن ذئبيته القاسية.