طباعة هذه الصفحة

قصّة امرأة

«سليمة» أجهضها زوجها ليحرمها فطرة الأمومة داخلها

استطلاع: فتيحة كلواز

بعيدا عن الأرقام سنتكلّم اليوم عن امرأة عانت الأمرّين في مجتمع لا يعترف بتاء التأنيث، تلاعبت بها القواعد بين فتح وربط، سنتحدّث اليوم بعيدا عن الإحصائيات، عن «سليمة» المتحصلة على شهادة ليسانس في الحقوق وتعمل مستشارة قانونية في إحدى المؤسّسات الخاصة.
تزوّجت «سليمة» برجل وجدت فيه كل ما تبحث عنه فيمن تراه زوج المستقبل، كان عليها أن تقف في وجه عائلتها ورفضهم له لإقناعهم بقبوله كصهر...بالفعل رضخ الجميع لرغبتها وتزوجته بعد سنتين من الخطوبة، انتقلا إلى بيت الزوجية لتبدأ حياة جديدة من حياتها كانت تحمل داخلها الكثير من الأحلام والآمال لكن غالبا ما يكون الواقع صخرة تتحطم عليها أحلام البشر على بساطتها واختلافها.
لم تحتاج «سليمة» أكثر من سنة لتكتشف أمامها معالم الوجه الحقيقي لزوجها، الذي يراها مجرد حساب بنكي وممتلكات، فهي الخادمة التي تموّل حياته مع زوجته الأولى المقيمة في إحدى الولايات المجاورة، كان عليها أن تمر على تجربة الإجهاض لترى أمامها رجلا يرفض أي شيء يربطه بها سوى تلك الأرقام التي تكتبها على شيكات بنكية، أسقط حملها بضربها وركلها، أعلن «حقيقته» لدرجة تركها غارقة في دمائها فقط لأنّها أرادت أن تكون أمّا كيف لا وهي المرأة التي أحبته وكان بالنسبة لها الأب الذي فقدته وهي طفلة.
ركلات قليلة على بطنها وحاسوب محمول ضربت به على رأسها كانا كافيين لإنهاء حياتها الزوجية، التي دُفنت تحت قدمي ذاك الرجل الذي يعتبر من إطارات الدولة، رجل لم يستطع التخلص من النظرة القاصرة للمرأة في مجتمع لا يرحم، تطلّقت «سليمة» في سن 34 سنة لتجد نفسها وهي أشلاء إنسان مضطرة على العودة إلى عائلة السيد فيها «ذكر» لأن المجتمع يرفض رفضا قاطعا بقاءها دون وصي، ساعة خروجها من بيت الزوجية وعودتها إلى أهلها وجدت نفسها تحت وصاية إخوتها الذين كانوا بالنسبة لها «ناطور» حارس على «شرف» العائلة الذي اختزله مجتمعنا فيها.
وجدت نفسها بين فكّي رحى تعمل وتعطي ما تجنيه لإخوتها حتى تشتري سكوتهم على خروجها إلى العمل، ولا تضطر إلى البقاء في البيت، فهي تعيش في منطقة ريفية قليلات مثيلاتها من النساء ممّن يقدن سيارة أو يعملن في وظيفة قارّة، ورغم أنّها متخرّجة من الجامعة تخصّص قانون، إلاّ أنها رضخت للتقاليد والأعراف لأن الخروج عليها سيجعل عائلتها تتبرّأ منها، وهذا ثمن باهظ ليست مستعدّة بعد لدفعه.