طباعة هذه الصفحة

المرأة الوحيدة التي فضحت جرائم فرنسا ضد الجزائريات

إغيل أحريز عازمة على مواصلة النضال لمتابعة السفاحين من الجنرالات

سلوى. ر

وجدناها في المكتبة الوطنية بالحامة، مكانها المفضل مثلما تقول، تقصده يوميا،لأنها تجد راحتها بين الكتب والمجلات والانترنت،تتابع آخر الأخبار وخاصة تلك المرتبطة بنضالها المستمر لكشف المزيد من جرائم الاستعمار الفرنسي في حق حرائر الجزائر،بعد أن فجرت قبل سنوات قنبلة من العيار الثقيل، عندما سردت بكل شجاعة الإعتداء الوحشي الذي تعرضت له في معتقلات العدو في خمسينيات القرن الماضي.استقبلتنا المناضلة السيدة لويزة إغيل أحريز وفي يدها مجموعة من الوثائق التي جمعتها من أجل مواصلة متابعة فرنسا عن جرائم سفاحيها من الجنرالات، وتقول بكل ابتهاج أنها تحصلت على وثيقة قبل أيام فقط، تؤكد ما تحاول فرنسا تفنيده على أنه بعد قضائها أربع سنوات في معتقلات الاحتلال في الجزائر وفرنسا التحقت مباشرة بالجبهة،لكن الصحيح،وما تثبته الوثيقة التي تحصلت عليها في 17 أكتوبر الماضي من طرف أحد المؤرخين الجزائريين والتي لم تتمكن من الوصول إليها أبدا أن لويزة إغيل أحريز لا تزال موجودة في المعتقل الخاص،حسب الوثيقة المستخرجة من محافظة شرطة باريس.  
لم يتوقف نضال المجاهدة إغيل أحريز ضد الاستعمار الفرنسي عند سنة 1962 بل استأنفته في عام 2000 عندما قررت البوح بسر كان جاثما على صدرها وكانت مرغمة على ذلك بإلحاح من والدتها التي منعتها من كشف المستور، لتتغير المعطيات، أو هكذا كانت تعتقد المناضلة بعد وفاة  والدها ومرض والدتها ب “الهيزيمر” وإصابتها هي بمتاعب خطيرة في قلبها، قالت عندئذ أنه آن الأوان لكي تكسر “الطابو” وترحل إلى الدنيا الخالدة، لكن مشيئة الله أرادت عكس ذلك،إذ بقيت على قيد الحياة لكي تواصل مسيرتها النضالية،وهي في سن 76 عاما، دون ملل أو كلل،مستمدة قوتها من هذا الكم الهائل من التضامن والتآزر من كل شرائح الشعب وخاصة البسطاء منهم.  
تروي المجاهدة إغيل أحريز قصتها بكثير من الغصة لاتزال تخنقها إلى يومنا هذا،خاصة وأنها تشعر وكأن رفيقات النضال خذلنها، بعد أن اتفقت مع مجموعة منهن من العديد من الولايات، لكي تروين ما جرى لهن في سجون الاحتلال من تعذيب واعتداء على كرامتهن، غير أنه وفي اللحظة الأخيرة،امتنعت جلهن عن كشف المستور تجنبا للفضيحة مثلما بررن لها، لتجد نفسها وحيدة في معركتها.  
كان من الصعب عليها تحمل كل ما جرى لها،خاصة وأن رفقاءها في النضال من الرجال وحتى بعض المؤرخين لاموها على “جرأتها”. تقول السيدة لويزة إغيل أحريز أنها لم تجد أفضل طريقة للرد على ردود الفعل المستهجنة لاعترافاتها أنه كان على رفقاء السلاح الذين لايزالون على قيد الحياة الرجوع إلى حقبة الاستعمار عندما كان الجنود الفرنسيين يهاجمون القرى والأرياف ولايجدون المجاهدين المنسحبين من المواجهة لقلة عددهم ويتركون النساء والأطفال بمفردهم، ماذا يفعل بهم جنود الاحتلال وهم في قمة الغضب بعد فرار المجاهدين، هل يوزعون المؤونة أو الحلويات على النساء تقول المجاهدة إغيل احريز، بالطبع لا ، إنما يتعمدون النيل من كرامتهن.. جواب يكون قد أفحم المتطاولين عليها ليرد عليها أحدهم أنه منذ أن سمعوا هذا الكلام وهم ينظرون إلى زوجاتهم، إن كن يخفين شيئا ما؟؟!!  
خمسون سنة تمر على الاستقلال وعشية إحياء ذكرى اندلاع ثورة أول نوفمبر، هل ترى السيدة إغيل أحريز أن الجزائر اليوم هي في أفضل أحوالها ترد المجاهدة دون تردد، أن الاحوال الراهنة ليست في عظمة ثورة التحرير وأن عملا كبيرا ينتظر القيام به في جميع المجالات الحيوية سياسيا،اقتصاديا واجتماعيا وخاصة الاهتمام بالشباب الذي تقول عنه أنه أكثر وعيا مما يعتقد الكثيرون.    
وعن المرأة ودورها في المجتمع وبحكم نضالها الطويل في هذا المجال تعتقد محدثتنا أنه كان من الأفضل عدم اللجوء إلى سياسة الكوطة التي تراها صدقة ومحاولة لتزيين الواجهة تجاه الخارج ليس إلا، مشيرة إلى أنه كان من الأفضل لها أن تصل إلى ما تصبوا إليه بالجهد والتفاني وبكل الذكاء الذي تتميز به وهو نفس الشيء الذي فعلته المرأة في نضالها المتميز طيلة حرب التحرير الممتدة على 130 سنة.