طباعة هذه الصفحة

السيدة فضيلة دادي لـ “الشعب”

الرّئيس بوتفليقة كرّم المرأة بتعزيز مكتسباتها

باتنة: لموشي حمزة

حين يخفت نضال الرجال تبرز أكثر قيمة نضال المرأة، خاصة في الوسط المهني. هي السيدة فضيلة دادي من مواليد 1966 بباتنة، تلقّت تعليمها الابتدائي بمدرسة الشهيدة فطيمة برحايل، لتنتقل بتفوق إلى متوسطة حي النصر، أين حقّقت نجاحا أهّلها للالتحاق بمتقنة باتنة تخصّص محاسبة. وبعد نجاحها في البكالوريا بتفوّق، تمرّدت على ثقافة المجتمع، ملقية وراء ظهرها ثقافة “عيب وما تصلحش” وتلك العادات والتقاليد البالية، متابعة درب نجاحاتها المتواصل فحقّقت طموحها الأول وهو الانخراط في صفوف الجيش الوطني الشعبي.
التحقت بالمدرسة العليا للطيران، ثم بالمدرسة الوطنية للإدارة العسكرية بوهران لمدة 5 سنوات كضابط إدارة، وبعد تخرّجها برتبة ملازم في دفعة تتكون من 160 ضابط بينهم 8 نساء فقط على المستوى الوطني، انتقلت للعمل بالناحية العسكرية الخامسة بقسنطينة، والتي عملت كرئيس لمصلحة المستخدمين بذات المديرية بالناحية العسكرية، أين عملت تحت إمرة الرئيس الجزائري السابق اليامين زروال الذي كان وقتها يعمل قائدا للناحية العسكرية الخامسة، قبل أن يخلفه المرحوم الفريق محمد العماري قائد أركان الجيش الوطني الشعبي سابقا.
أشارت ضيفة جريدة “الشعب”، أنّ الوصول لمثل هذه المكانة يحتاج إلى جهد وعطاء وبذل، ولظروف خاصة جدا ــ حسب محدثتنا ــ طلبت شطبها من صفوف ضباط الجيش الوطني الشعبي. والجدير بالذكر أنّ جميع دفعتها العسكرية هم اليوم إطارات سامية بالجيش برتبة عقيد، لتلحق بالعمل كمسيّر لمصلحة المستخدمين لمدة 6 أشهر فقط، لتطلب مجددا تغيير مكان عملها وتلتحق بقطاع التربية بمصلحة الموظفين دائما بمديرية التربية لولاية باتنة لمدة 4 سنوات.
 اتنتقلت بحكم زواجها للعمل بمقر دائرة أريس  كوسيط إداري، حيث استطاعت تضيف المتحدثة  “التوفيق بين حياتي الزوجية وعملي وكنت أسيطر على كافة الأمور وأديرها بهمة عالية”، إذ تمكّنت ومن خلال تنظيم وقتها من إثبات نفسها والإبداع في كل شيء.
 فتحت فضيلة صفحة جديدة في حياتها، بعزيمة لا حدود لها، فأطلقت العنان لطموحها بعد تجربة زواج لم يكتب لها الاستمرار ولم تسمح ﻷي عقبة أن تقف في طريقها، فعادت للعمل بقطاع الداخلية بدائرة باتنة، منذ سنة 2000 إلى غاية اليوم، بمصلحة رخص السيارات، غير أنّ الفارق هو تكليفها من طرف رئيس الدائرة الحالي السيد صحراوي في منحها حسب ما أكدته لنا كل الحرية في العمل، حيث وظّف لها كل ظروف العمل الجيدة من الناحية المادية والتقنية والبشرية،
لتتحمّل بذلك مسؤولية رخص السيارات لخامس دائرة على المستوى الوطني، من حيث الكثافة السكانية، حيث أكدت محدثتنا، أنها عالجت رفقة زملائها في العمل 20 ألف ملف في سنة واحدة فقط، استطاعت أن تكون نموذجا مشرفا لسيدة جزائرية تعبت، كافحت، فحصدت نجاحا مشرفا يؤهّلها لتكون امرأة قيادية، إلا أن طريق النجاح على حد قولها لم يكن سهلا ومعبّدا أمامها، فواجهت العديد من الصّعاب والتحديات، لا سيما استمرارها في الوظيفة، من خلال تضحيتها بحياتها الخاصة على حساب تأدية وظيفتها على أكمل وجه.
أكّدت لنا أنّها تعمل حتى خارج أوقات العمل وتبقى بالمكتب لأوقات كثيرة تزيد عن السادسة مساء، وعزاؤها في ذلك تقول: “نظرات الفخر والإعجاب التي كنت أراها بعيني ابنتي الوحيدة أميرة وكل المواطنين الذين كنت في خدمتهم جعلتني أصمد”.
وحول يومياتها تقول: “يبدأ نهاري عند الخامسة صباحاً وينتهي عند الـ 11 ليلا، وأحياناً أشعر بأنني وصلت للذروة ولا يمكنني الاستمرار، لكن الهدف الذي أعمل من أجله وهو تعليم ابنتي، وأن أكون في مستوى ثقة المواطن والمسؤول الذي أعمل تحت إشرافه، يمدّني بالقوة من جديد لأتمكّن من تأدية واجبي على أكمل وجه”.
 وما تزال محدّثتنا تتذكّر أيام دراستها العسكرية، حيث مكثت لمدة عام بجبل مرجاجو بوهران، مصرّة على حبها للعمل في صمت، لأن هناك الكثير من النساء حسبها اللاتي يلعبن أدوارهن في المجتمع بشجاعة وصمت والإيمان، لتلتحق بعدها بحزب الأرندي كمناضلة، غير أنّها تفضّل النّضال في صمت، لهذا لم تترشّح لأي استحقاق انتخابي، كونها تحب النجاح المهني في تخصصها الإدارة والتسيير.
 توقّفت عن الكلام لبرهة وكأنّها تتزوّد بالعزم وتقول: “أحلم أن أكون رئيس دائرة”، لأنّها تؤمن بأنّ المسؤولية تكليف وليست تشريف، كما أنها تفضّل العمل في وظيفة تقدم من خلالها الأفضل للوطن والمواطن، مثمّنة مجهودات وإجراءات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في تكريس حقوق المرأة وتعزيز مكتسباتها المهنية والسياسية، فهو حسبها مكّن المرأة من تبوّء مناصب سامية في الدولة أثبت من خلالها جدارتها.
ونحن معها لم تتوقف ضيفتنا عن العمل، ولا عن توجيه الموظفين وحتى الخروج إلى الشباك للحديث مع المواطنين، وإقناعهم بجدوى الإجراءات المتخذة معهم، لنسألها عن طريقة ترأسها لمصلحة حسّاسة أغلب موظفيها رجال، فأكدت إنه على الإطلاق لا يجد زملاؤها في العمل أي إحراج، فالأمر يعود إلى شخصية المرأة وقدرتها على إثبات حضورها وفرض قرارها، فالإدارة ــ حسبها ــ لا تعني أبدًا التسلّط، ومن المهم جدًا التواصل الدائم مع الموظّفين والحرص على تأمين احتياجاتهم.
أكّدت أن امتلاك المعرفة والوعي والتحكم يمكن أن يجعلك مميزا، موجهة نصيحة للنساء بالقول: “النّاجح الحقيقي لا يبحث عن النجاح لنفسه فقط بل لكل من حوله، فكوني كالشجرة الورّاقة يستظل الآخرون بها ويأكلون من ثمرها”.