طباعة هذه الصفحة

صــاحبة أول قناة تلفزيونيـة خــاصة في حوار مع: «الشعب» سميرة بزاوية .. القصة الكاملة لاقتحام عالم الشهرة

الرسم على الحريــر، الخياطـة وتزيـين المنزل فجّر طاقتها

حاورتها : فضيلة دفوس

عرفتها في بداية مشوارها المهني، شابة تملك كلّ مقوّمات النجاح من طموح، إرادة، وذكاء .
البداية كانت بريشة الرّسم التي فجّرت طاقتها كمبدعة في الفنّ التّشكيلي والرّسم على الحرير، وسرعان ما اقتحمت مجال عروض الأزياء التي كانت تصمّمها بنفسها، لكن المعارض لم تكن لتشبع طموحها، فقرّرت إصدار مجلّة تجمع فيها إبداعاتها في فنّ الرّسم على الحرير والخياطة وتزيين المنزل، وهنا افتتحت شهيّتها لاقتحام عالم الطّبخ فكانت كتب «سميرة» التي لا يخلو منزل منها .
ولأنّ النّجاح يجرّ الآخر، كانت قناة «سميرة» أوّل ثمار فتح السّمعي البصري بالجزائر، وهي القناة التي تحتلّ المراتب الأولى في نسبة المشاهدة.
«الشعب»  التقت السيّدة  سميرة بزاوية صادق صاحبة قناة سميرة، ودار النشر «الرّيشة» ووقفت على مشوارها المهني وسرّ نجاحها المتواصل فكان  هذا الحوار معها.
«الشعب»: البداية دائما تكون بفكرة، فكيف راودتك فكرة طرق مجال السمعي البصري وإنشاء قناة «سميرة»؟
سميرة: قبل فتح قطاع السّمعي البصري، كانت الفكرة تراودني لانجاز حصّة طبخ خاصّة بي في قناة «فتافيت» داعية الصّيت آنذاك، وفعلا اتّصلت بإدارة القناة في دبي وبدأت تحضير برنامجي، وفي الأثناء تمّ فتح قطاع السّمعي البصري بالجزائر، وقلت «لم لا أطلق  قناتي الخاصّة، فطموحي أكبر من مجرّد حصّة طبخ أقدّمها في قناة عربية» ومباشرة بدأت اجراءات إنشاء قناة «سميرة».
ولم هذا الاسم؟
 اسم «سميرة» كان علامة مسجّلة، وكان عنوانا كبيرا لكتب الطّبخ التي تصدرها دار نشري، وقد أخد مني وقتا وجهدا كبيرين ليتعرّف عليه قرّائي، لهذا اخترته اسما للقناة التلفزيونية، فالتّرويج لها لم يأخذ منّي وقتا مادام الاسم كان رائجا من قبل إذ لا يخلو منزل من كتاب طبخ «سميرة».
 إنشاء قناة تلفزيونية ليس بالمغامرة السهلة، فكيف يجري عملك ولما قناة للطبخ تحديدا؟
 لا أعتقد أنّه يوجد مشروع أصعب من إنشاء قناة، فقبل اطلاقها فكّرت في مشاريع أخرى، كإنجاز مصنع للعصير، وكانت إدارته ستكون هيّنة مقارنة بإدارة قناة تتطلّب كلّ يوم إبداعا، أطباقا مميّزة وحصصا مبتكرة .. جمهوري لا يحبّ التكرار، إنّه يريد دائما الجديد ما يحتّم عليّ البحث باستمرار عن هذا  الجديد.
أماّ لماذا قناة للطبخ، فلأنّه اختصاص بدأته قبل أكثر من عقد من الزمن، لقد تخصّصت في كتب الطبخ وأنا أوّل من أصدر كتبا للطبخ في دار نشري «الريشة».
الطّبخ والخياطة ميدان بدأته في عزّ شبابي وسنّي لم يتجاوز الـ20 عاما، وأنا متمكّنة منه بالشكل الذي يجعلني قادرة على جعل قناتي تحتلّ الرّيادة في هذا المجال.
خوض السّمعي البصري، هل يحتاج إلى المال فقط أم إلى أشياء أخرى؟
 المشروع مكلّف جدا، ولكن لا نستطيع القول بأنّ أيّ واحد لديه المال يستطيع أن ينجح في إنشاء قناة، فهناك من يغامر بماله لكن في غياب الاحترافية والابداع لا تكون الاستمرارية والنجاح.
 قبل قناة «سميرة» كان هنالك مسار مهني متميّز، هل تكلّمينا عنه؟
 عندما كنت طالبة أدرس الاقتصاد بجامعة الخروبة، لم أكن أستفيد من المنحة، وللحصول على مصروفي الخاص، بدأت العمل في مدارس خاصّة كأستاذة للرسم على الحرير والفنّ التشكيلي، وهذه التجربة لم تكسبني كثيرا من المال بقدر ما أكسبتني الكثير من الخبرة وجعلتني أنتقل إلى مجال الابداع وعروض الأزياء والمعارض. وهنا بدأ جمهوري يطالبني بإصدارات، ومنه راودتني فكرة إصدار مجلّة تعنى بالخياطة والرّسم على الحرير، ثمّ أصدرت مجلاّت خاصّة بتزيين المنزل (تشكيل الورود بالقماش، طريقة طيّ مناديل المطبخ ) أي كلّ ما له علاقة بالفنّ والابداع.
حدثينا عن تجربتك في التلفزيون الجزائري، ومدى استفادتك منها لاحقا في إطلاق قناتك الخاصة؟
 اتّصل بي التلفزيون الجزائري كضيفة على حصّة «صباحيّات» لأقدّم ابداعاتي في مجال الخياطة والطّرز، ثم اقترح عليّ مدير الانتاج آنّذاك السيّد عوادي تقديم ركن قار كلّ اثنين وجمعة على المباشر، وقد بقيت في التلفزة لمدّة خمس سنوات ما أكسبني خبرة وشهرة أفادتني لاحقا.
ما موقع قناة «سميرة» ضمن كوكبة القنوات الجزائرية الخاصّة، وهل هناك منافسة مع ظهور قنوات متخصّصة في نفس المجال؟
 تمّ إطلاق قناة «سميرة» في 5 جويلية 2013، مع عيد الاستقلال، وهو تاريخ يعني الكثير بالنّسبة إليّ، ومن البداية حظيت بنسبة مشاهدة عالية، ما جعلها تحتلّ المواقع الأولى، وأصرّ على أن تكون في الرّيادة وتبقى فيها وهو التحدّي الكبير «فمن السّهل أن تصعد إلى القمّة لكن من الصّعب أن تبقى فيها».
أماّ عن المنافسة، فهي  أمر ايجابي وصحّي عكس ما قد يعتقده البعض، فأنا تعلّمت أن المنافسة تخلق الجودة، ولا يمكن أن نعرف الفائز إذا لم يكن هنالك سباق ومتسابقون .. المنافسة تحفّزني أكثر لمزيد من العمل والابداع، ولو كنت وحدي في الميدان لربّما انتابني العجز والكسل، ويبقى المؤكّد أنّني سأبقى الأولى.  
 «سميرة» سفيرة الطبخ الجزائري في الخارج
كيف تختارين الطّهاة الذين يمرّون عبر قناتك؟
 بما أنّه كانت لي دار نشر، فقد كنت أنتقي أفضل وأكفأ الطّهاة لإنجاز الكتب التي أصدرها، لهذا لمّا أطلقت قناتي كان لي 150 مؤلّفا في مجال الطّبخ، وكان إلى جانبي أمهر الطّهاة الذين انتقيتهم خلال سنوات، وقد وافق بعضهم على تقديم وصفاتهم عبر الشاشة، واكتفى البعض بالكتب، ووقفوا إلى جانبي وساندوني، واليوم يشكّلون أسرة «سميرة».
ورغم أنّ قناتي تشدّد على الاحترافية، فإنّها فتحت المجال واسعا لربّات البيوت اللاّتي لهنّ خبرة وتجربة في الميدان ليقدّمن حصصا خاصّة بالأطباق الجزائريّة الأصيلة، من خلال برنامجي «جنان لالّة» و»بنّة زمان».
 قناة ودار نشر، يعني توظيف يد عاملة وامتصاص بطالة؟
سواء القناة أو دار النّشر، فهي تستقطب يدا عاملة لا يستهان بها، والمرور عبر «سميرة» سمح للكثير من الطّهاة ـ  بعد أن أصبحت لهم شهرة وداع صيتهم في المجال ـ من فتح مدارسهم الخاصّة، وأشير إلى أن قناتي ساهمت في خلق وظائف حتى للمشاهدين، فكثيرات أصبحن يصنعن الحلويات في الأعراس والحفلات بعد أن تعلّمن صناعتها من كتبي وبرامج قناة «سميرة»، وقد اتّصلت بي ذات مرّة زوجة لرجل كفيف تشكرني على مساعدتها، فمن خلال حصّة «قسطبينة» تعلّمت صناعة وسادات العروس بتقنيات الحاشية والورود، وأبدعت فيها وأصبحت تدرّ عليها أموالا غنتها عن الحاجة ومدّ اليد.
وأنت تديرين مسؤولياتك، كيف هي معاملتك مع موظفيك؟
** أنا أختار دائما الموظفين القياديين الأكفاء الذين يساعدونني على تحمّل عبء العمل، إنّني محاطة بموظّفين في المستوى، اعتبرهم زملائي ونشكّل أسرة واحدة ما يجعل كلّ واحد يفتخر بانتمائه لقناة «سميرة». إنني أستمع للجميع وأمنحهم الحريّة الكاملة لطرح أفكارهم وإبداعاتهم.
برنامج مميّز في رمضان
قبل أسابيع من حلول الشهر الفضيل، ما هو البرنامج الخاص الذي تمّ إعداده بالمناسبة؟
لقد أعددنا برنامجا مميّزا لرمضان القادم مثل «شكون الشاف» من مدينة قسنطينة، و»جبنة ومقرونة « وآخر خاص بالمخبوزات ومسابقة للطهي السّريع، وهناك الكثير من المفاجآت تنتظر مشاهدينا.
 بعيدا عن انشغالك المهني، أنت زوجة وأمّ، فكيف تعيشين الدّورين وهل من توفيق في ذلك؟
الحمد لله زوجي هو ذراعي اليمنى فهو  مدير للقناة يتابع كلّ ما يتعلّق بالإدارة والأمور التقنية، في حين أتولىّ إدارة الانتاج، وبما أنّنا نشتغل معا فهو يتفهمني، ورغم عبء المسؤولية  ففي البيت أنا الزوجة والأم التي تضطلع بدورها كاملا، وأنا أحرص نهاية كلّ أسبوع لأكون مع أبنائي الأربعة وطبعا في العطل المدرسية نقوم برحلات إلى الخارج.
 في كلمة مختصرة ما هي عوامل نجاح سميرة؟
^^ عوامل النجاح هي الارادة  + الامكانيات، وبغياب واحدة لا تتحقق المعادلة.
وسرّ نجاح قناة «سميرة» هي أيضا روح الأخوّة التي تجمع الطاقم الذي يتفانى بإخلاص في أداء عمله، وبالمقابل فإنّ أجوره جيّدة وهو يستحقّها نظير ما يقدّمه.
هل تستهويك السياسة، وهل لك رغبة في ولوج عالمها؟
 عندما كنت شابة كانت تستهويني السياسة كثيرا، لكن بعد أن تزوّجت، وأصبحت لديّ مسؤولياتي أدرت ظهري لهذه الرّغبة وتركت السياسة لأصحابها، ولو أنّني اطلقت قناة عامة لكانت في الريادة.
وأعلمك أنه سبق وأن عرض عليّ الترشّح للانتخابات البلدية لكنّني رفضت لأنّ ذلك سيكون على حساب بيتي وعملي الذي أعشقه.
 أنت نموذج للنجاح فهل من كلمة للشباب؟
 التلفزة الجزائرية كانت أول خطوة في طريق نجاحي، لهذا أقول لأصحاب المواهب أطرقوا الأبواب فحتما ستفتح لكم، أظهروا مواهبكم فالنجاح حليفكم، خاصة وأن الظروف اليوم مساعدة، فهناك وكالة تدعيم الشباب والقروض التي تمنحها البنوك لتمويل المشاريع.
كلمة أخيرة
 يستوقفني الكلام المأثور لرئيس مجلس إدارة «ابل» الراحل ستيف جوبز عندما قال «من غير المنطقي أن نوظّف الأذكياء ثم نخبرهم بما عليهم أن يفعلوه، نحن نوظّف الأذكياء لكي يخبرونا بما علينا أن نفعله».
وهذه عملتي الرّابحة، فأنا أوظّف الأذكياء أستمع لهم، وأشجّع أصحاب المواهب على تحقيق أفكارهم وانجاز ابداعاتهم.
ويبقى في الأخير، أن أشير إلى أن قناة «سميرة « هي سفيرة الطبخ الجزائري  في الخارج وهي لذلك تسعى لتقديمه في أحسن حال.