طباعة هذه الصفحة

بورتري:

حسيبة بن بوعلى أصغر مجاهدة في القصبة

فتيحة /ك

اخترت اليوم أول شخصية لتكون موضوع البورتري شهيدة كان و ما يزال اسمها رمزا من رموز الثورة المجيدة و احد ابرز الأسماء النسوية التي تردد حول العالم اجمع ، هذا الاختيار لم يكن اعتباطيا بل هو مربوط بتاريخ استشهاد هذه القامة النسائية في ذات الثامن من اكتوبر رفقة ثلاثة من رفقاء الكفاح.
في الثامن من أكتوبر من سنة 1957 استشهدت اصغر مجاهدة في القصبة حسيبة بن بوعلي رفقة الشهيد علي عمار المعروف بـ«علي لابوانت” و ياسف عمار المعروف بـ«عمار الصغير” و حميد بوحميدي في القصبة بعدما فجرت قوات الاستعمار الفرنسي المكان بعد رفض هؤلاء الاستسلام،حتى يكون موتهم درسا في الوطنية و التمسك بالهدف رغم الظروف الصعبة، حتى و إن تطلب الأمر التضحية بالنفس و النفيس.  
ولدت حسيبة بن بوعلي في 18 جوان 1938 بالشلف ترعرعت هناك إلى أن بلغت الـ09 سنوات أين قرر والدها الاستقرار بالجزائر العاصمة حيث واصلت دراستها الثانوية عند بلوغها الـ 16سنة  التحقت بالاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، ولأنها تحمل في داخلها امرأة جامحة لا تقبل بالواقع المعاش  وبالموازاة مع ذلك كانت تنشط  في جمعية خيرية تسمى “كأس من الحليب” حيث اطلعت على حالة الفقر و العوز  التي كان يعانيها الجزائريون كما خضعت لدروس في الإسعاف بمستشفى مصطفى باشا ما مكّنها من الحصول على بعض المواد المستعملة في صنع القنابل، لتنضم  في وقت لاحق إلى مجموعة من الشباب الجامعيين على غرار الشهيد طالب عبد الرحمن و الدكتور دانيال تيمسيت لشبكة القنابل لياسف سعدي حيث كانت مسئولة على تموين المخبر و نقل و وضع القنابل بفضل مظهرها البدني.
و هناك كشفت عن واحدة من حراير الجزائر الرافضة للذلّ والهوان الذي يعيشه كل جزائري في كل مرة يرى فيها العلم الفرنسي يرفرف على كل ما يعتبر رمزا من رمز الدولة المحتلة في الجزائر، تركت حلم كل فتاة في بناء أسرة ، وحلم كل أنثى في أن تكون أما و نسيت أنها امرأة،و لم ترى منها سوى ما تستطيع تقديمه إلى الجزائر لتكون بذلك الابنة البارّة بأمها التي رضعت حبها حتى الثمالة.  
 ولعل الرسالة التي كتبتها المجاهدة إلى والدها قبل 23 يوما من استشهادها تعكس تلك الروح الطموحة إلى غد أفضل تشرق فيه شمس الحرية وبأسلوب بسيط أطلعته على قرارها الفاصل في الالتحاق بالثورة الجزائرية قائلة: “ إن الأمر فظيع عندما نكون بعيدين عن الأسرة، تعلمون أنني من المبحوث عنهم بكثرة بالجزائر العاصمة، يعني أنه لا يمكنني أبدا أن أفعل شيئا، فإذن قررت أنه من واجبي الالتحاق بالجبال حيث سأكون ممرضة أو حتى إذا اقتضى الأمر أن أحمل السلاح و هذا ما أتمناه من قلبي...”.....و في مقطع آخر:«لا تقلقوا بشأني بتاتا بل يجب التفكير بالأطفال الذين سيلتحقون بعدي بالمدرسة و الذين آمل أن يعملوا بشكل جيد (...). إذا مت لا تبكوا علي : سأموت سعيدة يمكنني أن أؤكد لكم ذلك.”
هي سطور قليلة لخّصت شخصية حسيبة التي لن تشك يوما بأنها تستطيع أن تكون واحدة من أولئك الذين صنعوا تاريخ الجزائر،ليبقى اسمها محفورا في ذاكرة أمة بحروف من دم طاهر طهارة الأرض التي أريق فيها،و به نعيش اليوم أحرارا تحت راية اكتملت بها هويتنا.