طباعة هذه الصفحة

لالا فاطمـــة نسومـــر... لبــــؤة جرجـــرة المقاومـــة

هي فاطمة سيد أحمد، وكلمة لالا تدل على التوقير، كما أنّها تعني في اللغة الأمازيغيّة السيدة، وُلدت فاطمة في وِرجة الواقعة بالقرب من عين الحمام عام 1830 ميلادي، وتُوفيت عام 1863 ميلادي في بني سليمان، وتعتبر هذه السيدة من أبرز وجوه المقاومة الشعبيّة في الجزائر في بدايات الغزوالفرنسي للجزائر.
وُلدت فاطمة لأسرة تنتمي إلى الطريقة الرحمانيّة، ووالدها هو السيد محمد بن عيسى مقدّم زاوية الشيخ سيدي أحمد، وأمها لالا خديجة، وتمّت تربيتها تربية دينيّة، وكان لها أربعة إخوة، تزوجت فاطمة وهي في السادسة عشر من عمرها حين قرّر والدها تزويجها من يحيى ناث إيخولاف، وكان من بني أخوالها، لكنّها رفضت الزواج منه بسبب رغبتها في إكمال تعليمها الديني، وعندما زُفت إليه تظاهرت بأنّها مريضة، فما كان منه إلا أن أعادها إلى منزل والدها ورفض أن يُطلقها، فبقيت على عصمته طيلة حياتها، وكان يغلب على حياتها مظاهر التنسك، والانقطاع عن الدنيا، والتفرغ للعبادة، وتعلمت العديد من العلوم الدينيّة مما أهّلها لتتولى شؤون الزاوية الرحمانيّة في مدينة بورجة، وعندما توفي والدها وجدت نفسها وحيدة دون أهل بسبب انعزالها الدائم عن الناس، مما دفعها لترك مسقط رأسها والتوجه إلى قرية سومر، حيث كان يقيم أخوها الأكبر المعروف بسي الطاهر.
 تأثرت لالا فاطمة نسومر بأخيها الذي كان يتميز بإلمامه بالعديد من العلوم الدينيّة والدنيويّة، مما جعله يصبح مقدماً للزاوية الرحمانيّة الموجودة في المنطقة الذي عاش فيها، وتعلمت منه العديد من العلوم الدينيّة حتى ذاع صيتها بين معظم القبائل. اتصلت فاطمة نسومر بالزعيم الجزائري المقاوم بوبغلة محمد بن عبد الله لتشارك في المعارك التي تُدار دفاعاً عن منطقة جرجرة، فشاركت معه في العديد من المعارك، وجُرح أبو بغلة في إحدى المعارك التي كانا يخوضانها، مما دفعها لإنقاذ حياته، وحينها طلب الزواج منها إلا أنّها لم تستطع بسبب بقائها على عصمة زوجها الأول، واشتركت فاطمة في العديد من المعارك التي كانت سبباً في إلحاق الخسائر بالقوات الفرنسيّة، مما دفع الجنرال الفرنسي روندون بتجهيز جيش بخمسة وأربعين ألف رجل والتوجه إلى مكان فاطمة للقضاء عليها وعلى جيشها المكوّن من سبعة آلاف متطوع من الرجال والعديد من النساء، وقتلت ما يقارب من العشرة جنرالات، وفيما بعد سُجنت مع مجموعة من النساء عام 1857 ميلادي، وتُوفيت في السجن عن عمر يناهز الثلاث والثلاثين من عمرها على إثر مرض عضال تسبب في إصابتها بالشلل.