في فترات الامتحانات، يبحث الطلاب المتمدرسين وأولياء الأمور على حدّ سواء عن طرق فعّالة لتحسين التركيز والذاكرة. وبينما يلجأ البعض إلى المكملات أو ساعات الدراسة الطويلة، تؤكد الدراسات العلمية أن الحل قد يكمن في شيء أبسط يمثل الغذاء اليومي.
في هذا التوجّه، تشير التقارير العلمية الصادرة عن هيئات علمية تتحدث عن “مدى إمكانية تحقيق الغذاء نتائج جيدة في الامتحانات” ويتناول هذا التقرير الذي نشرته إذاعة “البيبي سي” كيفية تأثير النظام الغذائي بشكل مباشر على الأداء العقلي، مشيرا إلى أن الطلاب الذين تناولوا وجبات متوازنة وحرصوا على شرب الماء خلال الامتحانات أظهروا أداء أفضل بنسبة تصل إلى خمسة بالمائة مقارنة بغيرهم. ويعود هذا جزئياً إلى أن بعض الأطعمة تحفّز تدفق الدّم إلى الدماغ، وتدعّم إفراز الناقلات العصبية المسؤولة عن التركيز والذاكرة.
الأسماك الدهنية والمكسرات.. غذاء الدماغ
ويدعم هذا الطرح أهمية تناول نوع معين من الأغذية مثل الأسماك الدهنية، نذكر من بينها السلمون والسردين، الغنية بأحماض أوميغا-3 الدهنية، لأنها تعرف بدورها الحيوي في بناء الخلايا العصبية. كما أن هذه الدهون تعزز التواصل بين خلايا الدماغ وتقلل الالتهاب الذي قد يعيق الوظيفة المعرفية. وتطرق موقع “هيد لاين” في مقال بعنوان “أهم الأغذية المناسبة للدراسة” يؤكد أن تناول هذه الأسماك مرتين أسبوعياً يمكن أن يحسن الانتباه طويل الأمد.كذلك، توضّح صحيفة “نيويورك تايمز بوست” أن وجبة إفطار مكوّنة من ثلاث مكوّنات فقط – مثل الشوفان مع الجوز والتوت – كفيلة بتحفيز وظائف الدماغ. للعلم يحتوي الجوز على وجه الخصوص على مزيج من الدهون الصحية، فيتامين E، ومضادات الأكسدة، ما يجعله غذاءً مثاليا لتحسين التركيز في بداية اليوم.
البيض والخضروات الورقية.. وقود الذاكرة
يُصنّف الاخصائيون البيض من بين أغنى المصادر الطبيعية بالكولين، وهو عنصر غذائي أساسي يستخدمه الدماغ لإنتاج الأسيتيل كولين، الناقل العصبي المرتبط بالانتباه والذاكرة. وقد أفاد تقرير صحفي علمي مؤخرًا بأن تناول كميات كافية من الكولين يمكن أن يحمي من التدهور المعرفي مع التقدّم في السن، ويزيد من القدرة على التركيز لدى الشباب.
أما الخضروات الورقية مثل السبانخ والكرنب، فهي غنية بالحديد وحمض الفوليك ومضادات الأكسدة. وفقاً لـما جاء في تقرير علمي آخر، فإن نقص الحديد – الشائع لدى المراهقين – قد يؤدي إلى ضعف التركيز والشعور بالخمول، مما يقلل من القدرة على التحصيل الدراسي. لذا، يُنصح بإدراج هذه الخضروات في وجبتي الغداء أو العشاء بشكل يومي.
أطعمة أخرى تدعم الذهن..
ويذكر أيضا أن البنجر (الشمندر) من الأطعمة التي تحسّن تدفق الدم إلى الدماغ بفضل احتوائه على النترات الطبيعية، كما تشير إليه المجلة العلمية “هيد لاين”. وينصح بتناوله في السلطات أو كعصير طبيعي قبل المذاكرة.
في السياق نفسه، يشير مقال بحثي آخر إلى أن الفلفل الأحمر والجزر – الغنيين بالكاروتينات مثل اللوتين والزيكسانثين – يدعمّان القدرة على التركيز خاصة عند دمجهما ضمن نظام غذائي متوازن مع الحبوب الكاملة والبروتين.
الماء والنوم.. مكمّلان أساسيان للتغذية
يعتبر المختصون أن التغذية وحدها لا تكفي، إذ إن ترطيب الجسم والنوم الجيّد يمثلان دعامتين رئيسيتين للأداء العقلي. فوفقًا لما جاء في دراسة علمية ذكرت أن الطلاب الذين شربوا الماء خلال الامتحانات تكون نتائجهم بشكل أفضل، بينما النوم لأقل من 6 ساعات في الليلة يؤثر سلباً على التذكر واتخاذ القرار. توصي الأبحاث بالحصول على 7–9 ساعات من النوم الليلي وتجنب المنبهات مساءً.
على العموم يتوجب التركيز على الأغذية الصحية فالغذاء ليس مجرد وسيلة لسدّ الجوع، بل أداة فعالة لتعزيز قدرات الدماغ. ومن خلال إدراج أطعمة مثل الأسماك الدهنية، الجوز، البيض، الخضروات الورقية، البنجر، والماء الكافي، يمكن للطلاب تحسين تركيزهم، وتعزيز ذاكرتهم، وتحقيق أداء دراسي أفضل - بطريقة طبيعية وآمنة-، وهذا ما تدعمه التجارب الواقعية التي أجريت على مجموعات بحث مكوّنة أغلبها من الأطفال والشبان خلال عدد كبير من الأبحاث العلمية على مدى سنوات المسار الدراسي الخاص بهذه الفئة.