طباعة هذه الصفحة

تقاريــــــر علميـــــــة تؤكـــــد إمكانيــــــة تفــــــادي العـــــــدوى

تأخير كشف فيروس “سي”.. خطير

جمعتها: نضيرة نسيب

 

رغم التقدم الطبي اللافت في السنوات الأخيرة، لا يزال فيروس التهاب الكبد الوبائي “سي” (HCV) يشكّل خطرا صحيا عالميًا، حيث يصيب نحو 50 مليون شخص حول العالم، كثير منهم لا يعلمون بإصابتهم. ووفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية الصادر في جويلية 2024، يتسبب هذا الفيروس، إلى جانب أنواع أخرى من التهاب الكبد، في وفاة أكثر من 1.3 مليون شخص سنويًا، بسبب مضاعفات مثل تليّف وسرطان الكبد.

تكمن خطورة الفيروس في كونه “عدوى صامتة”، إذ لا تظهر الأعراض على معظم المصابين في المراحل الأولى. وهذا ما يجعل الفحص المبكر ضروريا وحاسما في اكتشاف المرض قبل تطوره. ينتقل فيروس “سي” عن طريق الدم، سواء عبر عمليات نقل الدم القديمة، أو مشاركة الإبر، أو استخدام أدوات غير معقمة في الحلاقة أو الوشم أو بعض الإجراءات الطبية. وعلى عكس بعض المعتقدات الخاطئة، فإن الفيروس لا ينتقل عبر الطعام أو المصافحة.
علاج فعال وبسيط لا يصل للجميع
للعلم إن علاج فيروس “سي” لم يعد معقدا كما كان سابقا. فقد أدت التطورات العلمية إلى ظهور أدوية جديدة تعرف باسم المضادات الفيروسية المباشرة المفعول (DAAs)، تحقق نسب شفاء تتجاوز 95% خلال 8 إلى 12 أسبوعا فقط. وتشير دراسة نُشرت في مجلة  “دو لانصات “ في أفريل 2025 إلى أن أدوية محددة أصبحت تعالج جميع الأنماط الجينية للفيروس دون الحاجة لتحاليل معقدة، وقد صادقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على استخدامها أيضا لدى الأطفال.
رغم ذلك، تبقى الفجوة العلاجية كبيرة: أقل من 36% من المصابين تم تشخيصهم، و20% فقط تلقوا العلاج حتى الآن، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية. وتبقى الأسباب متعددة، من بينها ضعف حملات التوعية، ووصمة المرض، والخوف من التشخيص.
 الوعي هو أساس العلاج
في دراسة مصرية نُشرت في أفريل 2025، تبين أن نحو نصف المشاركين فقط يمتلكون معرفة كافية حول الفيروس، بينما يعتقد 55% منهم بشكل خاطئ أنه يمكن الوقاية منه باللقاح، رغم عدم توفر أي لقاح فعال حتى اليوم. الأمر ذاته يتكرر في العديد من الدول، خصوصا في المناطق الريفية وذات الدخل المنخفض، ما يبرز الحاجة إلى توسيع حملات التثقيف الصحي وتوفير الفحوصات المجانية.
 تجــــــــــــارب ملهمــــــــــــــــة..
على الرغم من التحديات، هناك تجارب ناجحة يجب تسليط الضوء عليها. ففي مصر، تمكنت حملة “100 مليون صحة” من فحص وعلاج ملايين الأشخاص مجانا، ما جعل منظمة الصحة العالمية تعتبرها نموذجا عالميا في مكافحة فيروس “سي”. وفي المملكة المتحدة، تقود هيئة الخدمات الصحية (NHS) حملة للقضاء على الفيروس بحلول 2025 من خلال استهداف الفئات الأكثر عرضة، مثل المساجين ومتعاطي المخدرات.كما بدأت عدة دول اعتماد اختبارات ذاتية سريعة تظهر النتائج خلال 20 دقيقة فقط، ما يساعد في الوصول إلى المصابين بشكل أسرع وأكثر سرية.
فيروس “سي” لم يعد مرضا يدعو للخوف أو اليأس. بل أصبح قابلا للعلاج والشفاء التام بفضل التقدم الطبي.
لكن القضاء عليه عالميا يتطلب أكثر من دواء: نحتاج إلى وعي مجتمعي، دعم سياسي، وجرأة على الفحص. نحتاج أيضا لخطوة واحدة نحو الكشف...قد تنقذ حياة كثيرين.