طباعة هذه الصفحة

الصّهاينــة فرضـوا جاهليـة جديدة

يعـود المسلمـون إلــى رشدهــم.. تستقيـم موازيـــن الكــون

بقلم: قمر عبد الرحمن
يعـود المسلمـون إلــى  رشدهــم.. تستقيـم موازيـــن الكــون
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

 العالم كلّه في حالة تربص حول سؤال..ما قيمة الإنسان؟ وأمريكا تفـجر كلّ المواثيق الإنسانيّة بحقّه، واسر ائيل تحصد رؤوس الأطفال في فلسـطين بالرصاص، وتهدم عليهم بيوتهم بالمتفجّرات، وتستبق ذلك بخطابات السّلام، وتجد المشاهد العربيّ المسلم مجبرٌ على الإنصات لكذبهم وتأويلاتهم الشّيـطانيّة، والمصيبة أنّ البعض مقتنعٌ ومصدّق، وبعد كلّ حربٍ ترتفع الأعلام الأمر يكيّة في كلّ مكانٍ لتقول هذه الحضارة والحريّة!

 ومفهوم هذه الحضارة الزائفة واضح، وهو فرض القوّة بالقوّة الظّالمة، ووضع الأيدي على مصادر الثّروات في العالم وخاصة البترول في البلاد العربيّة قبل الأجنبيّة، واحتكار السّلطة والتّحكم بالتّســلح في العالم كلّه، في وسائله وغاياته والسّيطرة بالرّعب على العالم أجمع، وهذا ما تفعله الآن في غـزّة لأنّها تختزن بباطنها أكبر احتياطي للغاز الطّبيعيّ المكتشف بحوالي 35 مليار متر مكعب وهو أكبر حقل للغاز الطّبيعيّ في المنطقة..
الكيان الصهيوني حرق غـزّة بمساندة من أمريكا ليقضي على حماس وسلاحها الذي دفعها للصّمود لعامين أمام أكثر الدول المتقدمة عدّةً وعتادًا، أمريكا تريد أن تخفي حمـاس وغايتها في التّحرر، بل تريد أن تمحق غزّة محقًا حتّى لا يُرى منها أيّ أثر، لاعتقادهم الجازم بأنّ (كلّ أهل غـزّة يعني حمـاس، وكلّ حمـاس يعني أهل غــزّة) ولكي لا تهزم هذه الفئة الحقيقيّة القليلة الفئة الباطلة الكبيرة..لأنّ تحرّر فلســطين سيشكّل عبئًا ثقيلًا على أمريكا والدول العربيّة، وستظهر مشكلةٌ أخرى لديهم في توزيع اليهــود حول العالم، أو إيجاد وطنٍ بديلٍ آخر لهم بعد كلّ هذا الوقت الطّويل وهي تحاول إقناع العالم أنّ فلسـطين هي وطنهم! علاوة على إيجاد من يستقبلهم بعد ما فعلوه في فلسطين! فصفاتهم المذمومة حديثُ العالم، وقد فُـضح إجرامهم في كلّ أرضٍ وطؤوها ولم يطؤوها، إضافة لنظرتهم الفوقيّة تجاه شعوب الأرض ممّا جعلهم منبوذين من الجميع! هذه هي الحضارة الأمريكيّة إذن، تريد أن تصبح هي “عاد الثّانية” التي لا يقدر عليها أحد، ونحن كمسلمين لا نحسد أمر يكا على هذا الطّموح، ولا نريد لأنفسنا تلك الزّعامة ولا نتطلع إليها أبدًا.
السّؤال الآن..كيف يمكن إعادة الرّوح للشّعوب المنــكوبة؟ كيف سيصدق النّاجي الوحيد في الحــرب سيرة التّاريخ مرّةً أخرى؟ كيف سيشع قلبه من جديد؟ سنعاود السّبق بالكلمة “اقرأ” نقدّمها للجميع على أوسع نطاقٍ وبكلّ اللّغات، وبالنّيابة عن جميع الحضارات وبدون مقابل. نعم إنّها الكلمة كلّ مرادنا، لا نريد أن نطلق صواريخنا على أحد، لا نريد أن نغزو أحدًا، بل نريد أن نغــزو الأرواح ونخاطب القلوب، ونحيي النّفوس، ونشرح الصّدور، أن نصلح ونغيّر ونطوّر بالكلمة، هذا هو الطّريق الإلهي للحضارة، ولم تعرف الحضارات طريقا آخرًا غير الكلمة، هي الأولى والأخيرة، إنّها الكتاب والجريدة والمخطوطة والمقال والتّاريخ والصّوت الحميم بالمعرفة والمحبّة والهداية والنّور لكلّ القلوب (الحضارة كلمة، والدّين كلمة، والسّلام كلمة، والفتح كلمة، والنّور كلمة، والتّقدّم كلمة) للكلمة طريق آخر للإصلاح غيّر طريق العنف بأنواعه.
فالكلمة تفـجّر ينابيع القلوب بدون متفـجرات
والكلمة تضيء ظــلام النّفوس بدون كهرباء
والكلمة تعالج جروح الضّمائر بدون جراحة
الكلمة هي المعجزة الإلهية،
هي كن فيكون، وهي نور البصائر.
إنّ أسراب طائرات التي تطلقها أمريكا والكيان الصهيوني على غـزّة، هي الجاهليّة بعينها، وأيّ حـربٍ تقودها هي تخــلّف، ماذا لو كان الحوار بالكلمة (الحقّ) ليس بالقنابل والصّواريخ، فالحضارة حوار، لكنّهم أجبرونا على مقاومة القوّة بقوّةٍ مثلها حتّى لو كانت أقلّ منهم بكثير، لكنّها جاءت جرّاء الظّــلم المتكرّر والمتعمّد على الأســرى داخل السّـجن والأسـ رى خارجه “الشّعب بأكمله” في المقدّسات والمدن، كما أنّ إصرارنا على مواجهة القوّة رغم الخسائر الفادحة في البشر والحجر وكلّ شيء، يبعث على رعب النّهاية في نفوس العدو.
إنّ ما يقوم به الكيان الصهيوني في فلسطين بإذن أمريكا عدوانٌ وتخلّفٌ وجاهليةٌ وعارٌ ووصمةٌ على كلّ تقدّمٍ زائف.
إنّ السّلاح وحده لا يحسم المعركة إلّا بين بلطـجيّة، وهذا ما يرعبنا اليوم بتولّي ترامب زمام العالم، أقصد “دمار العالم”..وهو لا يطفئ نارًا بل يشعل جحيمًا مهرولة الاشتعال، لذلك لا بدّ من الحوار لنودّع هذا العصر الذّميم، لكن هناك سؤالٌ آخر..كيف نحاور مجنونًا متهورًا؟
على الصّهاينة الجدد الاعتذار عمّا فعلوه في فلسطين عنهم وعن الصّهاينة القدامى، والرّحيل بصمتٍ وتسليمٍ قبل امتداد الحـرب لكلّ الدّول العربيّة واضطرار الجيوش خوض الحـرب الكبيرة المنتظرة ضدّ الكيان، لانعدام السّبل في حماية الشّعوب الجائعة والثّائرة في كلّ مكان، على الصّهاينة الجدد الاعتراف بالعرب والمسلـمين، والتّخلي عن النّظرة الفوقيّة تجاههم بصفتهم شعب الله المختار، وعليهم التّخلي عن فكرة الصهيونيّة التي أعمت أبصارهم. وترك الإسلام أن ينتشر كما الديانات الأخرى في المنطقة كحقٍّ صافٍ لكلّ المسلمين، والابتعاد عن دس السّـم والرّعب في كلّ ما يميل للمبدأ الإسلامي، وإن لم تعتذر وتنسحب، فمن المؤكد ستواجه نهايتها الحتميّة القادمة. مع العلم أنّ الصّهاينة يعبّرون في بعض الأحيان عن يقينهم الثّابت في أنّ المسلمين لهم الصّدارة في العلم والأدب والحياة، لكنّ جهل المسلمين الجدد ورجعيّتهم وتخلّفهم، هو ما دفع الصّـهاينة للتّطاول عليهم، والمصيبة الكبرى أنّ بقيّة المسلمين يوافقونهم ذلك في حالهم الذّليل!
وإذا كان هذا هو ظاهر الحال، فإنّه لا يمثّل كلّ الحقيقة، فعلوم الكيمياء والكهرباء والذرّة والالكترونيات التي سبقنا فيها العدو والغرب ليست كلّ العلم، وإنّما هي علوم الظّاهر من أمور الدّنيا، حيث قال الله تعالى: “يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون” فعلمهم الظّاهر لا يساوي شيئًا في العلم العظيم المكنون عند الله. والمسلم الحقّ عنده علم الآخرة وعنده العلم بالله، لكنّ المسلمين قد جهلوا مقدارهم ونسوا شرف العلم الذي انفردوا به، فأقبل الذّل عليهم من كلّ جانب، لأنّهم غفلوا عن الدّرجة الرفيعة التي خصها الله بهم، بصفتهم الدّعاة إلى البصيرة، وبصفتهم الحاملون لأشرف العلوم على وجه الإطلاق (العلم بالله)، فهل سيعود المسلمون لرشدهم حتّى تستقيم موازين الكون؟