طباعة هذه الصفحة

فترة غائبة ومهمّشة..

ما بعد النكبة.. أخطر مرحلة على الأسرى والمعتقلين

بقلم: عبد الناصر فروانة أسير محرر، ومختص في شؤون الأسرى
ما بعد النكبة.. أخطر مرحلة على الأسرى والمعتقلين
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

اعتبر مدير دائرة الإحصاء في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤونها في قطاع غزّة، أن الفترة التي أعقبت النكبة عام 1948 وحتى هزيمة عام 1967 واستكمال الاحتلال الصهيوني لباقي الأراضي الفلسطينية، من أخطر وأقسى الفترات بحق المعتقلين الفلسطينيين والعرب وأكثرها فظاعة واجراماً. إذ اتسمت باعتقالات عشوائية واحتجاز جماعي في معسكرات أعدت خصيصاً لذلك وتفتقر للحدّ الأدنى من الحقوق الإنسانية، فيما نُقل نفر قليل منهم إلى بعض السجون التي ورثها الاحتلال عن الانتداب البريطاني، وأن معظم الأسرى الذين احتجزوا في معسكرات الاعتقال هم من السكان المدنيين.


 وقال المتحدث إن تلك الفترة اعتمدت على التعذيب الجسدي وإلحاق الأذى الجسدي المباشر بالمعتقلين، في ما شكَّل الإعدام الجماعي والمباشر للأسرى والمعتقلين وللناجين من المجازر والهاربين من مسارح المذابح بعد توقيفهم واحتجازهم ظاهرة هي أخطر ما اتصفت به تلك الفترة. وأضاف: أن قوات الاحتلال قامت في تلك الفترة بدفن أسرى ومواطنين، جرحى وعزّل، وهم أحياء في حفر صغيرة وكبيرة بعضها حفرت خصيصاً لهذا الغرض، وهذه تشكل جرائم إنسانية.
 
وأوضح فروانة بأن تلك الفترة لا تزال غائبة عن تاريخ الحركة الأسيرة، ومهمشة من قبل المؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى حد كبير، ولم تحظَ باهتمام يُذكر سوى ما ندر في التوثيق والدراسات، ولم تُمنح المساحات الكافية في وسائل الإعلام لتسليط الضوء عليها سوى في المناسبات والذكرى السنوية للنكبة.
وبيّن إلى أن المؤرخين والباحثين يستسهلون الحديث عن الاعتقالات وما اقترفته قوات الاحتلال الصهيوني بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب منذ العام 1967 والاكتفاء ببعض العبارات في إشارة منهم لتلك الفترة، دون التعمق بالجوهر والمضمون، وهذا خطأ فادح يجب تداركه وتجاوزه.
 وأشار فروانة في الذكرى 77 للنكبة، أن قوات الاحتلال الصهيوني ومنذ النكبة عام 1948 انتهجت الاعتقالات السياسة، واعتمدتها منهجاً وسلوكاً يومياً ثابتاً، وأضحت ظاهرة يومية تؤرق الكل الفلسطيني، بل وانتهجتها كوسيلة لإذلال المواطنين والمواطنات والانتقام منهم وابتزازهم والضغط عليهم واستخدم بعضهم في كثير من الأحيان دروعاً بشرية.
واعتقلت في هذا السياق أكثر من 20% من مجموع السكان الفلسطينيين القاطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأقامت لهذا الغرض عشرات السجون والمعتقلات، وقتلت بشكل فردي وجماعي آلاف المواطنين العزل بعد توقيفهم واحتجازهم.
كما وتُعتبر نسبة الاعتقالات هذه هي الأكبر في العالم.
 وأكد على أنّ معدل الاعتقالات لم يكن ثابتاً، وإنما سار بشكل متذبذب، كما أنّ أشكال الاعتقالات هي الأخرى تبدّلت وتغيّرت وفقاً للظروف السياسية والأمنية، وظروف الاحتجاز اختلفت من فترة لأخرى، حتى أنّ أشكال التعذيب طُوِّرت واستحدثت. وأنّ بعض المراحل اعتمدت على الاعتقالات والتعذيب، فيما اعتمدت مراحل أخرى على التصفية والإعدام بشكل فردي أو جماعي. وأن نسبة الاعتقالات ومعدلاتها ارتبطت بعوامل وظروف عدة.
ودعا فروانة المؤسسات المعنية بقضايا الأسرى وحقوق الإنسان ومراكز الأبحاث والدراسات والتوثيق، ووسائل الإعلام المختلفة، إلى العمل الجادّ والحثيث من أجل توثيق تجربة الاعتقال بكافة مراحلها وأشكالها، وما صاحبها من انتهاكات جسيمة وجرائم فظيعة، وإيلاء الفترة الممتدة من النكبة عام 1948 وحتى استكمال احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967 الأهمية التي يجب أن تستحقها مع ضرورة كشف الحقائق التي واكبت تلك الفترة والفظائع والجرائم التي اقترفتها قوات الاحتلال الصهيوني بحق المدنيين الفلسطينيين والعرب.