طباعة هذه الصفحة

بن غفير في زنزانة الأسير مروان البرغوثي..

تصعيد ممنهج وانتهاك صــارخ للقانــون الدولي

بقلم المحامي: علي ابو حبله
تصعيد ممنهج وانتهاك صــارخ للقانــون الدولي
قييم هذا الموضوع
(0 أصوات)

في خطوة تعكس ذروة التحدي للقانون الدولي، أقدم وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير على اقتحام زنزانة الأسير القائد مروان البرغوثي في العزل الانفرادي، موجّهًا له تهديدات مباشرة.

لم تكن هذه الخطوة مجرد استعراض إعلامي، بل جاءت محمّلة بأبعاد سياسية ورسائل موجّهة للداخل الصهيوني، وللشعب الفلسطيني، وللمجتمع الدولي، في خرق فاضح لاتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
- أولاً: الأبعاد السياسية للزيارة
1. تعزيز صورة التطرف لدى اليمين الصهيوني
بن غفير، الذي ارتبط اسمه بخطاب الكراهية والتحريض ضد الفلسطينيين، أراد عبر هذه الزيارة أن يثبت لجمهوره الانتخابي أنه يترجم وعوده الانتخابية إلى أفعال، حتى لو كان ذلك على حساب خرق القانون الدولي.
2. استهداف الرمزية الوطنية للبرغوثي: مروان البرغوثي لا يمثل مجرد أسير فلسطيني، بل رمزًا للوحدة الوطنية والمقاومة، ويحظى بشعبية واسعة داخل فلسطين وخارجها. استهدافه يهدف إلى النيل من معنويات الأسرى وضرب نموذج القائد الصامد.
3. الهروب من الأزمات الداخلية: في ظل التوترات السياسية والاقتصادية داخل الكيان الصهيوني، يلجأ بن غفير إلى تصعيد الاستفزازات ضد الفلسطينيين لصرف الأنظار وتوحيد اليمين خلف أجندته.
4. اختبار سقف الردود الفلسطينية والدولية: الزيارة بمثابة اختبار لمدى استعداد الأطراف المعنية للتحرك ضد الانتهاكات الصهيونية العلنية، وهو ما قد يشجع على تكرارها إذا لم تواجه برد حازم.
- ثانيًا: البعد القانوني والانتهاكات الموثقة
وفق القانون الدولي الإنساني، يُصنَّف الأسرى الفلسطينيون، وخصوصًا القيادات السياسية والعسكرية، كـ «أشخاص محميين» بموجب اتفاقيات جنيف. وما قام به بن غفير يمثل انتهاكًا مباشرًا للمواد التالية:
- اتفاقية جنيف الثالثة (1949)– معاملة أسرى الحرب:
- المادة 13: «يجب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات، وحمايتهم من الإهانة ومن الفضول العام».
- المادة 14: «لأسرى الحرب الحق في احترام أشخاصهم وشرفهم».
- اتفاقية جنيف الرابعة (1949)– حماية المدنيين في وقت الحرب:
- المادة 27: «يجب حماية الأشخاص المحميين، وخاصة من جميع أعمال العنف أو التهديد، ومن الإهانة والفضول العام».
- المادة 32: تحظر ممارسة التعذيب البدني أو النفسي أو أي إجراءات ترهيب.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966):
- المادة 10/1: «يُعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني».
إن تدخل وزير سياسي في شؤون أسير محمي وتهديده علنًا، يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطة السياسية والإدارة المهنية لمرافق الاحتجاز، ويشكل إخلالاً بالتزامات الكيان الصهيوني كقوة احتلال.
- ثالثًا: الرسائل المبطنة
- للفلسطينيين: محاولة تكريس فكرة أن لا أحد بمنأى عن الاستهداف مهما كانت رمزيته.
- لليمين الصهيوني: تأكيد الزعامة داخل معسكر التطرف عبر استعراض القوة ضد الفلسطينيين.
- للمجتمع الدولي: استهانة صريحة بالقانون الدولي، وإيحاء بعدم وجود محاسبة أو تبعات.
- خاتمة وتوصيات:
ما أقدم عليه بن غفير ليس حادثة عرضية، بل جزء من سياسة ممنهجة تستهدف رموز الحركة الأسيرة وكسر إرادة الشعب الفلسطيني. وهو يشكل خرقًا واضحًا لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ما يستوجب:
- تحركًا فلسطينيًا رسميًا لتقديم شكوى عاجلة إلى المحكمة الجنائية الدولية بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي، التي تعتبر المعاملة المهينة للأسرى جريمة حرب.
- دعوة لجلسة خاصة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لمناقشة انتهاكات الصهاينة بحق الأسرى.
- تفعيل دور المنظمات الحقوقية الدولية في توثيق هذه الانتهاكات والضغط لفرض عقوبات على المسؤولين عنها.