طباعة هذه الصفحة

قصة قصيرة

«الرجل الطويل يغيب عن يوم الاستقلال»

عبد القادر رالة / الجزائر

 
كان الرجل الطويل ذو الشارب الكث ويرتدي البزّة العسكرية يحمل طفلة صغيرة بين ذراعيه وكانت تحمل الراية الوطنية صغيرة الحجم ... كانت تبلغ من العمر أربع سنوات وهي ابنة جاري الطيب وقد تعود ذلك الرجل الطويل أن يحملها ويُلاعبها كلما زار قريتنا، ويُخرج الحلوى من جيب سترته الداخلي ويقدمها لها فتشكره ولا تناديه إلا بعمي ...
واستشهد الرجل الطويل ذو الشارب الكث في معركة كبيرة عند منطقة دير الكاف غير بعيد عن قريتنا... كانت معركة كبيرة وقوية استشهد فيها سبعة رجال من خيرة وأشجع سكان منطقتنا وقد كمنت لهم كتيبة عسكرية كاملة تلقت وشاية من أحد الحركى...
وصارت الطفلة الصغيرة دائمة السؤال عنه لما يزورنا رفاقه فيقولون بأنه مسافر الى بلاد بعيدة لكي يشتري لها حلويات ألذّ، أما والدها الطيب فقد كان ينزوي بعيدا ويبكي حتى لا تراه ابنته، بينما نحاول نحن الجيران التهدئة من روعه ...
  تمسك شعبنا بحقه في الحرية،  وأبدى استعدادا لتقديم المزيد من الشهداء الأبطال فرضخت فرنسا وتنازلت عن تعنتها الاستعماري مرغمة ...
ويوم الاستقلال افتقدنا الرجل الطويل وسط الزغاريد و الأعلام الوطنية المرفرفة وحشود الناس المبتهجين المتجمعة عند مركز البريد ومركز الدرك ...
 والطفلة تسأل عن الرجل الطويل، فالفرحة العارمة والمسرة ناقصة بدونه.
لكن الطيب لم يتحمل أسئلتها ولم يتمالك نفسه فأجهش بالبكاء ثم احتضنها وهو يصرخ:
ـــ يا ابنتي الصغيرة ! الميلود لن يعود .... لن يعود...